القاهرة - سهام أبوزينة
توقّع الكاتب الصحافي والخبير الإقتصادي، أبوبكر الديب، أن يسبب قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس الماضي، بفرض رسوم تجارية تصل إلى 60 مليار دولار على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة واتخاذ خطوات عقابية بحق 1300 نوع من الواردات الصينية، خسائر للاقتصاد الصيني والعالمي تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، فضلا عن الحد من الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة.
وكشف أن ترامب اتخذ هذه الخطوة العقابية الجديدة،، بناء على البند الـ 301 من قانون التجارة الأميركية، بحجة سرقة الصين التكنولوجيا والملكية الفكرية الأميركية، حيث توعد البيت الأبيض بتقديم شكوى على المخالفات الصينية إلى منظمة التجارة العالمية، وأشار إلى تغريدة سابقة للرئيس الأميركي، على حسابه في "تويتر" قال فيها عندما تخسر الولايات المتحدة مليارات الدولارات في التجارة مع كل الدول التي تتعامل معها تقريبًا، فان الحروب التجارية جيدة ومن السهل كسبها، ولم يكتف ترامب بعاصفة رسوم الحديد والألمنيوم حين أكد أمس أنه يعتزم فرض "رسوم جمركية على أساس المعاملة بالمثل" على الواردات القادمة من كافة الشركاء التجاريين من أجل خفض العجز التجاري الأميركي.
وأضاف أن الصين لن تقف مكتوفة الأيدي أما قرارات ترامب، حيث نشرت قائمة برسوم محتملة قد تفرضها على واردات أميركية بقيمة 3 مليارات دولار، وذلك كرد على الرسوم الأميركية الجديدة، ما يهدد بتصاعد حرب تجارية بين واشنطن وبكين، متوقعا أن تشهد التجارة العالمية تغيرات صعبة خاصة أن الولايات المتحدة المتزعمة للنظام الرأسمالي الغربي المنادي بتحرير التجارة العالمية أصبحت تتخذ سياسات حمائية ضد السلع الواردة إلى أسواقها، ما يهدد النظام الرأسمالي الحالي، كما توقع الديب، نشوب حربًا اقتصادية، "علي الأقل"، بين الصين وأميركا، وعدد من الدول الكبري في الفترة المقبلة، مشيرا إلي وعد ترامب، بزيادة الضرائب المفروضة على البضائع الصينية بنسبة 45 %، تحت ذريعة حماية المنتج الأميركي ، الذي لم يعد بمقدوره منافسة المنتجين الصينيين.
وأضاف أن هناك قاعدة إقتصادية تقول: إنه كلما امتلكت الدولة احتياطي نقد أجنبي أكبر في بنوكها المركزي، استطاعت تخفيض قيمة عملتها المحلية، ومن ثم استطاعت أن تنتج أرخص من العالم، وبالتالي إحتلت سلعها أسواق الكوكب، وهذا ما تفعله الصين، التي تمتلك أكبر احتياطي نقد أجنبي في العالم يقارب 4 تريليونات دولار، و1054 طن ذهب، فهي تفرض أسعار فائدة تقارب الصفر على عملتها المحلية "اليوان"، وهو ما يؤثر سلبا على أميركا، حيث تعد بكين أكبر دائن للولايات المتحدة الأميركية ، مما يشعل الصراع بين الولايات المتحدة والصين، حيث تطالب الأولى الأخيرة بزيادة أسعار الفائدة على اليوان، لكن الصين طالما ترفض بشدة.
وأوضح أن واشنطن بدأت تشكو من تلاعب بكين بالعملة فى بداية عام 2003، عندما حققت الولايات المتحدة عجزًا تجاريًا قدره 124 مليار دولار مع الصين، وبعد أن استطاعت الصين مقاومة الضغوط الأميركية طوال عامين، رضخت في عام 2005 وسمحت برفع قيمة الرنمنبي بمعدل 20% خلال السنوات الثلاث التالية، ولكن الأزمة المالية العالمية وما تبعتها من انخفاض في صادرات الصين جعلت الصين توقف رفع قيمة عملتها كي تستطيع صادرتها الحفاظ على أسعارها التنافسية، مضيفا أن الأميركيين يصرون على أنه إذا رفعت بكين قيمة عملتها فسوف تكون السلع الصينية أعلى ثمنًا، وسوف تصبح المنتجات الأميركية أرخص وأكثر تنافسية، ومن ثم ينخفض العجز في الميزان التجاري بين الولايات والصين، ونتيجة ذلك سوف تخلق المزيد من فرص العمل في الولايات المتحدة، وأوضح أنه رغم التضييق الأميركي على الدور الصيني في منطقة الشرق الأوسط، فإن الصين اتجهت لتوسيع نطاق دورها الإقليمي تدريجيا، من خلال تعيين مبعوث صيني للشرق الأوسط والمشاركة في جهود الوساطة في بعض الصراعات الأهلية في الإقليم، مثل الصراع الأهلي في دارفور، والصراع في جنوب السودان، فضلًا عن مشاركة الصين في المفاوضات الغربية مع إيران حول الملف النووي، وتدخل الصين لدعم الشراكة بين إيران وباكستان في خط أنابيب نقل الغاز الواصل بين الدولتين برعاية صينية.
وبيّن أن العالم، شهد تصاعدا غير مسبوق في قوة الصين الإقتصادية، خلال الربع الأخير من القرن الماضي، حيث وصل متوسط النمو الاقتصادي الصيني السنوي لما يقرب من 9.5% وتضاعف الناتج القومي للصين 4 مرات، وتم انتشال ما يقرب من 400 مليون صيني من حالة الفقر المدقع التي كانت شائعة بصورة كبيرة، ففي عام 1977 كانت الصين تشغل المرتبة 13 في حجم التجارة الدولية، ومن المتوقع أن تصبح الصين الأول عالميا من حيث حجم التجارة الخارجية في العالم خلال السنوات المقبلة وهو ما دفع السيناتور تشارلز شومر، للقول إن هذه الأرقام يجب أن تكون كارت تحذير أحمر للكونجرس وللاقتصاد الأميركي ، وأن الكثير من الأميركيين لديهم قلق من الإعتماد المتزايد على الصين، وما لذلك من تأثيرات سلبية على تسريح أعداد كبيرة من العاملين بقطاع الصناعة الأميركي"، ويساهم توافر منتجات صينية مصنعة رخيصة في السواق الأميركية على حدوث تضخم في الولايات المتحدة حيث يجد الفقراء والطبقة المتوسطة كذلك منتجات رخيصة يستهلكونها، كما تمثل الملكية الفكرية، أحد مصادر التوتر في العلاقات التجارية الأميركية الصينية، ولا يقتصر الأمر فقط على نسخ برامج الكومبيوتر بل يتعدى الأمر ذلك إلى نسخ وتصنيع أدوية وسيارات وقطع غيار طائرات حيث فرضت الحكومة الصينية قانون يمنع النسخ والتزوير وأنشأت محكمة خاصة لمحاكمة من يقوم بمثل هذه الأنشطة، وهو ما جعل الولايات المتحدة تهدد بعرض القضية أمام منظمة التجارة العالمية، إلا أنها لا تتوقع الكثير من النتائج من ذلك الإجراء على المدى القريب.
وقال إن الطرفان يتنافسان في منطقة الشرق الأوسط، بسبب الموقع الجغرافي المتميز، والطاقة، وهو ما يتطلب دورا أكبر للتكامل الإقتصادي العربي لمواجهة هذه الحرب، وأضاف أن الإقتصاد العالمي، شهد تقلبات حادة في 2016 بسبب تذبذبات أسعار النفط، والإنتخابات الأميركية ، وخروج بريطانيا من عضوية الإتحاد الأوروبي، وأزمة سوق المال الصينية، حيث خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في العامين 2016 و2017 بمقدار 0.1% لكل عام، في حين تحركت حكومات المنطقة بإتجاه تدابير مالية أكثر واقعية، من خلال إصلاحات بقطاع سوق المال، مثل سعي السعودية لأن يتم إدراجها في مؤشر الأسواق البازغة MSCI في السنوات القادمة، كما أن اقتصاديات دول الخليج والمغرب العربي، وكذلك مصر، تمتلك العديد من المقومات والإمكانيات التي تجعله.
أرسل تعليقك