أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنَّ الحكومة المصرية تعكف على اتخاذ الكثير من الإجراءات التي من شأنها تيسير الاستثمار، في مقدمتها صياغة قانون الاستثمار الموحد، وإتباع نموذج الشباك الواحد لاختصار الوقت والجهد على المستثمرين، مشدّدًا على إمكان تسوية مشاكل المستثمرين وديًا دون الحاجة إلى اللجوء لإجراءات قضائية طويلة ومعقدة.
جاء ذلك أثناء، اللقاء الذي جمعه صباح الأحد، في مقر رئاسة الجمهورية، بوفدٍ موسعٍ من أصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، ومن بينهم عدد من رؤساء الغرف التجارية ورجال البنوك ومؤسسات ضمان الاستثمار وائتمان الصادرات من مختلف الدول العربية، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، ووزراء الصناعة والتجارة، والتموين والتجارة الداخلية، والاستثمار.
وصرَّح المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف، بأنَّ السيسي استهل اللقاء بالترحيب بممثلي مجتمعات الأعمال العرب، منوهاً إلى المزايا الاستثمارية التي توفرها مصر، حيث تمثل نافذة على الكثير من الأسواق الواعدة، ولاسيما في إفريقيا.
وأضاف السيسي أنَّه جارٍ العمل على إعداد خريطة استثمارية في مصر، لإيضاح أهم المشاريع والمناطق التي يمكن الاستثمار فيها بما يتوافق مع موارد كل منطقة وموقعها الجغرافي، وتناول عددًا من المشاريع الاستثمارية الواعدة في مصر، ومن بينها مشروع تنمية منطقة قناة السويس، وشرق التفريعة، وشمال غرب خليج السويس، والمثلث الذهبي، فضلًا عن مشاريع توليد الطاقة.
ومن جانبه، توّجه العربي، بالشكر إلى السيسي، على إتاحة الفرصة للقاء، منوهًا إلى جهود الجامعة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول العربية، والتمهيد لإنشاء المنطقة العربية للتجارة الحرة ثم الاتحاد الجمركي.
فيما أعرب الحضور عن شكرهم وتقديرهم لرعاية السيسي للدورة السادسة عشرة لمؤتمر أصحاب الأعمال والمستثمرين العرب التي تُعقد في القاهرة على مدار الأحد والاثنين، منوهين إلى استثماراتهم المتعددة في مصر في مختلف المجالات الاقتصادية، ومشيدين بما تتخذه مصر من إجراءات لتيسير الاستثمار، وتذليل العقبات التي كانت تعوق أعمالهم واستثماراتهم في مصر على مدار العقود الماضية.
كما أكدوا على أهمية الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها مصر في إطار القارة الإفريقية، في ضوء ما تتيحه تلك الاتفاقات من إعفاءات ومعاملة تفضيلية، وأضافوا أنهم لمسوا أثناء زيارتهم إلى مصر مدى الأمن والاستقرار الذي تتمتع به، وذلك على عكس ما تروج له بعض وسائل الإعلام خلافاً للواقع.
وقد أشار المستثمرون السعوديون المشاركون في الاجتماع إلى زيارتهم السبت، موقع مشروع قناة السويس الجديدة، حيث تم الإعلان عن تأسيس شركة سعودية برأسمال يقدر بنحو ثلاثة مليارات جنيه للاستثمار في مشاريع تنمية منطقة قناة السويس، ومن المتوقع أن يصل حجم استثماراتها إلى ثلاثمائة مليار دولار في غضون أربة أعوام.
وقد طرح الحاضرون خلال اللقاء أفكار عدة لتنمية قطاع الصناعة والاقتصاد عمومًا في الدول العربية، فضلًا عن إنشاء آلية عربية للتحكيم في المنازعات التجارية، وقد رحب أمين عام الجامعة العربية بهذه المقترحات، مشيرًا إلى استعداد الجامعة لتفعيلها حال اعتمادها من الدول الأعضاء.
ومن جانبه، أوضح وزير الاستثمار أشرف سالمان، خلال اللقاء، أنَّ فلسفة قانون الاستثمار الموحد تقوم على أساس تيسير إجراءات الاستثمار في مصر، والتي كانت تتطلب موافقة 78 جهة مصرية لمنح وإصدار التراخيص والموافقات ما بين الوزارات والمحافظات والمحليات، ومن ثم تمت مراجعة عدة تجارب دولية في هذا الصدد، لاستقاء أكثرها نجاحًا ومن بينها التجربة الأيرلندية، حيث سيتم العمل في إطار هذا القانون بنظام الشباك الواحد، فضلًا عن نَصِّهِ على آلية لفض المنازعات التجارية.
وأشار إلى أنَّ هناك قوانين عدة مكملة لقانون الاستثمار الموحد جاري العمل على إصدارها، ومنها ما صدر بالفعل مثل قانون الثروة المعدنية الجديد، فضلًا عن القوانين الخاصة بتخصيص الأراضي، وكذا إجراءات الإفلاس والتخارج.
ومن جهته، بيّن زير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور، أنَّ المصالح المشتركة تعد من أكثر وسائل التقريب بين الشعوب، منوهًا إلى أهمية التبادل التجاري في هذا الصدد والعمل على إلغاء القوائم السلبية التي تفرض استثناءات على بعض السلع ولا تعفيها من الجمارك، مشيرًا إلى سعي مصر لإبرام اتفاقات للتجارة الحرة مع العديد من دول العالم لمنح مزيد من الفرص التصديرية للمنتجات المصنعة في مصر، منوهًا في هذا الصدد إلى المفاوضات الجارية مع دول تجمع "الميركسور" في أميركا اللاتينية، وكذا مع روسيا ودول وسط آسيا.
ومن ناحيته، أكد وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور خالد حنفي، أنَّ مرحلة التعاون الاقتصادي المقبلة بين الدول العربية يتعين أن تتخطى التبادل التجاري أو الاستثمار وتصل إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي، وذلك عبر الإعداد الحقيقي لإنشاء الاتحاد الجمركي وتوحيد المواصفات القياسية للسلع والخدمات، مما سيزيد من القدرة التنافسية للدول العربية.
كما شدَّد حنفي على ضرورة إيلاء قطاع النقل والخدمات اللوجيستية أهمية قصوى لزيادة التبادل التجاري بين الدول العربية، منوهًا إلى أنَّ تراجع الخدمات في هذا المجال يمثل عائقا رئيسيًا أمام حركة التجارة البينية العربية.
أرسل تعليقك