منعت الرقابة على أخبار كوفيد-19، على موقعي "يوتيوب" و"فيسبوك"، تداول فيلم وثائقي يتناول مؤامرة عن "الجائحة المخططة" Plandemic لتمنحه بذلك قبلة الحياة.
بعد تضييق الخناق على الفيلم، وعقب حذفه من "يوتيوب"، وإخضاع محركات البحث للرقابة على كلمة "Plandemic"، واستبعاد أي من وسائل الإعلام التي تعرض وجهة نظره.. ترى ما هو الخطير في هذا الفيلم؟
لقد انتشر الأسبوع الماضي مقطع دعائي مدته 23 دقيقة من الفيلم الوثائقي، حقق عشرات الملايين من المشاهدات عبر منصات متعددة. ومع ذلك، سرعان ما تلا ذلك احتجاج إعلامي، حيث قامت وسائل الإعلام الرئيسية بنشر "تدقيق للحقائق"، وكشف عن الادعاءات الموجودة في الفيلم، وسرعان ما قام موقعا "يوتيوب" و"فيسبوك" بحذف الفيديو من جميع الصفحات التي نشرته، استنادا إلى القواعد الجديدة بشأن "المعلومات الزائفة" حول كوفيد-19.
لكن الرقابة، والحذف، هي أيضا طريقة مؤكدة لإثارة الاهتمام بنفس الشيء الذي تحاول فرض الرقابة عليه، وتدفع بكل تأكيد لإعادة النسخ، والتحميل، وإعادة الرفع للمحتوى على منصات ومواقع أخرى، لينتشر ما تود التعتيم عليه كالنار في الهشيم، بدلا من أن يطويه النسيان.
فمن وماذا وراء الفيلم الوثائقي المحظور؟
الدكتورة جودي ميكوفيتس، هي الشخصية المركزية في الفيلم الوثائقي "الجائحة المخططة"، والتي تزعم بشكل أساسي أن "المليارديرات من أصحاب براءات الاختراع" هم من يؤججون انتشار فيروس كورونا لارغام البشر على "السموم التجريبية" على شكل لقاحات.
ادعاءات جريئة للغاية. لكن تنقصها الموضوعية وعدم التحيز، حيث كانت ميكوفيتس نفسها ناشطة في مجال مكافحة اللقاحات ودوائر هامشية في تخصص الفيروسات لسنوات، على الرغم من تصريحها في الفيلم أنها "ليست ضد التطعيم".
في الماضي، كانت ميكوفيتس باحثة في مجال مرض السرطان، وطبيبة متخصصة في الفيروسات، وتصدرت إحدى فضائح المجتمع العلمي، حينما نشرت ما أطلق عليه آخرون بحثا زائفا عن "متلازمة التعب المزمن" Chronic Fatigue Syndrome. أعقب تلك الأحداث الدرامية، تفتيش، واعتقال من منزلها في كاليفورنيا، استخدمت في الفيلم الوثائقي "الجائحة المخططة"، لإثبات صراعها المزعوم مع مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية ومستشار الرئيس الأمريكي لشؤون فيروس كورونا، أنتوني فوسي.
تدعي ميكوفيتس أن فوسي شخصيا "دفع" للسلطات كي تعتقلها وتحتجزها دون محاكمة. لقد قبض بالفعل على ميكوفيتس في نوفمبر عام 2011، بتهمة سرقة مواد مختبرية من مختبر نيفادا، الذي كانت تعمل به قبل طردها (ادعت ميكوفيتس أن هذه المواد "زرعت" في منزلها). ثم رفضت التهم الجنائية التي وجهت لميكوفيتس، لكنها ارتبطت بمشكلات قانونية مع رب عملها السابق، هارفي وايتمور.
ادعاءات خالية من البراهين
بالطبع يتكون الجزء المركزي من الفيديو، وهو ما تتميز به جميع الفيديوهات التي تناقش نظريات "الجائحة المخططة" Plandemic، من ادعاءات متعلقة بكوفيد-19، تقدمها ميكوفيتس.
تتراوح هذه الادعاءات بين أن ارتداء أقنعة الوجه الطبية "تنشط الفيروس لديك" (وهو أمر لا دليل عليه)، وبين التأكيد على أن انتشار فيروس كورونا الفتاك في شمال إيطاليا "مرتبط" بامتصاص التطعيم ضد الإنفلونزا في العام السابق (وهو ادعاء يبدو أنه مبني على تفسير مضلل لدراسة واحدة ذات صلة بالموضوع، وليس على أي بحث جديد).
كذلك تبدو حجة ميكوفيتس المركزية، أن اللقاح النهائي لفيروس كورونا سوف "يقتل الملايين من الناس"، واهية لأن ذلك أمر من المستحيل إثباته. وكذلك يتضح زيف ادعاءاتها بأن فوسي "سيربح شخصيا من أي لقاح"، وأنه يتربح من عوائد علاج الإيدز الذي حصل على براءة اختراعه في التسعينيات من القرن الماضي، حيث أن فوسي وضع اسمه على براءة الاختراع فقط لأن اللوائح تتطلب ذلك، لكنه في الوقت نفسه تبرع بكامل المبلغ للجمعيات الخيرية.
ومع ذلك، فوسط النظريات التي لا تستند إلى أي أدلة أو براهين، تتطرق ميكوفيتس إلى بعض الحقائق. فالحكومة الفدرالية تدفع للمستشفيات مبلغا محددا من المال لعلاج مرضى فيروس كورونا هو 13 ألف دولار، يرتفع إلى 39 ألف دولار إذا وضع المريض على جهاز التنفس الاصطناعي. وتصر ميكوفيتس على أن وضع مريض كوفيد-19 على جهاز التنفس الاصطناعي لا يفيده، وإنما يتم فقط لزيادة الإيرادات.
من بين عيوب الفيلم أيضا، هو أن الادعاءات الواردة فيه مفككة، وبدلا من العمل على إظهار الهدف الرئيسي في إظهار "الخطة الشريرة" التي يضعها فوسي، ويبشر بها بيل غيتس لـ"تسميم" الجماهير، وينتقد الأفكار السائدة بشأن الفيروس، يبدو الفيلم كأنه مكرس فقط لتشويه صورة مستشار الرئيس ترامب لشؤون فيروس كورونا، أنتوني فوسي.
على سبيل المثال، عرض الفيلم على نطاق واسع، كيف منحت منظمة فوسي ملايين الدولارات لمعهد ووهان للفيروسات لتمويل دراسته لفيروسات كورونا، بعد أن حظرت الحكومة الفيدرالية مثل هذه الأبحاث في الولايات المتحدة الأميركية، ولكنه لا يوفرأي دلائل تربط بين فوسي والجائحة الحالية.
حينما تمنع معلومات كهذه، فأول ما سيفكر فيه الناس، هو ما قاله مؤلف مسلسل "صراع العروش" على لسان أحد أبطاله: "حينما تقطع لسان الكاذب، فأنت لا تثبت كذبه، وإنما تخبر العالم أنك تخشى ما قد يقوله".
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ
"تنظيم الاتصالات" الإماراتية تتفاوض مع "غوغل" لإطلاق "يوتيوب كيدز"
سلطات مكافحة الاحتكار في إيطاليا تجري تحقيقاً بشأن "غوغل"
أرسل تعليقك