كشف التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي بشأن التنافسية أن الولايات المتحدة انتقلت إلى المرتبة الثانية بعد سنغافورة في قدرتها التنافسية، بسبب الحروب التجارية التي يخوضها الرئيس دونالد ترامب.
ومنذ عام 1979 ينشر المنتدى الذي يعقد كل سنة اجتماعا في منتجع دافوس السويسري تحضره أهم الشخصيات السياسية والاقتصادية في العالم، تصنيفا لأفضل الاقتصادات في مجالي القدرة الإنتاجية والنمو على الأمد الطويل. وقال التقرير الذي نشر أمس: "مع أن الولايات المتحدة تبقى قوة قادرة على الابتكار، وثاني اقتصاد في قدرتها التنافسية، بدأت تظهر بعض المؤشرات المقلقة".
وشمل تقرير التنافسية للعام الجاري 141 اقتصادا، واستطلع آراء 13 ألف مدير تنفيذي حول العالم. واحتلت سنغافورة المركز الأول من حيث التنافسية بفضل سوقها المفتوحة إلى جانب قوة بنيتها التحتية والرعاية الصحية ونظامها المالي، مزيحة أميركا من المركز الأول، بحسب ما ذكره المنتدى الاقتصادي العالمي، بالمؤشر الذي يعتمد على مسح يشمل كبار رجال الأعمال ومسؤولي الشركات الدولية والمحللين الاقتصاديين.
وأشار التقرير إلى تزايد المخاوف من تأثير السياسات الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب على تنافسية الاقتصاد الأميركي. كما أشار مسؤولو الشركات إلى قلقهم من القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الاستعانة بعمال أجانب، ويشعرون أن العمال المهرة في الولايات المتحدة لا يحققون توقعاتهم كما كان الحال من قبل.
وبالرغم أن الولايات المتحدة فقدت في العام الجاري الصدارة، فإن التقرير أكد على أن أكبر اقتصاد في العالم لا يزال يمثل قوة الابتكار، حيث احتلت أميركا المركز الأول عالميًا على صعيد الركيزة الديناميكية للشركات وكذلك المركز الأول في العثور على الموظفين المهاريين، والمركز الثاني في القدرة على الابتكار. وعلى الجانب الآخر سجلت الولايات المتحدة أداءً منخفضًا نسبيًا في بعض الأقسام مثل زيادة الزحام المروري، أو انخفاض المهارات الرقمية.
وأوضحت سعدية زاهدي، المديرة في المنتدى الاقتصادي العالمي، ردا على سؤال عن تأثير العقوبات الجمركية التي تفرضها إدارة ترامب، أنه "من المهم التأكد من انفتاح الدول على التجارة". وأشارت إلى عدم وجود "معطيات محددة" حول تأثير ذلك، لكنها قالت إن "الشعور" الذي يرافق الرغبة في الاستثمار في الولايات المتحدة "تراجع"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضافت زاهدي: "سيؤثر الأمر في نهاية المطاف على الاستثمار على الأمد الطويل، وعلى تفكير صانعي القرار، وعلى نظرة رجال الأعمال غير الأميركيين إلى الولايات المتحدة"، مؤكدة "إذن؛ نعم سيكون التأثير مهما على الأمد الطويل". وأوضحت المسؤولة أن الولايات المتحدة خسرت المرتبة الأولى لأن الأمل في الحياة بصحة جيدة أصبح أدنى مما هو عليه في الصين.
وكانت منظمة الصحة العالمية رأت العام الماضي أن مولودا في الصين يمكن أن يعيش حتى سن 68.7 سنة بصحة جيدة، مقابل 68.5 سنة لمولود في الولايات المتحدة.
ويقوم التقرير بقياس القدرة التنافسية بناء على سلم من صفر إلى مائة درجة، مستندا إلى وضع البنى التحتية والصحة وسوق العمل والنظام المالي ونوعية المؤسسات العامة والانفتاح الاقتصادي.
وحصلت سنغافورة على 84.8 نقطة من أصل مائة. لكن المنتدى الاقتصادي العالمي أشار إلى أن هذا البلد استفاد إلى حد كبير من انتقال الملاحة التجارية إلى مرافئه بسبب الحروب الجمركية بين القوى الاقتصادية العالمية. وحصلت الولايات المتحدة على 83.7 نقطة، مقابل 85.6 نقطة في 2018.
وتقدمت هونغ كونغ أربع مراتب لتحتل المرتبة الثالثة بـ83.1 نقطة، إلا أن المنتدى أشار إلى أن المعطيات جمعت قبل المظاهرات الكبيرة المطالبة بالديمقراطية التي تهز منذ أسابيع هذه المستعمرة البريطانية السابقة. وانتقلت هولندا من المرتبة السادسة في 2018 إلى المرتبة الرابعة متقدمة على سويسرا التي تليها. ثم كل من اليابان وألمانيا والسويد وبريطانيا والدنمارك، في المراتب من السادس إلى العاشر.
وأظهر التقرير تراجع ترتيب دول كبرى، وقال المنتدى الاقتصادي العالمي في بيانه إن "سياسات العمل والتعليم لا تواكب سرعة الابتكار في أغلب الدول، بما في ذلك في بعض الاقتصادات الأكبر والأكثر ابتكارا".
وفي قائمة العشرين الأوائل، تراجعت كل من أميركا وسويسرا واليابان وبريطانيا والنرويج ونيوزيلندا مركزا واحدا، فيما تراجعت كندا وأستراليا مركزين، وألمانيا 4 مراكز دفعة واحدة بأسوأ أداء سنوي للاقتصادات الكبرى. بينما كان التقدم في قائمة الدول السبع الكبرى مقتصرا على فرنسا التي تقدمت مركزين إلى المركز 15 عالميا، وإيطاليا التي تقدمت مركزا واحدا إلى المرتبة 30 عالميا.
ومن حيث تغيير المراكز، كان لافتا تقدم أذربيجان 11 مركزا دفعة واحدة لتحتل هذا العام المرتبة 58 عالميا، وأيضا فيتنام بتقدم 10 مراكز لتحتل المرتبة 67 عالميا. فيما كان أبرز المتراجعين هذا العام بعشرة مراكز كل من الهند إلى المرتبة 58 عالميا، وإيران 99 عالميا.
عربيا، حافظت الإمارات على صدارتها متقدمة مركزين في ترتيب هذا العام إلى المرتبة 25 عالميا. كما تقدمت السعودية 3 مراكز إلى المرتبة 36 عالميا، والكويت 8 مراكز إلى المرتبة 46 عالميا، بينما تراجعت عمان 6 مراكز عن ترتيبها السابق لتحتل المرتبة 53 عالميا، وتقدم الأردن 3 مراكز إلى المرتبة 70. وحافظ كل من المغرب على موقعه في المرتبة 75، وتونس 87 فيما تراجع لبنان 8 مراكز إلى المرتبة 88، وتقدمت الجزائر 3 مراكز إلى 89، ومصر مركزا واحدا إلى المرتبة 93... وجاء اليمن في نهاية اللائحة بالمركز 140، متقدما فقط على تشاد الأخيرة.
قد يهمك ايضاً :
الرئيس الأميركي يؤكد أن الأكراد لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية
أرسل تعليقك