القاهرة – مصر اليوم
ربما كان الوصف الأدق الذي يمكن أن يطلق على شاعر مثل السوداني عبدالإله زمراوي هو أنَّه أحد جسور التواصل بين مصر والسودان وجدانيًا وتاريخيًا وشعريًا، فهو ابن قرية الكرمة النوبية التي تقع على الحدود بين البلدين والتي كان عدد المصريين فيها أيام نشأته يقارب نصف عدد سكانها إن لم يكن أكثر.
بل قد يظن من يستمع إليه وهو يحكي عن نشأته وأصوله المصرية - السودانية أنه يفتح كتاب التاريخ على صفحة مرحلة مفصلية في تاريخ مصر؛ فقد كان والده من خواص الملك فاروق وعاش في خدمته لمدة أربعين عامًا كاملة قضاها ما بين القاهرة والإسكندرية، إلى أن انتهى الحكم الملكي في مصر فعاد إلى السودان بعد انفصال الدولتين، لكن هذا لم ينفِ الشق المصري في وجدانه يومًا ما.
وأكد زمراوي أنَّ الثقافة المصرية لم تؤثر فيه وحده بل أثرت ولازالت تملك التأثير ذاته على كل صاحب قلم سوداني، مضيفًا "كانت لنا في قرية الكرمة خصوصية وميزات أكبر؛ إذ كنا هناك نستمع إلى إذاعة الشرق الأوسط والبرنامج العام وصوت العرب بشكل يومي منتظم بينما كنا نواجه صعوبات في الوصول لإذاعة أم درمان التي لم يكن يلتقطها الراديو إلا وهو في أعلى نقطة فوق سطح منزلنا".
وتابع "لذلك فأنا أدعي أنا وجيلي أننا سودانيون من جنوب مصر, فنحن أقرب في تكويننا وطبيعتنا إلى أهالي صعيد مصر، والذين أفتخر بعلاقات النسب التي تربط عائلتي بهم، وهي ممتدة حتى الآن".
وأضاف زمراوي: أذكر أني كنت طفلا صغيرا أكتب قصائد إبراهيم ناجي على رمل قطعة من الأرض في بلدتي الصغيرة كي أحفظها.
وأوضح زمراوي أنَّ "مصر دائمًا هي الشقيقة الكبرى التي إذا ما فعلت شيئًا وصل بطبيعة الحال إلى أختها الصغرى، حتى الحركات الفكرية والثقافات العالمية والموجات الثورية عرفتها السودان بعد أن وصلت إليها عبر مصر"، مشيرًا إلى أنَّه "لولا مصر لكان ينقصنا الكثير جدًا من علوم وثقافات وآداب وفكر سياسي واجتماعي وثوري".
وحول الشعور بالقطيعة والغضب بين الشقيقتين مصر والسودان، صرح زمراوي بأنَّ "كل اللوم يقع على الحقبة المباركية, التي ظلت طوال سنواتها الثلاثين ترعى وتبارك النظام الحاكم في السودان, مما تسبب في حالة التوتر بين الشعبين".
وكشف زمراوي أنَّ السودان تعيش حالة دائمة من الثورة، مضيفًا "لدينا الكثير من عوامل الثورة العارمة التي تتفاقم على أرضنا كل يوم أكثر من ذي قبل، وظني منذ البداية في ثورات الربيع العربي أنَّها مجرد انتفاضات إذا ما قورنت بحالة الغضب التي تعيشها السودان منذ سنوات".
أرسل تعليقك