أدت الزيادة المُستمرّة في تحويلات المصريين العاملين في الخارج التي تتم بالعملات الأجنبية، إلى استقرار أسعار الصرف في السوق المصرية، كما أسهمت في دعم الاقتصاد بصفة عامة، في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الحكومة حاليا للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة، حسب خبراء اقتصاد مصريين.
وقال البنك المركزي المصري، في بيان سابق خلال الشهر الجاري، إن تحويلات المصريين في الخارج ارتفعت لتبلغ 26.4 مليارات دولار في العام المالي 2017-2018، بزيادة قدرها 4.6 مليارات دولار مقارنة بالعام المالي السابق له.
وتعدّ تحويلات المصريين في الخارج أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي المصري واحتياطي النقد الأجنبي، والتي تتضمن عوائد قناة السويس والصادرات والسياحة.
يذكر أن مصر عانت ركودا اقتصاديا خلال الأعوام القليلة الماضية، بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي نتج عن الإطاحة برئيسين للدولة أوائل عام 2011، ومنتصف عام 2013.
وكشف الدكتور إبراهيم نوار الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لوزير الصناعة والتجارة، أن "هذه التحويلات ضخت في شرايين الاقتصاد المصري المزيد من الاستثمارات والمدخرات والنفقات الاستهلاكية فزادت من قوة مقاومة الاقتصاد المصري الذي يكافح من أجل التغلب على الركود والذي بحاجة ماسة إلى السيولة".
وأوضح نوار أن نسبة الزيادة السنوية لتحويلات المصريين في الخارج بلغت نحو 21.1 في المائة، مشيرا إلى أن تحويلات المصريين في الخارج زادت عن مائة مليار دولار خلال الخمس أعوام الماضية (حسب ما تم نشره في وكالة أنباء شينخوا).
وأضاف أن "هذه التحويلات بالعملات الأجنبية أسهمت في زيادة ثروة مصر الحقيقية التي لا يعاد تحويلها إلى الخارج"، مؤكدا أنها تعتبر نموذجا للأثر الإيجابي للثروة البشرية على الاقتصاد، وبزيادتها إلى 26.4 مليارات دولار، فإن تحويلات المصريين في الخارج تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر، والتي بلغت 7.7 مليارات دولار في العام المالي 2017-2018 حسب البنك المركزي المصري، وأشار نوار إلى أن "هذه التحويلات تتجاوز قيمة حصيلة جميع صادرات مصر السلعية بما فيها البترول والمنتجات البترولية، والتي بلغت 25.8 مليارات دولار، واقتربت التحويلات أيضا من خمسة أضعاف حصيلة المرور بقناة السويس والتي بلغت 5.7 مليارات دولار".
استقرار سعر الصرف
بدأت مصر في أواخر 2016 تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي لمدة 3 أعوام بتعويم العملة المحلية بغرض احتواء نقص الدولار وتقليص عجز الموازنة العامة وزيادة معدل النمو الاقتصادي.
ورغم أن التعويم أدى إلى زيادة سعر الدولار مقابل الجنيه المصري إلى أكثر من الضعف فإنه أدى تدريجيا إلى استقرار سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء.
ويتم دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي القائم على إجراءات تقشفية، منها خفض الدعم وزيادة الضرائب، بقرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، تسلمت مصر ثلثيه حتى الآن.
وقال الدكتور إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن أهمية زيادة تحويلات المصريين في الخارج تكمن في أنها تضيف للمعروض من الدولار في الاقتصاد المصري.
وأضاف الدسوقي أن "هذه التحويلات لها أهمية بالغة في الحفاظ على استقرار سعر الصرف والذي يحدده العرض والطلب، فكلما زاد المعروض من الدولار زاد استقرار سعر الصرف، والذي قد يؤدي إلى تحسين قيمة الجنيه المصري أيضا".
وقال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن اجمالي الدين الخارجي زاد بنسبة 17.2 في المائة ليصل إلى 92.64 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة بـ79.02 مليار دولار في يونيو/ حزيران 2017.
وبلغ الدين العام للحكومة المصرية 108 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام المالي 2016-2017، وتعمل الحكومة على خفضه إلى 70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال أربعة أعوام.
ونجحت مصر في زيادة احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى أكثر من 44 مليار دولار حاليا، بعد أن انخفض حتى وصل إلى 13 مليار دولار في 2013.
وقال الدسوقي إن "تحويلات المصريين في الخارج تزيد المعروض من الدولار في السوق المصرية، وهو ما يعني زيادة المدخرات الدولارية ومن ثم زيادة قدرة البنوك على الأقراض بالدولار وليس فقط بالجنيه المصري"، مشيرا إلى أن ذلك كله يصب في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي نقلا عن وكالة أنباء (شينخوا).
وعزا الخبير الاقتصادي سبب زيادة تحويلات المصريين في الخارج إلى احتفاظ الدولار بسعر صرف مرتفع وحرية الحصول عليه، مما شجع المغتربين على تحويل الدولارات التي بحوزتهم عبر القنوات الرسمية، وهي البنوك.
أرسل تعليقك