كشفت وزارة قطاع الأعمال العام، عن خطة الوزارة لإصلاح وتطوير الشركات التابعة لها، بدءًا بفرز وتصنيف تلك الشركات إلى مجموعتان رئيسيتان، وتحليل أوضاعها الحالية تمهيدًا لصياغة خطة تطويرها. وتضم المجموعة الأولى الشركات التي طالما عانت من الخسائر المتزايدة والتردي في الإنتاجية بسبب تقادم الآلات وسوء الإدارة وعدم اعتبار العوامل الاقتصادية في التسعير والإنتاج والبيع، مما ترتب عليه تراجع الإنتاجية والربحية وتراكم المديونيات في كثير من الشركات، وقد تحدد آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، للبدء في بحث مشكلات المجموعة الثانية من الشركات.
وحسب التقرير الذي نشرته "بوابة الأهرام" الإلكترونية"، تتمثل المجموعة الثانية من الشركات في الشركات التي تحقق أرباح، وتنقسم بدورها إلى قسمين، الأول يضم الشركات التي تتميز بربحيتها المعقولة وجاهزيتها للطرح بالبورصة بهدف تنشيط سوق الأوراق المالية من جهة، وتوفير السيولة اللازمة لتمويل التطوير من جهة أخرى، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الملكية ومجالس الإدارات، وبالتالي الاستفادة بخبراته في تطوير تلك الشركات من جهة ثالثة.
وأما القسم الثاني من الشركات الرابحة، فيضم الشركات التي تحقق أرباحاً أقل من إمكانياتها، وتتركز في ثلاث قطاعات رئيسية هي: قطاع "التأمين" الذي أعدت له الوازرة خطة كاملة لإعادة الهيكلة لأنشطة الشركات التابعة تنقسم إلى تأمين وإدارة استثمارات وإدارة الأصول العقارية، وقطاع "السياحة والفنادق" حيث يمتلك القطاع عدد كبير من الفنادق والأصول السياحية التي يمكن استغلالها بصورة أفضل لتحقيق المزيد من الأرباح، وقد تضمنت خطة التطوير التعاون مع كبرى شركات إدارة الفنادق العالمية، بالإضافة إلى تطبيق نظام للسياحة الإلكترونية يواكب الاتجاهات العالمية في هذا المجال، أما بالنسبة لقطاع التشييد والبناء، فقد شملت خطة الإصلاح دراسة دمج بعض شركات المقاولات التي تحقق فائدة بالتكامل في أنشطتها، بالاضافة الى وضع خطة استراتيجية للتأكد من وجود خطط تطوير واضحة لأكثر من 50% من محفظة الأراضي بشركات الاسكان، والبدء في تنفيذها وفقاً لجدول زمني.
وفي هذا الإطار، أوضح هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، أن محفظة الشركات التابعة للوزارة البالغ عددها 121 شركة، بعدد عاملين يبلغ 214 ألف عامل، منها 73 شركة تحقق أرباح تبلغ 14.8 مليار جنيه، و48 شركة تحقق خسائر تبلغ 7.4 مليار جنيه، ومن بين الشركات الخاسرة 26 شركة فقط تتسبب في 90% من إجمالي خسائر القطاع، وتتركز في أربعة قطاعات صناعية هي الغزل والنسيج، والصناعات المعدنية، والصناعات الكيماوية، والأدوية.
وتابع "توفيق"، أن الوزارة ارتأت التركيز خلال الشهور المقبلة على تلك الشركات (التي بلغت خسائرها في يونيو/حزيران 2017 نحو 6.7 مليار جنيه)، وتكثيف الجهود لتنفيذ خطط الإصلاح التي من شأنها تحويل تلك الشركات إلى الربحية، وذلك من خلال أحد الخيارات الخمس التي حددتها الوزارة للتعامل معها وهي: "تحديث كامل للمصانع، أو تحديث كامل بدخول شريك فني، أو عمرات جسيمة للشركات التي تثبت الدراسات الجدوى الاقتصادية للاستثمار فيها، أو الإغلاق الجزئي أو الكامل بالنسبة للشركات التي تثبت الدراسات عدم الجدوى الاقتصادية لضخ المزيد من الاستثمارات فيها.
وشدد الوزير على أن الاختيار من بين خيارات الإصلاح سالفة الذكر، سيُبنى على تقييم فني Technical Audit بواسطة دراسات شاملة لتقييم الحالة الفنية الحالية للمصانع، ونوع الإصلاحات المطلوبة لرفع كفاءتها، للتأكد من عمل التحديث بصورة سليمة وكاملة تؤدي لتعظيم العائد على الاستثمارات التي سيتم ضخها.
ومن أهم ملامح خطة التطوير، الإصلاح الشامل الذي يحظى به قطاع الغزل والنسيج، ويشمل ذلك إعادة توزيع المصانع للتأكيد على مبدأ التخصص وما يترتب عليه من وفورات، وإحلال الآلات التي يعود عمرها إلى عام 1882، بأخرى تواكب متطلبات التصنيع الحديث، وهذا بالإضافة إلى التعاون مع وزارة الزراعة للتغلب على التحديات التي تواجه الصناعة بداية من توفير المادة الخام محلياً بزراعة القطن قصير التيلة ليفي باحتياجات المصانع والسوق المحلي، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
ومن القطاعات التي تشهد تعاون كبير مع الوزارات الأخرى الصناعات الدوائية، حيث صرح وزير قطاع الأعمال العام عن التعاون الكبير مع وزارة الصحة في سبيل إصلاح منظومة توفير الدواء في مصر ليفي باحتياجات المواطن المصري دون الإخلال بربحية الشركات المنتجة له أو تهديد قدرتها على الاستمرار في القيام بدورها بصورة اقتصادية سليمة.
وتعليقًا على ذلك، قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة القاهرة، إن الحل الأمثل لحل أزمة شركات قطاع الأعمال العام وإعادة هيكلتها، هو تقييمها وفق أسس اقتصادية، وأن يتم وضع خطط بموافقة مجلس الوزراء.
وأوضح "إبراهيم"، أنه يجب أن يشارك خبراء محايدون في وضع خطط التطوير، ثم يتم تقييمها كل 6 أشهر، ومن يحقق المستهدف يظل في منصبه وإلا تتم إقالته، مشيرًا إلى ضرورة وجود معايير لاختيار أعضاء مجالس إدارات الشركات، فلا يُعقل وجود أشخاص في مجالس الإدارات منذ 20 عامًا مع استمرار تحقيق الخسائر، مشيرًا إلى أنه يجب على الدولة تأسيس صندوق سيادي، يضم جميع الأصول غير المستغلة بشركات قطاع الأعمال، وذلك لاستغلالها بشكل أمثل وإعادة تدويرها، ثم بعد ذلك الأموال الناتجة من خلال هذا الصندوق تعود مرة أخرة لتطوير الشركات.
يذكر أن خطة الإصلاح المالي للشركات ارتكزت على سداد المديونيات اعتمادًا على الأصول غير المستغلة التي تم حصرها، وتحديد ما يمكن استخدامه منها لتسوية مديونية الشركات تجاه الجهات الحكومية وما يمكن تخصيصه لتمويل التطوير المطلوب في الشركات، حيث تم الاتفاق مع وزارتي البترول والكهرباء على تسوية مديونية تقدر قيمتها بحوالي 15 مليار جنيه، إلى جانب اتفاقية التسوية التي تم توقيعها بين الشركة القابضة للغزل وبنك الاستثمار القومي بقيمة 8.5 مليار جنيه.
ويأتي هذا بالإضافة إلى العمل على تسوية مستحقات الشركة المصرية لتجارة الأدوية طرف وزارة الصحة، حتى تتمكن الشركة من القيام بدورها في توفير الدواء للمستهلك المصري.
أرسل تعليقك