توقيت القاهرة المحلي 20:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تملأ الحكومة الفراغ باقتراحات وأفكار لا ترتقي إلى مستويات المرحلة

لبنان يُخطِّط لتثبيت الليرة على 5500 للدولار الواحد والبلاد تُواجه خطر الزوال

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - لبنان يُخطِّط لتثبيت الليرة على 5500 للدولار الواحد والبلاد تُواجه خطر الزوال

الليرة اللبنانية
بيروت - مصر اليوم

دخل مصطلح جديد إلى «الساحة» المفتوحة على التجارب اللفظية، اسمه «مجلس النقد»، وهو مصطلح بدأ يسمع به اللبنانيون بقوة في الأيام القليلة الماضية ويتمّ تصويره كأنه الحل السحري الذي سيُعيد إلى الليرة اللبنانية رونقها، ويحمي البلد من «جهنم» الموعود، بينما يستمر المشهد السياسي على مساره المعقّد، وتمضي الأمور على رتابتها القاتلة، وتبقى البلاد بلا حكومة رغم دقة الوضع الذي وصل إلى مرحلة بات يُسمح معها بالقول نّ لبنان يواجه خطر الزوال، يتمّ ملء الفراغ باقتراحات وأفكار لا ترتقي إلى مستويات المرحلة. هذه الأفكار، على أهميتها أحياناً، تأتي في سياق منفصل عن الحل الشامل الذي باتت خارطة طريقه معروفة، وهي ترتكز على حكومة مستقلة تتولى وضع خطة إنقاذ شاملة، تتماهى ومتطلبات المجتمع المحلي والدولي، وتمرّ حُكماً في صندوق النقد الدولي.
خارج هذا الاطار، يَجهَد البعض في تقديم أفكار واقتراحات، يتلقّفها المجتمع المحلي المُتعطّش إلى خشبة خلاص يمكن أن تنشله من حال الغرق المستمر منذ أشهر طويلة. آخر وأحدث الاقتراحات التي يجري التداول بها تتعلق بتشكيل مجلس للنقد (currency board) يتولى عملية انتشال الليرة من انهيارها، ويُثبّت سعر صرفها منعاً لمزيد من التراجع في قيمتها في المستقبل. ويعطي المتحمّسون للفكرة أرقاماً مُسبقة عن السعر الذي يمكن اعتماده لتثبيت الليرة، وهو بين 5000 أو خمسة 5500 ليرة للدولار الواحد. (سعر الصرف حالياً في السوق السوداء حوالي 8300).
ما قصّة مجلس النقد هذا، القادِر على اجتراح العجائب، وهل صحيح انه المَمر الآمن نحو سعر صرف ثابت في هذه الظروف الصعبة، التي يخشى معها اللبناني ان يستمر تدهور سعر صرف عملته الوطنية في المرحلة المقبلة، وصولاً إلى أرقام تضخمية خطيرة تشبه تلك التي بلغتها دول تعرّضت للانهيار المالي والحصار الاقتصادي؟
قبل الوصول إلى الحكم النهائي على دور وأهمية مجلس النقد الذي يتمّ الترويج له، لا بد من تقديم لمحة ولو موجزة عن ماهية هذه المؤسسة، كيف تعمل؟ أين عملت؟ وما كانت النتائج؟ وعليه، يمكن إيراد الملاحظات والحقائق التالية:
أولاً - عبر التاريخ، كانت مجالس النقد قائمة فقط في الدول المُستَعمَرة. وانتشرت بصورة خاصة في دولٍ استعمرتها بريطانيا، وبقيت تابعة لسلطتها. وفي كل مرة حصلت فيها دولة على استقلالها، كانت تتخلى عن مجلس النقد، وتؤسّس مصرفاً مركزياً. وهكذا تحوّل وجود مصرف مركزي الى مؤشّر لاستقلالية الدولة من الوجهة المالية والاقتصادية. وعليه، لا يمكن تقييم نتائج تجارب هذه المجالس ومقارنتها بالوضع الراهن للدول، بعد زوال حقبة الاستعمار في العالم.
ثانياً - في العصر الحديث، توجد تجارب عدة في موضوع مجلس النقد، منها ما اعتُبر فاشلاً مثل التجربة الأرجنتينية التي بدأت في العام 1991 وانتهت في 2002. وبعضها يعتبره البعض ناجحاً، ولو انه يحتاج الى مزيد من التدقيق مثل التجربة البلغارية. كذلك خاضت تجربة مجلس النقد كل من ليتوانيا واستونيا والبوسنة. وكل هذه التجارب لا تزال تخضع لعملية تقييم لمعرفة نتائجها الحقيقية على الاقتصاد، خصوصاً انّ هذا النوع من السياسات النقدية يحتاج فترة زمنية طويلة للحُكم على نتائجه.
ثالثاً - لا توجد دول متطورة ومستقرة تعتمد في سياستها على مجلسٍ للنقد، بل ينحصر وجود هذه المجالس في دول تعاني أزمات وأوضاعاً استثنائية، ولذلك يُستخدم مصطلح CBA currency board arrangement للدلالة على الطابع الاستثنائي والتسيوي لإنشاء هذا النوع من المؤسسات.
في المحصّلة، ينبغي أن يكون معروفاً انّ الدور الحصري تقريباً لمجلس النقد هو المحافظة على سعر صرفٍ ثابت من خلال ربط عملة البلد المُستهدف بعملةِ بلد آخر متطور. ويستند هذا المبدأ على فكرة الربط الكامل بين عملتين: واحدة تابعة وأخرى مَتبوعة. ولا يمكن تطبيق هذا المبدأ من دون الاستناد إلى تغطية بالعملة التي يختارها أي مجلس نقد لتشكّل الاحتياطي الذي يمكن الاستناد إليه لطباعة العملة وتحديد حجم الكتلة النقدية. والمبدأ بسيط، ويقضي بعدم طباعة أي ورقة نقدية لا تُؤمَّن تغطيتها بالعملة الصعبة. ويبقى الهدف من هذا الإجراء وقف نمو التضخّم، وتحديد سعر منخفض للفوائد.
لكن هذا المبدأ على بساطته لا يمكن تطبيقه بالبساطة نفسها، ويكاد يكون نجاح تجربة مجالس النقد أو فشلها شبيهاً بتجارب النجاح والفشل في تعاون الدول مع صندوق النقد. البعض ينجح والبعض الآخر يفشل، والمعيار هنا في الاجمال، التطبيق الدقيق للخطط والقوانين، ووضعية كل دولة.

أسئلة كثيرة ينبغي أن تتأمّن الإجابة عنها لمعرفة الجواب، منها:
أولاً - ما الفرق بين تجربة تثبيت سعر صرف الليرة التي قد يتولاها مجلس النقد، وتجربة التثبيت التي قام بها مصرف لبنان على مدى عشرين عاماً؟
ثانياً - ما هو الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة التي سيستند إليها مجلس النقد لتحديد سعر صرف الليرة، وهل انّ الاحتياطي الإلزامي الباقي في المركزي ثابت لاعتماده، ام انه متحرّك وبتصرّف السلطة التي تفكر في استخدامه لاستكمال الدعم ولو تحت مُسمّى الترشيد؟
ثالثاً - ما تأثير وجود مجلس للنقد على القطاع المصرفي الذي سيتم الاعتماد عليه، رغم فقدان الثقة به حالياً، للنهوض بالبلد مجدداً عندما يحين موعد تنفيذ خطة للانقاذ؟
رابعاً - ما رأي صندوق النقد الدولي بهذا الموضوع، وهل يمكن اعتماد هذا الخيار من دون موافقته؟
هناك اسئلة اضافية ينبغي أن تُطرح قبل إبداء الحماسة لإنشاء مجلس للنقد، والأمر يحتاج الى دراسة مُعمّقة وهادئة، وليس الى مزايدات في طرح الاقتراحات، على طريقة «أنا اقترح إذن أنا موجود».

قد يهمك أيضا : 

"ستاندرد آند بورز" تُخفض تقييم تحويل المال والعملة في لبنان إلى "ب -"

 المؤشر ستاندرد آند بورز500 يغلق عند مستوى قياسي

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان يُخطِّط لتثبيت الليرة على 5500 للدولار الواحد والبلاد تُواجه خطر الزوال لبنان يُخطِّط لتثبيت الليرة على 5500 للدولار الواحد والبلاد تُواجه خطر الزوال



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon