قالت أنطوانيت ساييه، نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، إن مصر حققت معدل نمو قوي للغاية بلغ 6.7% في أعقاب وباء كوفيد، ومع ذلك من المتوقع أن تشهد في عام 2023 تباطؤ في معدل النمو ليصل إلى 3.7%، وهذا يعكس تأثير الضغوط العالمية على مصر من حيث ارتفاع الأسعار والتحديات المحلية.
ووصلت أنطوانيت ساييه إلى القاهرة يوم الجمعة الماضي؛ لعقد لقاءات مع المسئولين في الحكومة، حول برنامج القرض المصري مع صندوق النقد.
وأضاف ساييه في تصريحات لـ"الشروق"، أنه لم تتم المراجعة التي كان من المقرر إجراؤها في مارس، ولم تصرف الشريحة المقررة لمصر و"لكن نتوقع أن نرى نتائج المناقشات الهامة والجادة التي أجريناها خلال هذه الزيارة في الأسابيع القليلة المقبلة".
وأكدت أنه على الحكومة المصرية المضي قدما في برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يسير بطريقة إيجابية حتى الآن، وسيتم تحديد مراجعة البرنامج بناء على هذا التقدم، مضيفة "لقد كان الصندوق دائما شريكا طويل الأمد لمصر، وإذا تم تنفيذ البرنامج بالكامل، ستتم تلبية احتياجات الشعب المصري وستكون مصر في وضع أفضل، حتى لو كان البعض غير متحمس، فإن أفضل طريقة للتعامل معهم هي تنفيذ البرنامج حتى يتمكنوا من الشعور بآثاره الإيجابية".
وقالت ساييه: "أجرينا مناقشات مثمرة بشأن البرنامج، وستترجم هذه المناقشات إلى أفعال في الأسابيع المقبلة، كما ناقشنا القضايا المتعلقة بدور الدولة، وتحقيق الحياد التنافسي بين القطاع الخاص والدولة، وبيع عدد من الأصول"، مضيفة: "الحكومة مدعوة إلى تقليل وتيرة المشاريع التي تضغط على ميزانية الحكومة والانتقال إلى سعر صرف مرن".
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، في ديسمبر الماضي، على عقد اتفاق مدته 46 شهرا مع مصر في إطار "تسهيل الصندوق الممدد" بقيمة 3 مليارات دولار تقريبا، وحصلت مصر على الشريحة الأولى من القرض والبالغة نحو 347 مليون دولار في ديسمبر الماضي، عندما وافق المجلس على القرض.
ويُتوقع أن يشجع "تسهيل الصندوق الممدد" على إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار من شركائها الدوليين والإقليميين.
ويمثل البرنامج مجموعة من السياسات الهادفة إلى الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، تتضمن التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن، وسياسة نقدية تهدف إلى تخفيض التضخم تدريجيا، والضبط المالي لضمان تراجع مسار الدين العام، مع تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، وإصلاحات هيكلية واسعة النطاق لتقليص بصمة الدولة وتعزيز الحوكمة والشفافية.
وأكدت أن تركيزنا الآن على دعم الإصلاحات الضرورية في مصر، وتتمثل الأولوية في تنفيذ إجراءات الإصلاح المطلوبة لتحقيق نتائج ملموسة، "وسيحدد هذا موعد المراجعة، المهم الآن هو تنفيذ الإصلاحات اللازمة، وهذا في حد ذاته سيحدد في نهاية المطاف موعد المراجعة"، متوقعة أن يتباطأ معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.2% هذا العام مقارنة بـ5.3% العام الماضي.
وأضافت ساييه، أن جميع دول المنطقة ستتأثر بالتباطؤ هذا العام وستشهد دول مجلس التعاون الخليجي أكبر تباطؤ، حيث ستنتقل من 7.7% في عام 2022 إلى حوالي 2.9% هذا العام، حيث يعد خفض إنتاج النفط تماشياً مع اتفاقية "أوبك +" أحد العوامل الكامنة وراء ذلك، ومع ذلك، فإن الانخفاض في المنطقة يعزي بشكل رئيسي إلى الجهود المبذولة لمعالجة التضخم المرتفع، وبالتالي يلزم تشديد السياسات النقدية، وفي بعض الحالات السياسات المالية أيضا للتعامل مع الضغوط التضخمية.
وفي تصريحات لبرنامج "كلمة أخيرة" مساء السبت، قالت نائبة المدير العام لصندوق النقد الدولي، إن البنك المركزي المصري ربما يكون من الضروري أن يستمر في رفع أسعار الفائدة، لكن هذا القرار يجب اتخاذه ببعض الحذر، خاصة أن المركزي رفع أسعار الفائدة بالفعل بمقدار 10% سابقا، موضحة أن التضخم كان قد شهد انخفاضا قبل أن يعود للارتفاع خلال الشهر الماضي، لذا يجب المتابعة الشهرية ثم اتخاذ القرار بناء على معلومات واتجاه واضح.
وأشارت إلى أن البرنامج مع الصندوق كان من المتوقع أن يكون محفزًا لاستثمارات أجنبية أخرى بقيمة 14 مليار دولار، على مدى 4 سنوات، لكن "نحن حاليا اقتربنا من الشهر السابع من البرنامج، لذا لا يزال هناك الكثير من الوقت لتحفيز هذه الاستثمارات، وهو المبلغ الذي كان مخصصا بناء على التنفيذ الكامل لحزمة البرنامج، الذي لا يزال في إطار التنفيذ ولابد من متابعته بطريقة شديدة التركيز كي يسفر عن نتائج ملموسة أكثر".
وحول قرار وزيرة التخطيط، بإبطاء 20%من المشروعات القومية خاصة ذات المكون الدولاري، أوضحت أن تلك المشروعات تستهلك جزءًا كبيرًا من النقد الأجنبي ومن الطلب على السلع المحلية ما يساهم في زيادة الضغوط السعرية، دون أن تساهم تلك المشروعات في الجهود المطلوبة حاليا، لذا فمن الضروري التأكد من تعديل وتيرة تنفيذ تلك المشروعات، "ونرحب بما قالته وزيرة التخطيط بشأن التباطؤ بنسبة 20% وأتمنى أن يتم التنفيذ بشكل كامل".
وأوضحت ساييه، أنه إذا تم التنفيذ الكامل للبرنامج الصندوق فيمكنه الاستجابة لاحتياجات الشعب المصري والمساعدة في إدراك الإمكانات التي يتمتع بها هذا البلد، لاسيما أنه ممتد لـ4 سنوات وبإمكانه تحقيق الكثير على مدار هذه الفترة، وبالطبع ليس كل ما هو مطلوب، ولكن يمكنه وضع مصر في مكان أفضل، لذلك فإن التنفيذ الكامل لهذا البرنامج سيكون تحديا.
وتابعت أنه كما هو الحال في كل دول سيكون هناك بعض من غير المتحمسين لرؤية بعض الإصلاحات، لذلك يجب على الحكومة أن تنظر على نطاق أوسع وهو منظور مصلحة الدولة، لضمان أفضل طريق للتعامل مع المقاومين المحتملين للإصلاحات وتجاوزها وتولي مسئولية برنامج الإصلاح والمضي قدما به.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي في روسيا العام الماضي
صندوق النقد الدولي يعلن تحسن اقتصاد سريلانكا لكن التعافي مازال صعبا
أرسل تعليقك