التقى رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، مع رؤساء دول وحكومات 16 دولة في وسط وشرق أوروبا، من بينهم 11 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، في العاصمة البلغارية صوفيا، في مؤتمر سنوي يهدف إلى تعزيز مصالح بكين الاقتصادية والتجارية في المنطقة.
وتتزامن مشاركة "لي" في الاجتماع مع تصاعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وسيحاول "لي" تبديد شكوك متزايدة بين بعض المشاركين في قيمة هذه الاجتماعات السنوية.
وهذا هو المؤتمر السابع لـ"16 + 1" منذ الاجتماع الافتتاحي في وارسو عام 2012. ويركز المؤتمر بشكل خاص على مشاريع تدعم خطة البنية التحتية العالمية لبكين لمبادرة الحزام والطريق، والتي تهدف إلى فتح آسيا وأوروبا أمام السلع والاستثمارات الصينية.
وتحتاج الصين إلى دعم الاتحاد الأوروبي في معاركها التجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأسفرت الاجتماعات السابقة عن خطط لمشاريع ضخمة، مثل تحديث طريق السكك الحديدية بين بلغراد وبودابست بقيمة 3.2 مليار يورو (3.73 مليار دولار)، والذي من المتوقع أن يكون جزءاً من ممر نقل معزز من ميناء أثينا -الذي حصلت الصين على حصة أغلبية فيه- إلى أوروبا.
ومع ذلك، مثل العديد من المشروعات الأخرى، لم يحدث تقدم يذكر في المشروع منذ أن تم الكشف عنه قبل أربع سنوات. وعلى الرغم من عشرات مليارات اليورو التي أُعلن عنها لهذه المشاريع، لا تزال الصين متخلفة عن المنافسة الأوروبية في المنطقة.
وصنّف مراقبون على نطاق واسع كفاءة برنامج "16 + 1"، على أنه ضعيف، وتكهنوا بأن الصيغة ربما تتغير بالفعل بعد اجتماع صوفيا.
- تقسيم الاتحاد الأوروبي
وقال لي خلال مؤتمر صحافي مشترك يوم الجمعة مع رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف الذي تستضيف بلاده القمة إن "البعض ربما يقول إن مثل هذا التعاون ربما يقسم الاتحاد الأوروبي ولكن هذه ليست هي الحقيقة... نتعشم أن نحسن من خلال تعاوننا تنمية كل الدول المشاركة ومساعدتها على تحسين الاندماج في عملية التكامل الأوروبية”. ويسافر لي من بلغاريا إلى ألمانيا.
ومن المتوقع حضور أكثر من 250 شركة صينية و700 رجل أعمال من وسط وشرق أوروبا منتدى اقتصاديا إلى جانب اجتماع القمة سعيا لإبرام اتفاقيات في مجالات التجارة والتكنولوجيا والبنية الأساسية والزراعة والسياحة.
وتقدمت الصين بشكوى ضد الولايات المتحدة لدى منظمة التجارة العالمية، وفقا لما أعلنته يوم الجمعة وكالة ينخوا الصينية الرسمية.
وبهذا تقتفي الصين أثر كل من الاتحاد الأوروبي وكندا في رد فعلهما على فرض الولايات المتحدة رسوم جمركية عقابية على واردات تلك الجهات إليها.
ويأتي ذلك في تحرك عملي ومحدد لثاني أكبر اقتصاد في العالم إزاء بدء تطبيق الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية عقابية بقيمة 34 مليار دولار على كميات من البضائع الصينية يوم الجمعة.
وتعتزم الصين فضلا عن ذلك فرض رسوم انتقامية على المنتجات الأميركية.
وتشير وسائل الإعلام الأميركية إلى أن كلتا الدولتين تخوضان حاليا حربا تجارية.
وتعتبر الصين أن الولايات المتحدة تشن "أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي” بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أن دخلت حيز التنفيذ الجمعة رسوم جمركية تبلغ 25 في المائة على ما قيمته 34 مليار دولار من البضائع الصينية من بينها سيارات وقطع تدخل في صناعة الطائرات أو الأقراص الصلبة لأجهزة الكومبيوتر لكنها تستثني الهواتف المحمولة أو التلفزيونات.
وعلى الاثر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية دخول إجراءاتها للرد حيز التنفيذ "على الفور”.
ولم تحدد وزارة التجارة الصينية ما هي السلع الأميركية التي ستفرض عليها الرسوم الإضافية. ويحذر الخبراء منذ أشهر من أضرار محتملة لمواجهة تجارية مماثلة ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأميركي بل أيضا على صعيد الاقتصاد العالمي تهدد بوقف نمو اقتصادي مستمر منذ سنوات.
- ارتفاع قياسي في صادرات أميركا
أظهرت بيانات التجارة الأميركية ارتفاعًا قياسيًا أول من أمس (الجمعة)، في الصادرات، بعد أن ضاعف المستوردون عمليات الشراء وبخاصة حبوب الصويا الأميركية التي تشملها زيادة الرسوم، وذلك من أجل زيادة المخزونات قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ.
وقال خبراء إن ما نشهده هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، مع توقع تراجع الصادرات الأميركية في الفصل الثالث من العام الحالي، بعد أن لمس الطرفان آثار تدهور العلاقات التجارية.
وقد تكون الرسوم الجديدة مجرد تمهيد للحرب التجارية، لا سيما أن ترامب توعد بأن تبلغ قيمة المنتجات الصينية التي ستخضع لضرائب 450 مليار دولار، أي الغالبية الكبرى من الواردات من العملاق الآسيوي (505,6 مليار دولار في 2017).
ومن شأن ذلك أن يُزيد من الخلافات القائمة مع كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، والتي قد تزداد سوءاً إذا قرر المضيّ قدماً في فرض رسوم إضافية على السيارات.
وذكرت الحكومة الصينية أنها "قدمت شكوى إضافية إلى منظمة التجارة العالمية... بخصوص الرسوم التي فرضتها الولايات المتحدة رسمياً".
ويبدو أن المحادثات التي استمرت لأشهر بين القوتين الاقتصاديتين، ولا سيما ضمن منظمة التجارة العالمية، فشلت بعد أن حذر ترامب قبل ساعات من دخول الرسوم حيز التنفيذ بأن واشنطن مستعدة لتصعيد النزاع، ملوحاً بفرض رسوم إضافية بمئات مليارات الدولارات على السلع الصينية.
وكان ترامب قد ندد مرارًا بما اعتبره سوء معاملة الصين للولايات المتحدة اقتصاديًا. وفي 2017 بلغ العجز التجاري الأميركي مع الصين 375,2 مليار دولار.
ويتهم مسؤولون أميركيون، الصين، ببناء هيمنتها الصناعية عبر سرقة إلكترونية للدراية التكنولوجية الأميركية بفرضها نقل الملكية الفكرية والاستحواذ عليها من قبل شركات تابعة للدولة.
- ترامب يعتقد أنه يمكنه الفوز بالمعركة
وعلى الرغم من التحذيرات من تأثير الرسوم على الولايات المتحدة، فإن ترامب يعتقد أن الاقتصاد الأميركي يمكنه الخروج فائزاً من هذه المعركة. وفي المقابل تعتبر الصين اقتصادها قادرًا على تخطي الأزمة بالتركيز على الطلب المحلي وتخفيف الاعتماد على الصادرات.
وأعلن مسؤول من المصرف المركزي الصيني، الجمعة، أن "الحرب التجارية ستؤدي إلى تباطؤ نمو إجمالي الناتج الداخلي الصيني بـ0.2%" في 2018، إلا أنه اعتبر أن أثر الضرائب الأميركية سيكون محدوداً على الاقتصاد الصيني. ومع اقتصار قيمة السلع الأميركية التي ستطالها الرسوم على 130 مليار دولار، أعلنت الصين أنها ستفرض رسوماً "كمية" و"نوعية" على السلع الأميركية، مما أثار المخاوف من عرقلة أعمال الشركات الأميركية العالمية العاملة في الصين.
واتهمت بكين، الولايات المتحدة بمهاجمة العالم بأسره عبر فرض الرسوم الإضافية، مشيرة إلى أن غالبية الصادرات الصينية التي ستطالها الرسوم تصنعها شركات ذات استثمارات أجنبية، وحتى أميركية.
وقال رئيس الوزراء الصيني الذي يزور صوفيا، إن "حرباً تجارية لن تفيد أحداً لأنها تضر بالتجارة الحرة والعمليات المتعددة الأطراف".
أرسل تعليقك