توقيت القاهرة المحلي 15:01:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحمل في سياقها الحديث معنى مناقضًا لها في القدم

كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها

اللغة العربية
القاهرة - مصر اليوم

تطور استخدام الكلمات العربية، تطورا جذريا، وصل في بعض الأحيان أن تحمل الكلمة، بسياقها الحديث، معنى مناقضاً لها، في سياقها القديم. أو أن تشير الكلمة إلى فعل صار في الاستعمال الحديث فعلاً آخر. وهو من باب التطور الحضاري واللغوي الذي يثري اللغة ويجددها، خاصة إذا ما كان محافظاً على بنيتها النحوية، في المقام الأول.

وعلى الرغم مما يمكن أن تعنيه كلمات ذات محتوى ديني، مثلا، إلا أن أصولها في الاستعمال كانت تعود إلى سياقات مختلفة كليا، فتغيّر معناها تغيراً تاماً ولم يعد من الممكن استخدامها في الإطار السابق، بعد المعنى الممنوح لها، لاحقاً.

وتأتي كلمة الكُفر العربية الدينية الإسلامية، وتعني ما تعني الآن، كما هو معروف وثابت، ومنها الكُفّار، وتعود كلمة الكفر في أصولها إلى (التغطية) يقول (تاج العروس) مضيفاً أن الكافر ذو كفر، أي ذو تغطية لقلبه بكفره. ولهذا كانت كلمة (الكافر) تقال لأي لابس سلاح، لأنه (يتغطى) بسلاحه.

أقرأ أيضاً :

الحرب السورية تُهدِّد تاريخ أقدم نقوش أثرية عن اللغة العربية

وكان العرب يطلقون اسم الكافر على الليل المظلم، لأن الليل "يستر بظلمته كل شيء" أي يغطي، يوضح (التاج). ولهذا كان يستعمل: "كَفر الليلُ الشيءَ، وكفرَ عليه، (تعني) غطَّاه" وكان البحر نفسه يسمى الكافر لأنه يستر ما فيه، أي يغطيه ويخفيه. ومن هنا، كان يشار للفلاح الزارع، باسم الكافر، ذلك أنه يغطي البذور في التربة، والكُفّار هم الزرَّاع.

ولم يعد من الممكن، إطلاق اسم الكُفّار على الفلاحين الزرّاع، لأنهم فقط يسترون البذور بالتربة، بعدما صار معنى الكلمة باستعمالها الديني المستند أصلا إلى معناها الأصلي استناداً تاماً، يشير إلى ما تعنيه كلمة الكفر والكفار.

وككلمة الكفر والكفّار، تأتي كلمة التجديف والمجدّفين، فالمعنى الأصلي للتجديف، هو القطع وكانت تقال للطائر المستعد للطيران فيجدف بجناحيه، يرميهما خلفاً كما لو أنه يقطعهما، ولهذا كان يقال شاة جَدفاء، أي قُطِع من أذنها شيءٌ. وينقل مرتضى الزبيدي عن الأصمعي، أن التجديف الكفر بالنِّعَم، ويقال منه جدَّف تجديفاً. ثم يأتي التجديف بمعنى التضييق: مجدَّف عليه، أي مضيّق.

الملاّح يجدِّف وكذلك الرياضي
وينتقل الفعل إلى السفينة، فيجدف الملاح بها، ويجدف الرجل في مشيته، يسرع، والمرأة تمشي مشية معينة. ويشار إلى أن التجديف، من الكلمات العربية النادرة التي تستعمل في معنييها، الديني، والأصلي، معاً، دونما اضطراب، على العكس من كلمة الكفار مثلا، التي من غير الممكن أن يستعمل معناها القديم الآن. فالرياضي، يجدّف، وفلانٌ يجدّف، لو قال كلاماً مذموماً ضد الدِّين. لكن لا يمكن القول للفلاحين، إنهم (كُفّار) مطلقاً. لقد انتهى المعنى القديم للكلمة، وحل مكانه معنى مشتق من بنيته الدلالية الأصلية.

أما بالنسبة لكلمات لا تحمل مضموناً دينياً، فهناك الكثير منها التي كانت في مكان، وصار معناها في مكان آخر. تقوم مذيعة التلفزيون وتعلن عن بث (الحَلَقَة) كذا من المسلسل الفلاني، فيما (حَلَقَة) هي جمع للذين يقومون بفعل الحلاقة، حلاقة الشَّعر، وحَلَقة جمع حالق. ويؤكد ابن السكيت، يعقوب بن إسحاق، (186-244) للهجرة، في (إصلاح المنطق) بالنقل: "ليس في الكلام حَلَقة إلا جمع حالق، تقول هؤلاء القوم حَلَقةٌ للذين يحلقون الشَّعر".

يلعب الطفل.. سال لعابه!
ويقال الآن، مثلاً، إن قوى الأمن أخلت المكان، أو أن المستأجر يقول أخليت البيت، وفلان أخليت ذمتي، فيما "أخليتُ المكانَ، إذا صادفته خالياً" يقول ابن السكيت الذي يدلّنا على استعمال قديم لفعل "يلعب" هو الآخر، فيقول: وقد لعب الغلامُ، يلعب، إذا سال لعابه! فيما يتم استعمال اللعب، وبذات الجملة، حاليا، بمعنى اللعب الشائع، بدون أي ارتباط باللعاب الذي يسيل من الفم. أي من الممكن أن يلعب الطفل، دون أن يسيل لعابه، بالضرورة.

ولعل كلمة الكتابة لها نصيب من تغير المعنى، فالكَتْبُ، يتضمن معنى الربط وجمع طرفي أي شيئين ببعضهما البعض، فكان يقال "كَتَبْتُ البغلة، إذا قاربتُ بين شفريها بحلْقة" أي جمعهما. ومنه معنى الكتابة الحالي الذي يفترض معنى الربط والجمع، إنما لا يمكن القول حالياً، كتبتُ البغلة بالاستعمال القديم، مطلقاً، لأن كتبتُ الآن تعني الكتابة، حصراً.

أضفت فلاناً.. في بيتي!
ويقول الآن، جماعة وسائل التواصل الاجتماعي، أضفتُ فلاناً إلى قائمة الأصدقاء، وهو استعمال يلتقي مع كل معاني الإضافة المعروفة والصحيحة. إلا أن ابن السكيت، يخبرنا أنك لو قلتَ "أضفتُ الرجلَ" أي أنه نزل عليك، ضَيفاً. فيما نستعمل اليوم فعل أضفتُ بمعنى زيادة الشيء بالشيء، ولو استقبلنا أحداً في بيوتنا، نقول "استضفناه" لا أضفناه، لأن الأخيرة بات معناها محدداً بمعنى إضافة الشيء إلى الشيء، فقط.

وكان العرب، مثلاً، يستعملون الكلمة بالمعنى ونقيضه، فيقولون "أخفيتُ الشيءَ، إذا كتمته" لكنهم يقولون: "خفيته، إذا أظهرته" ويضيف ابن السكيت: "فهذا المعروف من كلام العرب" مضيفا بالنقل: "ويقال أخفيته في معنى خفيته، إذا أظهرته". وهي مما لا يمكن العمل به الآن في اللغة المعاصرة نظراً لما ينطوي عليه الأمر من "مخاطرة" دلالية مفزعة، فإذا قال الشخص الآن "أخفيت الأمر عن فلان" فهذا يعني حصرياً، أنه لم يطلعه عليه.

وتنقلب معاني الكلمات إلى عكسها أحياناً، من مثل كلمة (الغابر) التي تعني (الباقي) ولهذا كانت البقية من اللبن التي تبقى في الضرع، تسمى (الغبْر). فيما تستعمل الآن كلمة (الغابر) بمعنى الماضي، ويقال "الغابر من الأيام" أي الفائتة، بينما الغابر ما بقي، لا ما رحل وانقضى.

ومن الكلمات العربية المعاصرة التي "طلَّقت" أصلها الاستعمالي القديم، النعش والإنعاش، فالنعش الرفع، ولهذا سمي النعش نعشاً، لأنه يرفع أو لارتفاعه. ويقال الآن مشروب منعش" أو "غرفة الإنعاش" فكيف لغرفة "الإنعاش" الطبية أن تأتي من ذات المكان الذي جاء منه "النعش" المرتبط بالموت؟

المحسوس هو المقتول؟
العرب كانت تقول دعاء "نعشه الله" بمعنى رفعه الله، لكن ابن السكيت يؤكد: "لا يقال أنعشه الله" وهي التي ترد حاليا وتكمن خلف الإنعاش والمنعش، وليس من الممكن تجاوز الاستعمال العصري للكلمة الآن. لكن على خلاف ما قاله ابن السكيت، يؤكد (القاموس المحيط) بأنه من الممكن القول "أنعشه الله" مشيراً إلى مصدر ما يستعمله الناس الآن في كلمة أنعش، فيوضح: "وانتعش العاثرُ، انتهض من عثرته" مضيفاً وناقضاً ما ورد في (إصلاح المنطق): "نعّشه تنعيشاً، قال له أنعشك الله".

ومن الجدير بالذكر أن الكلمات التي أصبحت حاملة معناها الديني، وحسب، منقطعة عن أصلها الاستعمالي القديم، كثيرة، ومنها اللعنُ، الذي يعني الطرد والإبعاد، يقول تاج العروس: "لعنه لعناً، طرده وأبعده عن الخير".

ويقول ابن سيده، علي بن إسماعيل، المتوفى سنة 453 للهجرة، في (المحكم والمحيط الأعظم): "لعنه، طرده". وفي (القاموس المحيط) لعنه، طرده، ومثال الكلمات العربية التي تغيّرت معانيها القديمة، وحلت مكانها معان أخرى، كثيرة، منها كلمة المحسوس التي نستعملها الآن في الشعور والإدراك، ولا يمكن لنا استعمالها إلا بمعناها الحالي، فيما "المحسوس هو المقتول، من حسَّه إذا قتله" حسب ما ورد في كتاب (ذيل فصيح ثعلب) لموفق الدين بن الحافظ البغدادي النحوي 555-629 للهجرة.

قد يهمك أيضاً :

مجموعة "كلمات" تعقد جلسات قرائية تفاعلية للأطفال بحضور مؤلفيهم المفضلين

دار "كلمات" توجِّه رسالة إلى الأطفال والكتّاب في مهرجان الشارقة

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها كلمات عليك الابتعاد عنها في اللغة العربية بسبب تطور استخدامها



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon