12 مليون و500 متر مربع حجم التعديات في القاهرة و5 آلاف و157 فدانًا في 4 محافظات

نهر النيل "شريان الحياة في مصر"، والذي أضحى يعاني تعديات ومخالفات كثيرة، تختلف صورها وأشكالها سواء كانت هذه التعديات على أراضي طرح النهر أو ردم أجزاء من مسطحاته المائية، وبناء عقارات مخالفة وناطحات سحاب وأبراج وإلقاء مخلفات تؤدي إلى تلوث مياه النهر، وتعرض حياة المواطن المصري للخطر، بل يصل الأمر إلى تهديد أمنه الغذائي من خلال قتل الأسماك، نتيجة صرف تلك المخلفات والملوثات في مياه نهر النيل وبرغم توجيهات القيادة السياسية في مصر بالتصدي لهذه التعديات بكل حسم وقوة للحفاظ على نهر النيل الذي يهب مصر الحياه ويعد شريانها، لكنَّ المسؤولين في محافظات مصر لا يزالون يتجاهلون خطورة التعدي على نهر النيل، وزيادة حجم هذه التعديات، والتي يرجعها البعض إلى أسباب عدة؛ أبرزها عدم وجود عقوبات رادعة في القانون المصري المعمول به حالياً والذي يعود لسنة 1948 ويتضمن عقوبات هزيلة لا تتعدى الغرامة فيها 20 جنيهاً كذلك تعدد جهات الولاية المعنية بالحفاظ على نهر النيل وتضارب اختصاصاتها بين وزارات الزراعة والري والمحليات.

بينما يرجع بعض الخبراء السبب لعدم التعاون بين الوزارات المختلفة، الأمر الذي دعا الحكومة لتقديم مشروع قانون الري الموحد، والذى وافق عليه مجلس الوزراء، ويجري مناقشته في لجنة الزراعة والري بالبرلمان بغية منع هذه التعديات على نهر النيل. وكشف تقرير رسمي حديث، صادر عن وزارة الموارد المائية والري، أن إجمالي المخالفات التي تمت إزالتها على المجاري المائية بلغ 133 ألفاً و818 مخالفة منذ يناير/كانون الثاني 2015.

وأكد تقرير وزارة الموارد المائية والري، أن إجمالي الإزالات التي قام قطاع حماية وتطوير نهر النيل بإزالتها منذ بدء الحملة حتى الآن بلغت 36 ألفاً و384، فيما بلغ إجمالي الإزالات التي قام بتنفيذها قطاع الري على منافع الري وشبكة الترع حتى تاريخه 83 ألفاً و572 إزالة، في حين قامت الهيئة المصرية العامة لمشروعات الصرف بتنفيذ 36 ألفاً و311 إزالة على منافع الصرف.

وأشار التقرير، إلى أن قطاع تطوير وحماية نهر النيل بالوزارة قام بإزالة 36384 حالة تعد على نهر النيل متنوعة بين مبان سكنية وأعمال ردم وغيرها شملت محافظة القاهرة 945 إزالة، ومحافظة الجيزة 2001 إزالة، والقليوبية2639 إزالة، والغربية 4677 إزالة، والمنوفية 2507 إزالات، والبحيرة3509 إزالات، وكفر الشيخ 2833 إزالة، والدقهلية 3788 إزالة، ودمياط3190 إزالة، وبني سويف 874 إزالة، والمنيا 3112 إزالة، وأسيوط 757 إزالة، وسوهاج 1841 إزالة، وقنا 1305 إزالات، والأقصر 1363 إزالة، وأسوان 1043 إزالة.

ولفت التقرير، إلى أن القطاع بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ومديريات الأمن بالمحافظات قام بتنفيذ حزمة من حملات الإزالة الموسعة بمختلف المحافظات والتي بدأت فعالياتها منذ أول مارس/آذار 2017 وأسفرت حتى الآن عن تنفيذ 61 ألفاً و123 إزالة بالوجهين القبلي والبحري، وشملت إزالة 230 مخالفة بمحافظة أسوان، و1576 إزالة بمحافظة قنا، و1839 إزالة بمحافظة سوهاج، وكذلك 5363 إزالة بمحافظة أسيوط، و2001 إزالة في محافظة بني سويف،  و2581 إزالة بمحافظة المنيا.

وأضاف تقرير وزارة الموارد المائية والري، أنه تمت إزالة 4585 حالة بمحافظة الفيوم، و1458 إزالة بمحافظة الجيزة، و1341 إزالة بمحافظة الإسماعيلية، بالإضافة إلى 1145 إزالة بمحافظة دمياط، و3107 إزالات بمحافظة الشرقية، و4434 إزالة بمحافظة الدقهلية، إلى جانب 4105 إزالات بمحافظة القليوبية، و9106 إزالة بمحافظة المنوفية، وكذلك 12455 إزالة بمحافظة الغربية، علاوة على 1788 إزالة بمحافظة كفر الشيخ، وأيضاً 1378 إزالة بمحافظة الإسكندرية، و2631  إزالة بمحافظة البحيرة.

وقد تنوعت الإزالات ما بين مبان خرسانية ومبان بالطوب الأحمر وأسوار وتشوينات وردم بالمجرى وغير ذلك. وأكد المهندس صلاح عز، رئيس قطاع حماية وتطوير نهر النيل بوزارة الري، أن الوزارة قطعت شوطاً كبيراً في حملة إزالة التعديات المقامة على نهر النيل، مشيراً إلى النجاح في إزالة ما يقرب من 130 ألف حالة تعد على مستوى الجمهورية منذ أن بدأت حملة التطهير في 5 يناير/كانون الثاني 2015.

وأضاف رئيس قطاع حماية وتطوير نهر النيل بوزارة الري، أن الحملة نفذت قرارات إزالة خلال 7 أشهر لـ16 ألف حالة تعد على النهر النيل، موضحاً أن الحملة عندما بدأت في 5 يناير/كانون الثاني 2015 وحتى 7 مارس/آذار 2017 نفذت 14 ألف قرار إزالة، لكن منذ 7 مارس/آذار الماضي وحتى اليوم نفذت 116 ألف حالة تعد مؤكداً أنه مع نهاية العام الجاري تكون الدولة قد نجحت في القضاء على جميع التعديات على طول مجرى النيل.

وأوضح "عز"، أن الحملة أخذت دعمًا كبيرًا في إزالة التعديات بعد توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتقديم كل أوجه الدعم والمساندة لإزالة أي حالة تعد مقامة على طول مجرى نهر النيل، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية ممثلة في شرطة البيئة والمسطحات المائية. وأشار إلى أن حالات التعدي الموجودة على نهر النيل عبارة عن مبان سكنية وعمارات بل وصلت إلى أبراج كبيرة مثل العقارين الكبيرين اللذين تمت إزالتهما بالتفجير نهاية مايو/أيار الماضي، حيث بلغ ارتفاعهما ما يقرب من 14 طابقاً في مدينة بنها.

وقال إن حجم التعدي كان فجاً، ووصل إلى حد الفجور؛ حيث تم التعدي على أرض داخل المجرى المائي، وتم ردمه والبناء داخل القطاع المائي، مشيرًا إلى أن أنواع التعديات مختلفة فهناك مبانٍ سكنية وأسوار وردم داخل المجرى المائي لنهر النيل. وتابع أن أسباب التلوث بنهر النيل كثيرة ومتعددة، لكن يمكن حصرها في 5 أسباب؛ بداية من ورد النيل الذي يعتبر سبباً رئيسياً للتلوث، لافتاً إلى أن نهر النيل وفرعيه دمياط ورشيد خالية تماماً من ورد النيل، والسبب الثاني هو العائمات السياحية، وما تنتجه من صرف صحى في النهر، لذلك تم البدء في برنامج كبير مع وزارة السياحة، على أن يتواجد في العائمات الكبيرة التي تسير في نهر النيل من القاهرة حتى أسوان تنك يسع الصرف الصحي فيها لمدة 24 ساعة من الرحلة، وبعد هذه المدة سيجد مرسى مجهزاً لتفريغ عبوته وبالتبيعة سيتم صرف هذه المخلفات على شبكة الصرف الصحي.

وأضاف  أنه تم القضاء على الأقفاص السمكية تماماً، لكنَّ هناك ممارسات خاطئة من البعض حيث تتم إعادتها مرة أخرى، لكن حملات الوزارة مستمرة أولاً بأول، مشدداً على أن هذه الأقفاص سبب من أسباب التلوث، فهي إحدى المشكلات التي تواجه وزارة الري، خاصة فرع رشيد، فمع قدوم فترة أقل الاحتياجات أو خلال الفاصل بين موسمين زراعيين جني المحصول وانخفاض منسوب المياه في النهر نتيجة عدم الحاجة لمياه الري في هذه الفترة يحدث نفوق للأسماك وتطفو على سطح الماء، مشيراً إلى أن هذه الأقفاص يتربى فيها أسماك السلفر، وهذا النوع ليس غذاء للإنسان، وإنما يتم استخدامها كعلف حيواني.

وأكد أن هناك سبباً آخر للتلوث، وهو الصرف الصحي غير المباشر والذي يأتي من المصارف الزراعية، مشيراً إلى أن وزارة الري بدأت مشروعًا كبيرًا مع وزارة الإسكان على مصرف الرهاوى، بقرض من الصندوق الإنمائي الكويتي بحوالي 400 مليون جنيه، لإقامة محطة للتنقية الثلاثية على محطة أبورواش وتوصيل خدمة الصرف الصحي للقرى التي تقع على المصرف.

من جانبه، قال النائب السيد حسن، عضو لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، إن القانون حتى الآن لم يتم التوافق عليه بين الوزارات المعنية مثل الإسكان والري والزراعة والمحليات ما زالت المناقشات  تجرى حوله في اللجنة لتحقيق توافق بين الوزارات والاستقرار على مواده ليدخل الجلسة العامة. وأضاف عضو لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، أن المتعدين على نهر النيل في الفترة المقبلة ستتم محاسبتهم وإيقافهم عن طريق التعاون بين الوزارات المختصة، وعدم عمل كل طرف من الوزارات بشكل منعزل عن الآخر.

ووفقاً لتقرير رسمي تلقاه وزير الزراعة من الأجهزة الرقابية، ارتفعت المخالفات لمساحات تصل إلى 12 مليوناً و500 متر مربع من المباني، بالإضافة إلى التعدي على 5 آلاف و157 فداناً في 4 محافظات. وبخصوص أعمال حصر أراضي طرح النهر، والتي تقع تحت ولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، والتي تم عرضها على لجنة استرداد أراضي الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، والتي قامت بتكليف الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بالبدء في حصر أراضي طرح النهر وإعداد قاعدة بيانات دقيقة تفعيلاً للقرار الوزاري رقم 1202 لسنة 2016.

وأوضح التقرير، أن منطقة أملاك الجيزة، تقوم حالياً بحصر أراضي طرح النهر بالمحافظة، وتم الانتهاء من بعض النواحي من هذا الحصر في جزيرة الذهب وجزيرة بين البحرين وساحل نهر النيل بـساقية مكى وبندر الجيزة الواقعة بنطاق شارع البحر الأعظم ومنطقة العجوزة شارع النيل ويجري العمل للانتهاء من حصر جميع طرح النهر بالجيزة. وبقى أن هذه الجهود الناجمة عن الشعور المتزايد بأهمية نهر النيل لكافة مناحي الحياة في البلاد، بشكل جعل هذه التعديات ترقى إلى مستوى الجرائم يجب أن تترجم في حملة توعية إعلامية ومجتمعية من أجل رفع الوعي بمساندة الجهود الحكومية الجارية في الحفاظ على المجرى المائي وتعظيم الاستفادة منه اجتماعياً واقتصادياً وسياحياً، وعلى منظمات المجتمع المدني أن تلعب دوراً في مجال التوعية المجتمعية.