توقيت القاهرة المحلي 05:04:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يقدم عروضًا عدة ويشاهده مختلف الأعمار

"المسرح الرحال" في المغرب متعة للفقراء‏

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - المسرح الرحال في المغرب متعة للفقراء‏

صورة أرشيفية للمسرح الرحال
الرباط  ـ بوعمرو العسراوي

الرباط  ـ بوعمرو العسراوي ينتشر"المسرح الرحال" أو "المتنقل" بين سكان الأحياء الفقيرة في ضواحي المدن المغربية، فيساعدهم في نسيان معاناة وضعهم الاجتماعي فهو يعد تجربة فنية غنية ذات بعد اجتماعي عميق.  تنتاب فرحة عارمة لطفل يلعب بحبيبات رمل على شاطئ البحر، يعثر على "صدفة" جميلة رمى بها الموج إلى الشاطئ ، فيأخذها فرحا بين يديه و يسرع الخطوات تجاه والديه ليريهما ما عثر عليه، دون أن يدري ما هي حقيقته، فقط هو شيء أخذ ببصره وفجر فرحًا ومتعة في داخله، هكذا يمكن وصف مشاعر الأطفال والراشدين الذين يحضرون عروض المسرح الرحال في ضواحي المدن الهامشية في المغرب، أمثال عمر وعلي وفاطمة.
بدا عمر وعلي وفاطمة، وهي أسماء مستعارة، وهم يغادرون الساحة المتربة الممتدة في حجم ملعب لكرة القدم، بعد انتهاء أحد العروض  الفنية التي قدمتها فرقة المسرح الرحال وسط حيهم السكني الفقير، سيدي الطيبي بضواحي مدينة القنيطرة، يجدوا صعوبة في شرح سبب فرحهم، ولكنهم أكدوا أنهم شاهدوا أشياء جميلة وتمنوا أن تعود إليهم في وقت قريب، وهم يستعجلون خطوات العودة إلى البيت.
جمهور من مختلف الأعمار من الجنسين يقف خلف حواجز حديدية في شكل حلقة، أطفال يجلسون في مقدمة الحزام البشري الدائري زوال يوم أحد، الشمس المائلة في اتجاه المغيب تضرب بأشعتها المتخافتة تدريجيا مباشرة في وجوه الممثلين، الكل مشدود إلى "ساحة اللعب"، ينطلق "عرض الفرجة" رقص و ألعاب بهلوانية، ألعاب سيرك وموسيقى ونفخ في النار، مشاهد ولوحات في ألوان متعددة في انسياب يأخذ العين والحواس، ممثلون يحملون أقنعة، يرتدون ملابس وإكسسوارات غريبة عن أذهان المشاهدين، وكراكيز بأسماء تشخص أدوارا مختلفة، لأناس في الحياة اليومية، فتفجر ضحكات وتعاطف وتفاعل في الحلقة، شخصية الشرطي المرتشي وعامل الصرف الصحي، الفتاة التي ترغب في الهجرة غير الشرعية، خادمة البيوت وطالبة الجامعة المغلوبة على أمرها.
في المشهد الأخير تنتصب حلبة للملاكمة فوق الخشبة بأعمدة وخيوط، في مبارزة بين امرأة ورجل، المواجهة حماسية وفيها ندية، في الجولة الأخيرة تتمكن المرأة من الانتصار على الرجل بضربة قاضية، تتعالى تصفيقات الجمهور في الحلقة، وفي الجهة الأخرى أصوات عدم رضا واحتجاج، بيد أن الروح الرياضية كانت هي السائدة.
ونقل مدير فرقة " المسرح الرحال" محمد الحسوني تجربة ألمانية إلى المغرب على نهج الثنائي "مارغريت بييري" و"دافيد جونستون"، فيعمل هو وزوجته، صوفيا البوخاري، على استنبات تجربة فنية مشابهة في المغرب، ضمن فرقة "تون أونت كيرشن"، في بلدة غلينداو في ضواحي مدينة بوتسدام بولاية براندنبورغ في شرق ألمانيا.
قضى الحسوني، المنحدر من أسرة بسيطة بمدينة سلا على ضفة وادي أبي رقراق، ما يزيد عن عقد من الزمن كممثل، بعد أن هاجر إلى أوروبا وهو ابن الثامنة عشرة، تجربة قادته في جولات عالمية في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولعب أدوارا ما تزال راسخة في ذاكرته مثل "دور مفيستو" في "مسرحية فاوست" لفولفانغ يوهان فون غوته، و دوره في مسرحية "حديقة الكرز"  لأنطون تشيخوف، قبل أن يقرر العودة من أجل الاستقرار في بلده المغرب وتأسيس تجربة فنية خاصة به.
وقال محمد الحسوني في مقابلة مع دي دبليو " انطلقنا في البداية بصنع الأقنعة والكراكيز في المسرح والتشكيل لفائدة شباب في أحياء فقيرة في مدينة سلا، وبعدها خرجنا بالفكرة إلى الفضاء العام،بيد أن البداية في منتصف التسعينات لم تكن سهلة ".
وأضاف " اليوم يعمل بالفرقة 21 من الشباب ذكورًا وإناثًا، زوجته تشارك في التمثيل وتصنع الأقنعة، شكل العروض يروق كثيرا لفئة الشباب"
تجربة فرقة "المسرح الرحال" في المغرب سرعان ما وجدت تجاوبًا متزايدًا لدى فئات اجتماعية واسعة، بخاصة الشباب منهم، بالنظر للمواضيع التي تطرحها، والشكل الذي تقدم به الفرجة الفنية.
وقال أحمد"23 سنة" الذي شهد أحد عروض الفرقة " شكل اللوحات ممتع وجميل والمشاهد الفنية تمنح المتفرج كثيرا من السفر والحلم"
أما فاطمة التي حضرت عرض الفرقة الأخير، فهي تعترف أن هذه الأشياء تشاهدها لأول مرة بهذا الشكل واللون، مضيفة "أكثر ما أعجبني مشهد انتصار المرأة على الرجل في مباراة الملاكمة، و" المرأة هي أيضا قوية وتغلب الرجل".
و قال الناقد هشام عبقري، في حديث مع دي دبليو عن الإضافة التي تقدمها التجربة للحقل الثقافي " تجربة المسرح الرحال تتجاوز الخصائص في البنى الثقافية الرسمية للدولة لتقريب الفرجة من الناس الذين ليست لهم إمكانية الولوج إلى الثقافة في هذه المؤسسات".
وأضاف أن " التجربة جديدة في الشكل لكنها قديمة في التصور"، في إحالة منه على أشكال عرض عتيقة عرفها المغرب مثل فن "الحلقة" و" لبساط"، ويعتبر عبقري أن القيمة المضافة فيها تتجلى في أنها " تسهم في عودة الناس إلى الفضاء العام وتملكه، وهي بذلك تشكل "حلقة مهمة في الاندماج داخل المجتمع"، كما يقول العبقري.
 فيما يرى متتبع آخر تحدث عن التجربة قائلا " الإضافة تتجلى في تنويع العروض، من خلال توجه آخر للمسرح يعتمد تكسير التقليدي والنمطي والمألوف، وهو بهذا يعتبرها "قيمة تحقق فرجة مغربية بأبعاد إنسانية عالمية"

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسرح الرحال في المغرب متعة للفقراء‏ المسرح الرحال في المغرب متعة للفقراء‏



GMT 08:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon