شهدت الصين تحسّنًا أفضل من المتوقع في قطاعي التجزئة والصناعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفق بيانات صدرت الاثنين؛ حيث عزّز دعم حكومي الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم مع انحسار حدة الخلاف التجاري مع واشنطن.
وجاءت الأرقام في نهاية عام صعب بالنسبة لثاني قوة اقتصادية في العالم، التي ينمو اقتصادها بأقل معدل منذ ثلاثة عقود، في وقت تنخرط بحرب تجارية مع واشنطن وسط تباطؤ في الطلب العالمي على منتجاتها.
وارتفع الإنتاج الصناعي الشهر الماضي بنسبة 6.2 في المائة عن العام السابق، بزيادة نسبتها 4.7 في المائة عن أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أفضل رقم يتم تسجيله خلال ستة أشهر. بينما ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 8.0 في المائة، مقارنة بارتفاعها 7.2 في المائة في الشهر الذي سبقه، وذلك بفضل إجراءات تحفيز ومهرجان التسوق المعروف بيوم العزاب خلال الشهر، بحسب مكتب الإحصاءات.
وفاقت الأرقام التوقعات، ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن محللين تقديراتهم بأن يشهد الإنتاج الصناعي نموًا بنسبة 5.0 في المائة ومبيعات التجزئة 7.6 في المائة.
اقرا ايضًا:
النفط ينخفض لليوم الثاني قبل بيانات المخزونات الأميركية
وتتوافق بيانات الصناعة القوية مع التحسن المفاجئ في مؤشرات المصانع في نوفمبر، بما في ذلك مؤشرات مديري المشتريات التي أشارت إلى أن الدعم الحكومي يعزز الطلب المحلي حتى مع انكماش الصادرات وأسعار المنتجين. كما أظهرت بيانات رسمية توسع الناتج الصناعي "ذو القيمة المضافة"، المؤشر الاقتصادي الهام، بنسبة 5.6 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري.
وأفاد المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصائيات فو لينغوي أن المؤشرات الاقتصادية الأساسية "كانت أفضل من المتوقع" في وجه "المخاطر المتزايدة والتحديات الداخلية والخارجية". لكنه حذر من أن "الضغط" لا يزال قائمًا على الاقتصاد الصيني نظرًا "لعدم الاستقرار الخارجي المتزايد والضبابية".
من جهة أخرى، ذكرت مصلحة الدولة للإحصاء اليوم الاثنين أن مؤشر الإنتاج لقطاع الخدمات في الصين ارتفع بنسبة 6.8 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنة بارتفاع 6.6 في المائة في أكتوبر. بينما ارتفع الاستثمار في رؤوس الأموال الثابتة بنسبة 5.2 في المائة، وهو رقم معادل لأرقام أكتوبر ويتوافق مع التوقعات، تمشيا مع الزيادة على مدى الأشهر العشرة الأولى، وهي أضعف وتيرة في عقود.
لكن نمو قطاعي البنية التحتية والعقارات، وهما محركان رئيسيان للنمو، ظل ضعيفا في نوفمبر، ما يبرز التحديات الرئيسية لبكين في جهودها من أجل استقرار الأداء الاقتصادي العام المقبل. وتباطأ نمو الاستثمار في البنية التحتية، وهو محرك رئيسي للنشاط، إلى أربعة في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر، من مستوى 4.2 في المائة في أول عشرة أشهر.
وفي الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، بلغ إجمالي مبيعات السلع الاستهلاكية 37.29 تريليون يوان (5.33 تريليون دولار تقريبًا). وباستبعاد مبيعات السيارات، فإن وتيرة نمو مبيعات التجزئة في نفس العام الحالي حتى نهاية نوفمبر بلغت 9 في المائة على أساس سنوي.
أما مبيعات التجزئة عبر الإنترنت، فارتفعت بنحو 16.6 في المائة منذ بداية العام وحتى نهاية الشهر الماضي على أساس سنوي، لتبلغ 9.5 تريليون يوان. وخلال شهر نوفمبر، فإن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 8 في المائة لتصل إلى 3.81 تريليون يوان مقابل ارتفاع 7.2 في المائة في شهر أكتوبر السابق له.
وفي نوفمبر، سجّل الصينيون أرقامًا قياسية جديدة في إنفاقهم خلال "يوم العُزّاب" السنوي الذي تكثر فيه عمليات الشراء، إذ أشارت مجموعة "علي بابا" للتجارة الإلكترونية إلى أن المستهلكين أنفقوا 38.3 مليارات دولار عبر منصاتها خلال مناسبة التسوق الأكبر في العالم التي تستمر لـ24 ساعة.
وتباطأ النمو الاقتصادي الصيني إلى ستة في المائة في الربع الثالث من العام، وهو المعدل الأبطأ منذ سنة 1990، بينما تراجع الطلب على الصادرات وخفف المستهلكون الصينيون مصاريفهم.
وأفاد فو بأن بكين في طريقها لبلوغ هدفها للنمو للعام كاملًا (ما بين 6.0 إلى 6.5 في المائة) لسنة 2019، لكن "عليها الإقرار بأن البيئة الدولية الحالية لا تزال معقدة نسبيًا". وأفاد بأن الاتفاق التجاري الجزئي "خفف من الضبابية في الأسواق".. لكن محللين أشاروا الاثنين إلى أن الأرقام الجيدة لا تشكل بالضرورة مؤشرًا على النمو المستدام.
كما أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن أسعار المساكن في مدن المستوى الأول، وهي بكين وشنغهاي وشنتشن وغوانغتشو، حققت قفزة في النمو بنسبة 0.6 في المائة في نوفمبر الماضي، مقابل 0.2 في المائة في مدن المستوى الثاني، و0.5 في المائة في مدن المستوى الثالث. وليس هناك شك في أن استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين من شأنه أن يعزز الصادرات واستثمارات الشركات على المدى القريب، بحسب ما ذكره مارتين لينغ، خبير الاقتصاد بمؤسسة "كابيتال إكونوميكس" لأبحاث الاقتصاد، ومقرها العاصمة البريطانية لندن. ويستعد القطاع العقاري، وهو فاعل رئيسي في دعم النمو خلال الفصول الأخيرة، لنوع من الاعتدال، حيث يتعرض التمويل لهذا القطاع لإجراءات تنظيمية صارمة.
وأوضح مكتب الإحصاءات الوطنية أن معدل البطالة في الصين لم يشهد تغيرا في نوفمبر الماضي مقارنة بشهر أكتوبر السابق عليه؛ حيث سجل 5.1 في المائة.
قد يهمك أيضًا
الصين تعلق فرض تعريفات جمركية على بعض السلع الأميركية
الصين تؤكّد العمل لإخراج "مرحلة أولى" من الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
أرسل تعليقك