أكد جهاد أزعور مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري يتضمن نتائج مُبشِّرة، فالنمو في الوقت الحالي حوالي 5.5%، ما يجعله من أعلى المعدلات في المنطقة.
وتوقع أزعور، أن يرتفع معدل أكثر مع توسيع نطاق الإصلاحات الهيكلية الجارية وتعميقها، فالنمو الأعلى بقيادة القطاع الخاص سيؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل كما يتضح من تجارب البلدان الأخرى، ما يجعله بمثابة أنجح الطرق لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين على نحو مستدام من خلال زيادة دخلهم المتاح.
وأوضح، أن ارتفاع معدل النمو وانخفاض مستوى الدين العام يتيحان حيزًا أكبر لزيادة الاستثمار العام في الصحة والتعليم، من أجل زيادة إمكانات رأس المال البشري وفرص توليد الدخل، مما يمكن الأسر ستنفق من دخلها أموالا أقل على الصحة والتعليم.
ونستعرض فيما يلى نص الحوار:
ــ ما تقييمكم لمستوى أداء الاقتصاد المصري بعد استكمال البرنامج مع الصندوق، وما هي توصياتكم بخصوص المرحلة القادمة؟
شهد الاقتصاد المصري تعافيا ملحوظا منذ عام 2016، وتمكن من استعادة استقراره بعد أن اقترب من الدخول في أزمة قبلها، وسجل الاقتصاد تحسنًا في أهم المؤْشرات، حيث ارتفع النمو إلى نحو 5.5%، وتراجعت معدلات التضخم والبطالة بشكل ملحوظ، وتقلص عجز المالية العامة والحساب الجاري، بالإضافة إلى انخفاض الدين العام، وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
ــ ما تعليقك على التأثيرات الاجتماعية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي؟.. وتقييمك سياسات الحكومة المصرية في هذا الصدد؟
عززت الحكومة مستويات الحماية الاجتماعية للتخفيف من حدة آثار الإصلاحات على الأسر المنخفضة الدخل، وفي المرحلة القادمة، من الضروري الحفاظ على هذه الإنجازات والتأكد من مواصلة احتواء التضخم، واستمرار مستويات الدين العام في مسارها التراجعي المطرد على المدى المتوسط، واستخدام جزء من الوفورات المتحققة من إصلاح دعم الوقود في تقوية شبكة الأمان الاجتماعي ولاتزال مرونة سعر الصرف أيضًا حيوية كأداة لامتصاص الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد، وللمساعدة في الحفاظ على القدرة التنافسية للصادرات المصرية، وباستشراف المستقبل، فإن مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحديث الاقتصاد تشكل أهمية بالغة لإطلاق إمكانات النمو بمصر، وزيادة الاستثمار والصادرات، وخلق المزيد من الوظائف عالية الجودة وتخفيض البطالة، ومن ثم رفع مستويات المعيشة لكل المصريين مع ضمان توفير الحماية لشرائح السكان من محدودي الدخل.
ــ هل استوفت مصر كل التزاماتها بموجب الاتفاق مع الصندوق؟.. وهل هناك سياسات مازالت بانتظار التنفيذ؟
يعد النجاح في استكمال البرنامج ترجمة لقوة التزام السلطات بالبرنامج ومثابرتها على تنفيذ السياسات اللازمة التي يقتضي جانب منها اتخاذ قرارات شجاعة في ذات الوقت، وهناك تقدم كبير تم إحرازه خلال الثلاث سنوات الماضية، نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي والشروع في الإصلاحات لدعم الاستثمار الخاص، وجعل النمو أكثر احتواء وتوفير فرص العمل لمختلف شرائح المجتمع، ولكن بعد انتهاء البرنامج يتعين بذل مزيد من الجهود لضمان مواصلة تحسين الاقتصاد المصري وتحديثه، وأن تركز الإصلاحات على تحويل مصر إلى بلد سريع النمو وينعم بالرخاء، وتواصل فيه مستويات المعيشة ارتفاعها على نحو مستدام لكل المصريين.
- كيف يمكن للحكومة زيادة إجراءات الحماية الاجتماعية لتحقيق قدر أكبر من المساواة والمساعدة على تحسين مستويات معيشة الطبقة المتوسطة التي تحملت أعباء برنامج الإصلاح؟
لاتزال الحماية الاجتماعية حجر زاوية في برنامج الإصلاح الحكومي، وتضمنت إجراءات تخفيف أعباء الإصلاح على الفقراء ومحدودي الدخل استحداث تحويلات الدعم النقدي على السلع الغذائية من خلال بطاقات التموين الذكية، والتوسع في معاشات التضامن الاجتماعي لتشمل الرعاية الطبية، والتوسع في تغطية برنامج "تكافل وكرامة"، كذلك فإن التعافي الاقتصادي وانخفاض التضخم يؤتيان ثمارهما عن طريق توفير مزيد من الوظائف، حيث انخفضت البطالة إلى أدنى مستوياتها على مدار العقد الماضي، ومن شأن الإصلاحات الهيكلية أن تجعل مصر أكثر جذبا للمستثمرين الدوليين والمحليين، وتدعم ريادة الأعمال في القطاع الخاص، وتحد من مخاطر الفساد وسوف تساعد في رفع مستويات معيشة كل المصريين، بما في ذلك الطبقة المتوسطة.
- هل لاتزال مصر تعاني من فجوة تمويلية؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما هي أفضل مصادر تمويل فجوة الميزانية في الأجلين القصير والمتوسط؟
من المتوقع أن تحافظ مصر على فوائض في الميزانية الأولية في الأجلين القصير والمتوسط، مما يعني أنه باستثناء مدفوعات الفوائد فإن إيرادات الحكومة تتجاوز نفقاتها، وهذه الفوائض ضرورية لإبقاء الدين العام على مسار تراجعي، ولإفساح حيز مالي يسمح بالإنفاق في المجالات ذات الأولوية كالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، في المقابل ساهم الأداء الاقتصادي المواتي في مصر في تحسن إقبال المستثمرين، مما سمح بالحصول على التمويل من أسواق السندات الدولية بأسعار مواتية نسبيا، ومع تراجع التضخم، من المتوقع أن تنخفض كذلك أسعار الفائدة المحلية، مما سيساعد الحكومة على خفض كلفة الاقتراض على المستوى المحلي أيضًا، واضطلع برنامج الإصلاح الذي وضعته مصر ودعمه الصندوق، بدور حيوي في تحقيق هذه الأهداف.
- كيف يمكن أن تتعامل مصر مع مستويات الدين المرتفعة بدون إثقال كاهل الأجيال القادمة بمزيد من الضغوط والأعباء؟
يقاس عبء الدين غالبًا بنسبته إلى إجمالي الناتج المحلي، وهي في حالة مصر لاتزال مرتفعة بعض الشيء رغم التحسن الكبير الذي تحقق في السنتين الماضيتين، ويشكل رفع معدل نمو الاقتصاد عاملا حيويا في تحسين القدرة على خدمة الدين وخفض نسبته إلى إجمالي الناتج المحلي، بالإضافة إلى تحقيق تقدم أكبر في تخفيض مستويات عجز الموازنة، ويتعين دعم ذلك الأمر بمواصلة زخم الإصلاحات لتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري وحفز الاستثمار والصادرات، مما سيعود بالنفع على الأجيال الحالية والقادمة.
- تعمل مصر حاليًا على توسيع نطاق مشروعاتها القومية ومشروعات البنية التحتية.. ويتناقص في الوقت ذاته حجم استثمارات القطاع الخاص.. كيف يمكننا تشجيع الأخير على زيادة مشاركته؟
من المهم تحقيق نمو أكثر احتواء لمختلف شرائح المجتمع، حيث يقود القطاع الخاص أنشطة الاستثمار وخلق فرص العمل، هو عامل حيوي لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل على مدار العقد القادم، كما أن تشجيع النمو بقيادة القطاع الخاص يتطلب المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي مع الاستمرار في تحسين بيئة الأعمال لجعلها أكثر تيسيرا لاستثمارات القطاع الخاص.
وأطلقت الحكومة المصرية مجموعة من الإصلاحات المهمة لتحسين المنافسة، وزيادة درجة الشفافية في المشتريات الحكومية وإتاحة التعامل فيها لكل منشآت الأعمال، وتحسين إدارة المؤسسات والشركات المملوكة للدولة، ويبقي الاستمرار في تنفيذ هذه الإصلاحات ضروريا للتأكد من أن هذه التغييرات القانونية ستحقق نتائج مجدية في مناخ الأعمال، وستساهم مكافحة الفساد وتقليص حجم القطاع العام في الاقتصاد في إيجاد الحيز اللازم لنمو القطاع الخاص وازدهاره.
قد يهمك أيضًا:
حقبة جديدة للبيانات السعودية على منصة صندوق النقد
أرسل تعليقك