توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بناه "باحمـــاد" سنة 1900م تمجيدًا لذكرى زوجته وعرفانًا بحبِّها

"قصر الباهية" في مراكش ملحمة تاريخيَّة تحوَّلت إلى تحفة معماريَّة

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - قصر الباهية في مراكش ملحمة تاريخيَّة تحوَّلت إلى تحفة معماريَّة

"قصر الباهية"
مراكش_ثورية ايشرم

ارتبط قصر الباهية باسم زوجة الحاجب القويّ في المغرب في القرن التَّاسع عشر على عهد السُّلطان مولاي الحسن الأوَّل ،(1873 – 1894)، والوزير الأوَّل على عهد ابنه السُّلطان العلويّ مولاي عبد العزيز، (1894 – 1908)، إنه أحمد بن موسى بن أحمد السّملالي المتوفَّى سنة 1900 في مراكش، والشَّهير بــ "باحمـــاد" الذي بنى  قصر الباهية تمجيدًا لذكرى زوجته، وعرفانًا بمودّتها وحبّها، في سيمفونيَّة امتزجت ضمنها الحكايات بالهندسة، وتوحَّدت عبرها المشاعر بالزخارف، فأعطت صورة واضحة مميَّزة عن عمق الحضارة المغربيَّة في بداية القرن العشرين.
فبعد وفاة الوزير "باحمـــاد" مباشرة سنة 1900، تمّ ضمّ قصر الباهية إلى حظيرة القصور الملكية، وقد قام بعدها الوزير الصدر الأعظم المدني الڭـلاوي، شقيق باشا مدينة مراكش، الحاج التهامي الڭـلاوي، بتشييد طابق علويّ به،كما أن المقيم العامّ الفرنسيّ الماريشال لويس إيبير ليوطي ، ( 1854 – 1934) اتّخذ قصر الباهية مقرًّا له، وأدخل عليه بعض الكماليات المنزلية الملائمة في بداية العصر للعقلية الفرنسية، كالمدفئة، ومروحات التهوية، والأسلاك التلغرافية، والهاتف، كما اتخذ قصر الباهية بعد وفاة الماريشال ليوطي سنة 1934 كمقرّ للضيافة، حيث تم وضعه تحت تصرف الضباط العسكريين الفرنسيين، وفي سعيها لإنشاء الدواليب الإدارية للحماية، قامت السلطات الفرنسية بتخصيص جناح منه، لما كان يعرف بمندوبية الشؤون الحضرية.
ومع بزوغ فجر الاستقلال، نزل بقصر الباهية الملك المؤسس للمغرب الحديث، محمد الخامس طيب الله ثراه، قبل أن يتخذ مقرًّا لمؤسسة التعاون الوطنيّ، كما اتخذه سمو الأمير مولاي عبد الله رحمه الله، نزلاً له، حيث كان لقصر الباهية منذ بنائه، محافظًا مخزنيًّا يقوم على تسييره، إلى أن عهد به جلالة المغفور له الحسن الثاني لوزارة الثقافة.
وتجدر الإشارة إلى أن قصر الباهية ، كان قد صدر بشأنه ظهير شريف بتاريخ 21  كانون الثاني /يناير 1924، نشر بالجريدة الرسمية عدد 592 صنفه ضمن المباني التاريخيَّة والتحف الفنية التي يتعين حمايتها وفق مقتضيات الظهير الشريف والخاص بالمحافظة على الآثار.
وفي سنة 1922 تم تصنيفه كمعلمة تاريخيَّة يفد إليها الزوار والسياح الأجانب للتملي بفنون العمارة المغربية خصوصاً النقش على الخشب، وقد أشرف على بناء القصر المهندس محمد بن المكي المسيوي الذي تلقى فنون صناعة الخشب في مكناس وتعلم النقوش الجبصية في فاس على يد الضابط الفرنسي "أركمان"رئيس البعثة الفرنسية قبل الحماية.
وتبلغ المساحة الإجمالية للقصر حوالي 22 ألف متر مربع إلا أنها تقلصت بعد تشييد عدة مؤسسات ومرافق في الحديقة الكبرى التي تم فصلها عن القصر كما تغير مدخله الأصلي الذي يوجد في حي رياض الزيتون الجديد إلى بوابة قرب حي الملاح، وفي نهاية حي عرصة المعاش.
ويجهل عند أغلب الدارسين والمؤرخين، تحديد تاريخ ولادة "للا الباهية الرحمانية" زوجة الوزير باحماد، خلافاً لما نسبه البعض لكونها من عائلة بنداوود ذات الأصول الموريسكية الأندلسية، فأغلب النساء آنذاك لا أحد يعرف نشأتهن الأولى، وذلك لأسباب موضوعية، تتعلق بغياب التأريخ للنساء الفاعلات في الحقل الاجتماعي أو الثقافي أو المخزني في مغرب القرن التاسع عشر، كما رأت وحسب ما صرحت به الباحثة المغربية المميزة فاطمة المرنيسي أن "الباهية التي يحمل اسمها أحد أهم القصور في مراكش، وفي المغرب وفي العالم الإسلامي قاطبة تنحدر من قبيلة الرحامنة المتاخمة لمدينة مراكش، وأنها بدورها تربت في أسرة اشتهرت بالعلم والمجد والقوة، وأنها دأبت على التحرك من قلعة والدها في الرحامنة إلى رياض العائلة في حي القنارية في مراكش حيث رآها الوزير القوي وهو لا يزال في ريعان شبابه، تحت رعاية والده الحاج موسى الحاجب، فخطبها لتكون شريكة حياته وسيدة قصوره، وريحانة زوجاته وزعيمة جواريه وخدمه وحشمه.
وقد جلب الوزير أحمد بن موسى  أمهر الصناع والحرفيين من مراكش وفاس وسلا وأزمور وصفرو للاشتغال في القصر لمدة سنوات متتالية إلا أن القدر المحتوم حل دون رؤيته للقصر حيث وافته المنية سنة 1890 والأشغال لم تنته بعد ليتولى ابنه استكمال بنــاء القصــر الذي يعد رائعة الفن المعماري المغربي في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
ويضم قصر الباهية عدة أجنحة وقاعات وملحقات وأحواض وحدائق بالإضافة إلى المتنزّه والحديقة التي يتوسطها صهريج معروف باسم "أڭدال باحماد"، ومن بين الأجنحة المفتوحة حاليًّا في وجه الزوّار الرياض الصغير الذي يعد من الأجنحة المتميزة داخل القصر ببنائه بهيئة المدارس العتيقة من حيث الأروقة التي تعلوها أفاريز خشية مزدحمة بألوان زاهية بمواد طبيعية حيث كان يشكل ديوان "باأحماد"من الساحة الشرقية تلج الرياض الكبير بواسطة ردهة منقوشة ومزخرفة، كما أن القصر قد عرف عدة تغييرات في عهد "باحماد" انصبت على القاعة الكبرى الشمالية التي تؤرخ أعوام بنائها أبياتاً شعرية منقوشة على الجبص، ثم على أجنحة أخرى تتفرع عن الصحن الشهير المغطى بالسقائف الخشبية، والمتضمن لقاعتين وبهوين، ليتحوَّل بعد ذلك، قصر الباهية في العهد ذاته إلى تحفة معماريَّة من خلال زخرفة أبوابه ونوافذه المزينة بالتوريق والتشجير ولباقات الأزهار والنباتات،" وتؤكد الباحثة المغربية  أن "الباهية يعد قصرا من قصور مراكش وهوقطعة فنية بهية المنظر، وتحفة معماريَّة تفيض بتجلياتها الحضارية، كما أنها وثيقة تاريخيَّة تطوي في مضامينها تقاليد أهل مراكش وأنماط عيشهم، كما تسمح بإعادة تركيبة صورة المرأة المغربية آنذاك، ودورها في شغل مجال من مجالات القصور.

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصر الباهية في مراكش ملحمة تاريخيَّة تحوَّلت إلى تحفة معماريَّة قصر الباهية في مراكش ملحمة تاريخيَّة تحوَّلت إلى تحفة معماريَّة



GMT 08:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 13:10 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

نقوش تكشف أسرارا جديدة عن المصريين القدماء في معبد إسنا

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon