عكفت مؤسسات إعلامية وبحثية وأخرى تجارية، على تجميع المعطيات الضرورية لتحديد طبيعة وحجم نتائج المونديال على الاقتصاد والنشاط الاقتصادي في روسيا ,في الوقت الذي ما زالت فيه المؤسسات الرسمية الروسية تركز على الجانب الترويجي - الدعائي لمونديال "روسيا 2018"، وتأمل في حصد نتائج اقتصادية إيجابية للمونديال على المدى البعيد
ونشر مصرف "سبير بنك" دراسة، قال فيها إن المشجعين الأجانب أنفقوا خلال المونديال في الأجزاء الأوروبية من روسيا نحو 1.5 مليار دولار أميركي.
وحسب بيانات أولية نشرتها وكالة "ريا نوفوستي" الحكومية، أنفق المشجعون الأجانب خلال ثلاثة أسابيع، ما يزيد عن 20 مليار روبل روسي، أو ما يعادل 317 مليون دولار أميركي، 75 في المائة منها نفقات نقل ومواصلات، بينما ذهب الجزء الباقي للطعام والإقامة.
وكان هناك إقبال كبير على الإقامة فيما يطلق عليه "هوستل"، وهو في روسيا عبارة عن شقق يتم تحويلها إلى إقامات فندقية رخيصة الأسعار، حيث يقيم في الغرفة الواحدة منها أكثر من شخص في آن واحد، يتشاركون المرافق، مثل الحمام والمطبخ وغيرها.
وارتفعت تكلفة الإقامة في هذه الوحدات خلال المونديال نحو 3 مرات، من مستويات بين 600 إلى 700 روبل، حتى 2000 إلى 2500 روبل للسرير الواحد كل ليلة. وبالنسبة للفنادق العادية نمت عائدات الغرفة الواحدة فيها بنسبة تراوحت ما بين 40 إلى 80 في المائة، مقارنة بعائدات الغرفة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، أي من منتصف يونيو (حزيران) حتى منتصف يوليو (تموز).
تشير معطيات موقع "OneTowTrip" المتخصص في الحجوزات الفندقية، إلى أن 52 في المائة من المشجعين أقاموا خلال المونديال في فنادق تقليدية، وفي المرتبة الثانية أقام 28 في المائة منهم في شقق "لدى أصدقاء"، و15 في المائة في شقق مستأجرة، بينما قرر 4 في المائة من المشجعين الإقامة إما في خيم معهم، أو في سياراتهم.
وقال خبراء من مؤسسة تعمل في مجال العقارات، إن 277 ألف مشجع، 76 في المائة منهم من الأجانب، استأجروا شققًا سكنية للإقامة في روسيا خلال المونديال، وهو ما أدى إلى ارتفاع الطلب على هذا النوع من الخدمات بأربع مرات، مقارنة بحجم الطلب على تأجير الشقق خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
و أعدت صحيفة "فيدوموستي" تقريرًا أوليًا بشأن بعض النتائج الاقتصادية للمونديال، واستندت في ذلك إلى معطيات أوردتها مؤسسات ائتمانية ومراكز دراسات اقتصادية، عالمية ومحلية، منها تقرير وكالة "موديز" الذي أشار إلى أن إنفاق المشجعين الأجانب خلال المونديال ساهم في تعزيز قيمة الروبل الروسي، الذي يعيش حالة ضعف نتيجة العقوبات الأميركية.
و أعد خبراء مصرف "في تي بي" الروسي تقريرًا بشأن الوضع المالي قبل وخلال المونديال، قالوا فيه إن "هروب العملة الصعبة من السوق الروسية تراجع في الربع الثاني من العام الجاري، ما أدى إلى انخفاض عجز الخدمات في ميزان المدفوعات لأول مرة منذ نهاية عام 2016".
وتشير معطيات اللجنة التنظيمية للمونديال في روسيا، إلى أن 1.3 مليون مشجع زاروا المونديال، 570 ألفًا منهم أجانب، وهو ما أدى إلى نمو الطلب على بطاقات السفر الجوي إلى روسيا وداخلها، بنسبة 32 في المائة.
وقال خبراء موقع "توتو. رو" إن أسعار بطاقات النقل الجوي كانت ترتفع في أيام المباريات مرات عدة، مقارنة بأسعارها في الأيام التي لم تشهد مباريات، وارتفع السعر في بعض الحالات 12 مرة.
وقامت شركة "S7Airlines" ثاني أضخم شركة طيران في روسيا، بنقل 100 ألف راكب من زوار المونديال.
بينما قامت شركة طيران "أورالسكي" بنقل 60 ألف مشجع.
وانعكس هذا الأمر على عمل المطارات الرئيسية في روسيا، وفي مقدمتها مطار "شيرميتوفو" في العاصمة موسكو، الذي شهد خلال "شهر المونديال" زيادة نحو 15 في المائة على أعداد المسافرين، مقارنة بأعدادهم خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما زاد عدد المسافرين عبر مطارات أخرى في موسكو، منها مطار "فنوكوفو" بنسبة 17.1 في المائة، ومطار "دوموديدوفو" بنسبة 14.7 في المائة.
وفي مدن أخرى، سجل مطار سوتشي زيادة عبور بنسبة 18 في المائة.
اعتمد المشجعون بصورة رئيسية للتنقل الداخلي بين المدن التي استضافت المونديال على السكك الحديد (القطارات)، والنقل البري (بواسطة السيارات).
وحسب التقديرات الأولية التي أعدتها مؤسسة السكك الحديدية الروسية، تم نقل أكثر من مليوني راكب إضافي على متن القطارات خلال المونديال، جزء منهم على حساب الميزانية الروسية.
توقعت "موديز" أن تكون أرباح مؤسسة السكك الحديد من بطولة العالم لكرة القدم، قصيرة الأجل، وألا يتجاوز ارتفاع عدد المسافرين على متن القطارات نسبة 3 في المائة سنوياً، بينما ستبقى الأرباح ضمن مستويات معتدلة، نظراً لأن الحكومة قيدت أسعار بطاقات النقل بواسطة القطارات.
وتشكل كل الأرقام آنفة الذكر مجرد مؤشرات أولية على نتائج عمل بعض قطاعات الخدمات خلال المونديال، أما النتائج الاقتصادية ، من منظور الربح والخسارة، عبر المقارنة بين إنفاق الميزانية الروسية على المونديال ودخلها منه، فهو أمر يتطلب بعض الوقت.
وتعول الحكومة الروسية على أثر اقتصادي إيجابي لاستضافة المونديال على المدى البعيد. وكان "المركزي الروسي" قد توقع في وقت سابق، أن يضيف المونديال ما بين 0.1 و0.2 في المائة لنمو الناتج المحلي الإجمالي خلال 2018.
وتوقعت وزارة التنمية الاقتصادية انتعاشًا كبيرًا لقطاع السياحة، وقدرت أن تصل عائدات السياحة إلى ملياري دولار خلال المونديال.
كما توقعت دراسة أعدتها لجنة "الفيفا" أن يعزز المونديال الاقتصاد الروسي بنحو 3 مليارات دولار سنويًا على مدى السنوات الخمس المقبلة.
أرسل تعليقك