قال محمد عبد الوهاب المحلل الاقتصادي والمستشار المالي للاتحاد العربي للتطوير والتنمية التابع لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن الاقتصاد المصري كان من الإقتصادات القليلة حول العالم التي حققت معدلات نمو خلال أزمة كورونا نتيجة لبرنامج الاصلاح الإقتصادي الذي نفذته الحكومة على مدار السنوات الماضية. وأوضح عبد الوهاب، برنامج الاصلاح الإقتصادي سبق كورونا بأربعة سنوات وما صاحبه من ضخ في مشروعات وانخفاض في معدلات البطالة وهو ما جعل الاقتصاد يحقق معدلات نمو مقبولة.
وتابع المستشار المالى للاتحاد العربي للتطوير والتنمية: "إن العالم اصبح قرية صغيرة بمعنى الكلمة، فما يحدث على مستوى الاقتصاد العالمي يؤثر على الاقتصاد المصري بشكل مباشر وفي ذات الوقت، وبالتالي مقولة وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي عند سألوه عن أثر الأزمة المالية العالمية في عام 2008 على الاقتصاد فقال لهم "واحنا مالنا" لم يعد وارد الأن فأي أزمة تحدث على المستوى العالمي في اعقاب كورونا ستؤثر علينا ، لذلك فمع ارتفاع معدلات التضخم عالميا وارتفاع أسعار الشحن والبترول والغاز والفحم انعكس على السوق المصري مباشرتاً وهو سبب رئيسي في ارتفاع اسعار الكثير من السلع في الفترة الماضية وارتفاعات مرتقبة في اسعار سلع اخرى في الفترة المقبلة.
وأكد محمد عبد الوهاب، أن ازمة الطاقة ستكون محرك رئيسي في الأزمة المالية القادمة، موضحاً ان امريكا قررت أن تفرج عن ٥٠ مليون برميل من احتياطات البترول لديها البالغ ٥٠٠ مليون برميل وهو ما انعكس على السعر العالمي الذي انخفض إلى 74 دولار للبرميل. وتوقع عبد الوهاب ان يحقق الاقتصاد المصري نموا خلال العام الحالى بنحو 2.8٪ ، موضحاً أن المشكلة تكمن في الاستمرارية في زيادة معدلات النمو، فالحكومة تعمل حاليا بشكل اساسي على المشروعات الخدمية وتطوير البنية التحتية ونحتاج إلى التوجه أكثر نحو الصناعة.
وتوقع محمد عبد الوهاب ان تحافظ البنوك المركزية على مستوى العالم والبنك المركزي المصري على مستوى اسعار الفائدة، مؤكدا انه سيتم بالضرورة تحريك اسعار الفائدة خلال الربع الاول من العام الجديد 2022 بفعل الضغوط التضخمية، ولكن لا اتوقع ان يرفع الفيدرالي الامريكي اسعار الفائدة بأكثر من 100 نقطة وبالتالي ستكون التأثيرات محدودة على الاقتصاد العالمي. وتوقع ان تنخفض اسعار الذهب بمجرد تحريك الفيدرالي الامريكي لأسعار الفائدة خلال الربع الاول من العام المقبل 2022. طالب عبد الوهاب بأحياء قطاع الاعمال من جديد مؤكدا على نجاح تجربة الدولة في احياء صناعة الغزل والنسيج وارتفاع اسعار القطن المصري الى 5000 جنيه لأول مرة منذ عقود وهو ما يعد تجربة ناجحة يجب تكرارها في كافة شركات قطاع الاعمال العام واعادة طرحها في البورصة مما سينعش السوق بشكل كبير.
وأشار عبد الوهاب إلى أن هناك مشاكل كبيرة فى البورصة يجب معالجتها فهى لا تعكس حجم الاقتصاد المصري موضحاً أن الطروحات الأخيرة فى البورصة دون معايير او قيود يضيع أموال صغار المستثمرين، فهذه الطروحات بلا قيود تجذب الأموال الساخنة الموجهة لتحقيق مكاسب ثم الخروج بسرعة من السوق. وعن توقعات العام الجديد قال عبد الوهاب: "اعتقد 2022 فرصة قوية لتشجيع الصناعة بشكل حقيقي واستغلال تعطل سلاسل التوريد على مستوى العالم، ومطلوب ان الناس تبدأ ترشد وتدير مواردها بشكل جيد لأننا مقبلين على أزمة كبيرة وارتفاع فى أسعار السلع، موضحاً أن أخر أزمة مشابهة لما نعيشه الأن ازمة عام 1974 وخرج منها العالم فى عام 1985 وكان المحرك الرئيسي لها اسعار الطاقة وارتفاعها.
وتابع عبد الوهاب : "على مستوى الدولة فرصة على طبق من ذهب لتوجيه كل جهودنا إلى القطاع الانتاجي وتحفيز الصناعة بشكل كبير بعيداً عن دورة الروتين العقيمة التى مازال يعانى منها المستثمرين خصوصا اصحاب المشروعات الصغيرة التى تعتبر قاطرة النمو لأى اقتصاد فمن غير المعقول مثلا صاحب ورشة يذهب لبنك للحصول على تمويل تطالبة بميزانيات أخر 3 سنوات والتى ربما لا يكون لديه ميزانيات وفى بداية التحول من الاقتصاد الغير رسمى إلى الاقتصاد الرسمى فإذا كان هدف الحكومة جذب الاقتصاد غير الرسمي كيف نضع مثل تلك الشروط؟!".
ولفت إلى أن قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة لو لم تقف الدولة بجانبه بشكل كبير خلال الفترة القادمة وبشكل صريح وتذليل كافة العقبات سيؤثر بشكل كبير فى نمو الاقتصاد ويشجع القطاع الغير رسمي خصوصا أن هذا القطاع لا يثق تماما فى البنوك وبالتالى عندما يذهب للبنك ويجد تلك العقبات لن يعود مرة أخرى. وأكد عبد الوهاب، أن الرئيس يطلق مبادرات ممتازة هدفها دفع الاقتصاد المصري إلى الأمام ورفع معدلات النمو. وشدد على أن الرقابة على الأسواق ضروري خلال العام المقبل للحد من الزيادات الغير مبررة للأسعار والحد من جشع التجار، وعلى الدولة دور كبير في تحقيق التوازن بين العرض والطلب.
ونفى عبد الوهاب أن تكون الحكومة مزاحم للقطاع الخاص لافتاً إلى أن دور الدولة هو تحقيق التوازن فى السوق لتحقيق الصالح العام وصالح المواطن والحد من استغلال بعض المحتكرين. وأوضح المحلل الاقتصادي أن افضل استثمار لمدخراتك فى هذه الفترة سيكون في العقار أو الذهب أو يكون عنده مشروع منتج لأن اى مشروع منتج جيد جداً للاستثمار خلال العام المقبل ، أما ميزة الذهب أنه يحفظ قيمة المدخرات كما أنه سهل التسييل من خلال البيع، والعقار أيضاً وسيلة جيدة للاستثمار ولكنه صعب في تسييله إلى حد ما ولكن كلاهما ملاذات امنة لحفظ قيمة المدخرات.
وحذر عبد الوهاب من الاستثمار فى البتكوين مؤكداً أنه أسرع طريق لخسارة أموالك فهو استثمار عالى المخاطر لا ينصح بوضع مدخراتك فيه وعلى الحكومة دور كبير فى التحذير والتنبيه ورفع الوعى تجاه الاستثمار فى تلك الأوعية الغير أمنة. وأوضح عبد الوهاب أن البتكوين ليس له صاحب أو مصدر ويمكن أن يخضع لكافة نظريات المؤمرة فحتى الأن لا نعلم من وراء البتكوين وهدفه من جمع أموال العالم في عملة وهمية ليس لها أصل ثابت او مكان تستطيع الحصول من خلاله عليها ، وبالتالى هى سلعة مضاربية موجودة سحبت جزء كبير من أموال الأسواق العالمية، والتساؤل هو هل إذا وصلت لـ 21 مليون هل سيتوقف تعدينها فعلا أم كانت مجرد وسيلة جذب للناس وهل يمكن اختراقها وتدمير تلك المنظومة كل ذلك يدفعنا للتحذير منها.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
هالة السعيد تؤكد أن الاقتصاد المصري حقق أعلى معدل نمو «ربع سنوي» منذ 20 عاما
ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري خلال الربع الأول من العام المالي
أرسل تعليقك