طرابلس (ليبيا) - مصر اليوم
ربما يرى البعض أن الحياة اليومية في ليبيا تم اختزالها لصالح الاشتباكات والحرب التي تهيمن عليها منذ تسعة أعوام وأكثر، لكن هناك من يلفت النظر إلى أن هذا البلد الغني بالنفط والمواهب أيضاً، لا يزال قادراً على انتزاع نصيبه من البهجة، عبر مسارات كثيرة، أهمها الفن والإبداع.من هذه الزاوية انطلقت الفنانة الليبية فريحة الكواش (45 عاماً)، في رحلة إبداعية عكست خلالها شيئاً من التأثر بالمورث الشعبي لبلادها عبر أعمال فنية جسدت فيها حب الطبيعة، وبساطة التناول. ويمثل الرسم بالنار أبرز ملامح ما تتناوله الفنانة، التي تخرجت في قسم التصوير بكلية الفنون والعمارة عام 1999، حيث أنتجت عشرات الأعمال التي استلهمتها من الطبيعة التي تتميز بها بلادها، زينتها بالخيول والأشجار، والنباتات، والناس والبيوت القديمة.
تقول فريحة التي تعمل مُعلمة للرسم بوزارة التربية والتعليم بليبيا، في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، إن للفن البصري، أو التشكيلي دوراً كبيراً كالإعلام والسينما والتلفزيون، وربما يكون أكبر؛ «فهو ينقل ما يحدث في المجتمع من صراعات وحروب وظواهر سلبية، حدث ذلك منذ العصور القديمة ويحدث الآن، كالرسم على الجدران أو الحفريات والفسيفساء».
وفريحة الكواش، التي تسكن قرية أم الرزم القريبة من مدينة درنة (شمال شرقي ليبيا)، شاركت في معارض كثيرة منذ بدايتها في طرابلس والبيضاء ودرنة اقتصرت أولاً على الرسم بالزيت والرصاص، لكنها منذ عام 2011 اتجهت للرسم على الخشب باستخدام أسلوب الحرق بالنار؛ وتضيف «بعد انتهائي من مرحلة الرسم بالألوان فايبر كاستيل، اتجهت لمزج الألوان عند حرق خشب في بعض الأعمال».
ولا تخفي الفنانة الليبية تأثيرات الحرب على المبدعين في بلادها، «نحن في (أم الرزم) لم تصلنا الحرب، لكن وصلتنا تبعتها، فكان هناك (شهداء) ونزوح لبعض العوائل من درنة إلى قريتنا»، ورأت أن «الحرب قد تلهم الفنان وتلهب مشاعره، وخاصة عند الانتصار فيها، لكن النزوح وعذابات المواطنين يفقده الشغف، وبالتالي يظل تأثيرها السلبي أكبر». وذهبت إلى أن القلق الناتج من الأوضاع غير المستقرة «يأكل أفكار الفنان ونفسيته، ويصبح فاقداً للشهية»، فضلاً عن أن «كثرة الموت والتهجير والقتل والذبح تعزز الإحساس بالإحباط والقهر والغضب، لكنه يظل رغم ذلك قادراً على الإبداع، وإن جاءت أعماله عاكسةً لبيئته ومحيطه»
قد يهمك أيضًا:
تشكيلية مصرية تصنع من "الفرح" حالة فنية على أرض الواقع
العصامية المغربية فاطمة ملال تدمر قيود الزمان وتبلغ العالمية
أرسل تعليقك