تُخاطر منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، الآن بتبديد انتصارها مرة أخرى من خلال السماح لأسعار البترول الخام بالارتفاع بشكل كبير، وذلك بعد اتخاذها خطوات فعالة لإعادة إنعاش أسعار البترول من خلال خفض الإنتاج.
وقالت وكالة أنباء "بلومبرغ"، إن القيود التي فرضتها "أوبك" وحلفائها على الإنتاج، ساعدت في ارتفاع أسعار البترول، في الربع الأول من عام 2019، مما أعاد الأسعار إلى أكثر من 70 دولارًا للبرميل.
وأوضحت المملكة العربية السعودية، الدولة اﻷكثر نفوذا في "أوبك"، نيتها للحفاظ على تضييق الإمدادات، مما يهدد بتكرار سيناريو العام الماضي، عندما تسبب خفض الإنتاج في دفع البترول إلى أعلى مستوياته في 4 أعوام، وبالتالي تسبب ذلك في اتخاذ الرئيس اﻷميركي، دونالد ترامب، رد فعل عنيف وتراجع السعودية عن قرارها بشكل سريع.
وقال إد مورس، رئيس إدارة أبحاث السلع في شركة "سيتي غروب" في نيويورك، إن مجموعة الدول المنتجة تبدو وكأنها تفرط في فرض القيود على السوق.
- انكماش الإمدادات
وبدأت "أوبك" وحلفائها جولة جديدة من خفض الإنتاج بداية العام الجاري، في ظل اقتراب السوق من المعاناة من فائض في المعروض خاصة في ظل ازدهار إنتاج البترول الصخري الأميركي، والنمو الهش للطلب العالمي، ولكن مع تنفيذ المجموعة المنتجة للقيود على الإنتاج وتقلص الإمدادات بشكل أكبر بسبب الأزمات في فنزويلا وإيران، تزايدان مخاطر نقص المعروض البترولي الآن.
وإذا استمرت المجموعة في تخفيضاتها للإنتاج، ستنخفض مخزونات البترول العالمية بنحو مليون برميل يوميًا في الربع الثالث من العام، وهو الانخفاض اﻷكبر في عامين تقريبًا، وفقًا لبيانات صادرة مؤخرًا، ومع ذلك، لن تتخذ مجموعة الدول المنتجة للبترول قرارًا بشأن ما إذا كانت ستمد فترة خفض الانخفاض حتى اجتماعها، في نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وقالت بلومبرغ، إن الضغط على الأسواق قد يشتد، في ظل تصاعد مستويات الصراع في ليبيا وانخفاض الإنتاج في فنزويلا، التي تعانى من تصاعد الأزمة الاقتصادية، كما أن الولايات المتحدة ستقرر قريبًا ما إذا كانت ستشدد العقوبات على صادرات البترول الإيرانية.
وتتسبب تلك التشديدات بكل سهولة، في ارتفاع أسعار البترول الخام، إلى مستويات تثير رفض البيت الأبيض، الحليف السياسي الأكثر أهمية للسعودية.
وأوضح هاري تشيلينجويريان، المدير العالمي لإستراتيجية أسواق السلع اﻷولية لدى بنك "بي إن بي باريبا": "لا شك في أن ترامب سيعبر عن قلقه في ظل اتجاه أسعار خام برنت نحو 80 دولارًا للبرميل"، بالإضافة إلى ذلك، يهدد استمرار ارتفاع أسعار البترول تحالف السعودية الهام مع روسيا، التي تتعاون مع أوبك فى اتفاقها لخفض المعروض.
ولأكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، إنه يشعر بالارتياح تجاه المستويات الحالية لأسعار البترول، كما أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان يجب فرض قيود على الإنتاج في النصف الثاني من العام.
ولتجنب تكرار سيناريو العام الماضي، يمكن للسعودية زيادة الإنتاج بشكل طفيف، مما يوقف ارتفاع الأسعار، ولكن السعودية تخفض الإنتاج بشكل أكبر بكثير مما هو مطلوب في ظل اتفاقية أوبك، وبالتالي فهي بإمكانها رفع الإمدادات دون انتهاك الاتفاقية.
البحث عن التوازن
في بداية أبريل/ نيسان الجاري، أي بعد أقل من أسبوعين ،على حث ترامب على زيادة الإنتاج، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، إن أولوياته لإعادة مخزونات البترول إلى مستوى معقول لم تتغير بعد، وقالت بلومبرج، إن السعودية تواجه ضغوطًا محلية قوية للمضي قدمًا في هذه السياسة، بداية من خطط ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للتحول الاقتصادي الجذري، إلى موازنة حكومية تعتمد على أسعار تصل إلى 80 دولارًا لبرميل البترول، مشيرة إلى أن الرياض سمحت للأسعار بالاقتراب من هذا المستوى قبل عام.
وفي أبريل/ نيسان 2018، عندما كان البترول يُتداول عند مستوى يقترب من 70 دولارًا، أشارت السعودية، في اجتماع "أوبك" في جدة، بارتياحها بالسماح بوصول أسعار البترول الخام إلى مستويات مرتفعة، مما آثار غضب ترامب، ولكن رغم تجاهل الرياض لاهتمامات ترامب في بداية الأمر، إلا أنها خضعت لرغباته، في غضون شهرين، ورفعت الإنتاج.
وأشار تشيلينجويريان، إن السعودية ربما تمتنع هذه المرة عن اتخاذ أي إجراء، في ظل انتظار قرار الولايات المتحدة بشأن العقوبات المفروضة على صادرات إيران في بداية مايو/ أيار المقبل، وبصرف النظر عن قرار ترامب بشأن إيران، قد تواجه السعودية نفس نتائج الازدهار والكساد، التي شهدتها العام الماضي، في ظل تراجع مخزونات البترول وتراجع الإمدادات الوشيكة.
وأضاف أن "أوبك"، كانت جيدة للغاية في تحريك السوق، نحو الاتجاه الذي ترغب فيه في الآونة الأخيرة، ولكن مستوى جودتها يتدنى في قيادة السوق بمجرد اقترابه من الوجهة التي ترغب فيها.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ
رئيس "الاستثمار الروسي" يؤكد أن صفقة "أوبك بلس" تهدف لتحقيق استقرار النفط
المزروعي يُوضّح كيفية تغيير تجارة النفط بعملة غير الدولار
أرسل تعليقك