القاهرة - سهام أبوزينة
يشكل ملف المياه مكونًا أساسيًا من الساحة السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وبينما تظل أزمة نقص المياه المستمرة منذ عقود قيد البحث، في محاولة لإيجاد حلول علمية لها سواء بإعادة تدوير المياه أو بتحلية مياه البحار، فإن الاستغلال السياسي لها يظل قائمًا وينذر أحيانًا بتحويلها إلى مواجهات عسكرية من أجل ضمان مصادر للمياه.
ونشرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية، تقريرًا تناول أزمة نقص إمدادات المياه في كل من إيران والعراق جراء انخفاض تدفق المياه من تركيا باعتبارها مثالًا على صراع القوى القائم على المياه في الشرق الأوسط، وكيف أن أزمة نقص المياه لها تأثيرات كبيرة، لا سيما في البلدان التي لا تنتشر فيها ثقافة الحفاظ على المياه، ولا تزال الممارسات الزراعية بدائية إلى حد كبير، ما يؤدي إلى الإفراط في الاستخدام غير المبرر للمياه .
وأوضح التقرير، أن خطط تركيا لملء خزان سد جديد قبل الموعد المخطط له، إلى جانب بناء ما يصل إلى 22 سدًا جديدًا على طول نهري دجلة والفرات تستخدم كأداة للضغط على جيران تركيا والذين إما أن يتخذوا موقفًا أقل قبولًا للقوميين الأكراد أو البحث عن مصادر أخرى للمياه، مبينًا أن 97% من الأراضي الإيرانية تعاني من الجفاف، وهو ما دفع المزارعين إلى التظاهر ضد نقص المياه، وأضاف أن مستويات المياه في بغداد انخفضت بشكل كبير مطلع الشهر الماضي لدرجة أنه كان يمكن عبور نهر دجلة على الأقدام.
غير أنه يظل من غير الواضح كيف ستعالج إيران والعراق الأزمة بعد، وهل تتجه الأطراف الثلاثة إلى التعاون من أجل إيجاد حلول ؟
وتناول التقرير الأزمة التي تواجهها مصر أيضًا، ويشير إلى حقيقة أن إثيوبيا تمكنت من استغلال حالة الفوضى التي تلت ثورة يناير في بناء سد النهضة الذي طالما خططت لإنشائه عند منبع نهر النيل. وقال إنه من الصعب الآن على مصر أن توقف بناء ذلك السد، موضحًا أن سد النهضة مَثّل نقطة خلافية أثرت على العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا، وأيضًا الخرطوم، ولفت إلى أن تلك الأطراف بدأت في اتخاذ خطوات من أجل حل النزاع القائم بينهم، والذي ينبع من تخوف مصر من أن سد النهضة سيؤثر على حصتها من مياه نهر النيل.
واتخذت الحكومة المصرية عددًا من التدابير الاحترازية مع اقتراب إثيوبيا من ملء الخزان وراء السد، عن طريق إصدار قرارات تهدف لترشيد استخدام المياه ومحاولة تنويع مصادر المياه عن طريق بناء محطات تحلية مياه وحفر المزيد من الآبار، ويظل في النهاية أن الاتجاه الأمثل لمواجهة الأزمة يبدو في إطار متواز من التعاون بين الدول الأطراف من أجل الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتعظيم الاستفاده منها من جهة، وبين اعتماد سياسات ترشيد الاستخدام والبحث عن موارد بديلة مثل محطات التحلية أو الآبار الجوفية.
أرسل تعليقك