القاهرة ـ مصر اليوم
أعلّن وزير المال المصري هاني قدري، أنّ مجلس الوزراء سيناقش خلال الفترة المقبلة تطبيق "المرحلة الثالثة" لضريبة القيمة المضافة لتشمل الانتقال الكامل للخدمات والسلع مع مراعاة البعد الاجتماعي وإعفاء بعض السلع والخدمات المُرتبطة بمحدودي الدخل، مشيرًا إلى أنّ تطبيقها لن يؤدى لزيادة العبء الضريبي، وسيتمثل
أثرها في زيادة معدل التضخم 1% لمرة واحدة.
وكشف قدري، في حديث أجراه مع جريدة "الأهرام" المصريّة، أنّ هناك هيكلة كاملة للموازنة العامة للدولة في 2015/2014، مشيرًا إلى ضرورة توفير 130 مليار جنيه لتحقيق استحقاقات الدستور الخاصة بزيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمي، إلى جانب تمويل زيادات الأجور التي تمت وخفض عجز الموازنة إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، مشدّدًا على أنه دون تلك الهيكلة سيصل عجز الموازنة إلى 14٫5% وهو ما لن تسمح به الحكومة. وأشار إلى أنّ محاور الهيكلة ستشمل تخفيض دعم الطاقة تدريجيًا وإتمام إصلاح المنظومة الضريبيّة. موضحًا أنّ ترشيد دعم الطاقة لن ينحسر فقط في مسألة دراسة زيادة وتحريك الأسعار ولكن هناك محاور أخرى مكملة لهذا ولا تقل أهمية منها تحديد الكميات المدعومة من خلال بطاقات ذكيّة، وهو ما يحقق حماية معقولة للطبقة المتوسطة، مشيرًا إلى أنّ أحد محاور الهيكلة هي توسيع القاعدة الضريبيّة بحيث تشمل الدخول والأرباح التي لا تخضع للضريبة حاليًا.
واستبعد زيادة الضرائب الحالية، وفى ضوء معدلات النمو البطيئة للاقتصاد المصري والتي لا تزيد عن 1% إلى 2% خلال الأعوام الـ5 الأخيرة، في الوقت الذي يعاني فيه من معدلات تضخم مرتفعة، وبالتالي لا يمكن التفكير في زيادة أسعار الضريبة على النشاط الاقتصادي والدخول في مثل هذه الظروف. مؤكّدًا أنّ ضريبة الـ 5% التي تم الإعلان عنها ستكون على الدخل وليس على الثروة ولن يتم فرضها على المصريين في الخارج ولا توجد أي نيّة لفرض ضريبة على المصريين في الخارج، مشيرًا إلى أنّ الهدف من هذه الضريبة ليس تحصيل عوائد نقديّة لخزانة الدولة، وإنما تحقيق أهداف اجتماعية يقوم بها الممولون كتمويل تجهيز مستشفى أو التبرع لمدرسة أو بناء مستوصف أو رصف طريق. كما أكّد أنّ 99% من العاملين في القطاع العام أو قطاع الأعمال يتقاضون الحد الأدنى للأجور، وأنه تم رصد 100 مليون جنيه لاستكمال النسبة الباقيّة.
وأشار إلى أنّ العمل حاليًا يجري على قدم وساق لتكوين صندوق سيادي يتضمن الهيئات الاقتصاديّة، بالإضافة إلى شركات قطاع الأعمال وأصول الدولة، موضحًا أنّ الدولة تبحث حاليًا الإسهام في رأسمال الصندوق ولم يتحدد بعد حجم تلك المساهمة.
ولفت إلى أنّ الاقتصاد المصري قوي ومتنوع ولكن مثقل بالاعتصامات والإضرابات والاعتماد على الاقتراض والاستهلاك، كاشفًا أنّ فاتورة الأجور ارتفعت من 80 مليار جنيه في 2010/2019 إلى 183 مليار جنيه في موازنة العام المالي الجاري 2014/2013. موضحًا "إنني أعد موازنة العام المالي الجديد دون أن تشمل آثارا ماليّة لإجراءات متوقعة لم يتم اتخاذها، بخلاف ما قد يتم تطبيقه فعليًا على أرض الواقع.. قبل تاريخ التقدم بها لمجلس الوزراء لمناقشتها، ثم رفعها لرئيس الجمهورية، وبالتالي فالموازنة ستعرض الأمر على وضعه الحالي بكل شفافية، في حين أن البيان المالي الذي سيتم إعداده برفقة الموازنة سيتضمن الأهداف المالية التي تستدعى نزول العجز على الأقل 2% خلال العام المالي الجديد، منسوبا للناتج المحلي الإجمالي وحجم هذه الإجراءات وفى أي مجالات وعلى رأسها دعم الطاقة وإتمام إصلاح المنظومة الضريبية في البلاد. موضحًا "ما أريد قوله إننا لو قللنا دعم الطاقة بـ 20 مليار جنيه مثلا، فلن أعكسه في الموازنة إلا بعد اتخاذ إجراءات وإصدار قرار فعلي، ما يعنى أنه في حالة عدم اتخاذ إجراءات، فالعجز المتوقع خلال العام المالي الجاري سيزداد إلى 11 أو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات في العام المالي المقبل ومع الأخذ في الاعتبار الالتزامات التي نشأت خلال العامين الماضيين وبدء تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، فالعجز قد يصل إلى 14،5% من الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي فإن تخفيف العجز في العام المقبل لنحو 10% سيتطلب اتخاذ إجراءات في حدود 100 إلى 120 مليار جنيه لابد أن يتحملها جميع فئات المجتمع ومؤسساته ماعدا الفقراء والفئات الأولى بالرعايّة".
وذكر أن"مصادر زيادة الموارد لابد أنّ تتسم بالهيكلة واستمرار أثرها المالي، وهناك اتفاق بين مختلف فئات المجتمع على أهمية ترشيد الإنفاق من خلال تخفيض دعم الطاقة الذي يستفيد منه الأغنياء والميسورون، وترشيد دعم الطاقة لا ينحسر فقط في زيادة وتحريك الأسعار، وأن هذا محور أساسي، ولكن هناك مصادر أخرى منها تحديد الكميات المدعومة من خلال بطاقات ذكية، وهو ما يحقق حماية معقولة للطبقة المتوسطة، لأنها تؤمن وجود كميات من الطاقة بسعر مدعوم، وما زاد عن ذلك يكون بسعر السوق. أيضًا استحداث آليات تشريعية للانتقال للطاقة الأقل تكلفة، منها على سبيل المثال فكرة تشريع يمنع تسيير المركبات النقل الجماعي باستخدام السولار، اعتبارًا من سنة معينة وربما 2018/2017، ويتم تحويل هذه المركبات إلى الغاز الطبيعي أو تقوم وزارة المالية بتقديم قروض حسنة وتتولى الوزارة دعمها بالكامل لمصلحة أصحاب هذه المركبات، وأن يتم أيضًا التوسع في إنشاء محطات تموين بالغاز وأيضًا التحول لاستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة ومراجعة الموقف المالي لهيئة البترول، وإعادة هيكلة هذا القطاع بما يخدم الاقتصاد القومي".
وأوضح أنّ "الدعم سيتم رفعه تدريجيًا وعلى مرحلتين، الأولى الوصول إلى التكلفة، ثم الوصول للأسعار العالميّة، والمستوى الأول سيستغرق من 3 إلى 5 سنوات، والمستوى الثاني سيستغرق من 7 إلى عشر سنوات. والآلية الثانية هي توسيع القاعدة الضريبية بحيث تشمل جميع الدخول والأرباح التي لا تخضع للضريبة حاليًا، وهو ما يحقق العدالة الضريبية نتيجة توزيع العبء الضريبي على مجتمع أعرض أو قاعدة أوسع، وبالتالي يحقق استقرارًا في المنظومة الضريبية وعوائدها، كما أنه يزيد الثقة في الاقتصاد المصري نظرًا لأنه يعتمد على مصادر متعددة لتمويل احتياجاته وليس على قاعدة ضيقة رقيقة، وما أريد قوله إن جميع الدخول غير الخاضعة سنخضعها عملاً بالمعايير الدولية المتعارف عليها وفى ضوء هذه المعايير ودون الخروج عنها بأي حال".
ولفت إلى أنّ "هناك خلط بين تصاعدية المنظومة الضريبية بمعنى أنك تخضع شرائح الدخل الأعلى لسعر ضريبة مرتفع وبين سعر الضريبة نفسه، فالناس تعتقد أنك عندما ترفع سعر الضريبة الأعلى تحقق تصاعدية في حين أن التصاعدية موجودة في نظام الشرائح والنظام الضريبي المصري يقوم على التصاعدية وأحيانا بمنحنى حاد لبعض فئات الدخل نتيجة وجود حدود إعفاء لذوي الدخول المنخفضة وامتيازات ضريبية لبعض أنواع الإنفاق، مثل اشتراكات التأمين ثم تبدأ الشرائح منخفضة للدخول الأدنى ويرتفع سعر الضريبة كلما دخلت في شريحة دخل أعلى، أما بالنسبة لزيادة سعر الضريبة فهو أمر مختلف تمامًا، حيث أن الاقتصاد المصري في الوقت الحالي ينمو بما يتراوح بين 1% و2% وغير قادر على النمو بمعدلات كافية لتوليد فرص عمل مطلوبة فهو ينمو بمعدلات بطيئة للغاية، وأقل من قدراته الاستيعابية، ومع ذلك يعانى من معدلات تضخم مرتفعة حتى لو كانت أقل من 10%، وبالتالي لا يمكن أن نفكر في زيادة أسعار الضريبة على النشاط الاقتصادي والدخول في مثل هذه الظروف". وأشار إلى أنّ البديل يكمن في "توسيع المظلة الضريبية لتشمل جميع الأنشطة الموجودة ولا علاقة لها بدخول الفقراء ومحدودي الدخل ولا تزال هناك العديد من شرائح المجتمع خارج المظلة الضريبية فلا تطالب بأن أزيد من الضغوط على قاعدة ضريبية محدودة ومجهدة".
وبشأن فرض ضريبة 5%، ذكر أنّ "هذه الضريبة على الدخل وليست على الثروة وكذلك ليست ضريبة على المصريين المقيمين بالخارج ولا يوجد نية لفرض ضريبة على المصريين بالخارج، لأن نظامنا الضريبي يقوم على الإقليمية الضريبية، أي الدخل المحقق داخل جمهورية مصر أو من خزينة مصرية ولكن لا تلاحق المواطن المصري في أي مكان من العالم خارج مصر، كما هو الأمر مثلاً بالنسبة للمواطن الأميركي، والذي يخضع لضريبة بلاده أينما كان وأينما كان مصدر دخله، فالنظام الضريبي في مصر يختلف عن العديد من الدول، وبالتالي لا مجال لخضوع المصري بالخارج لضريبة مصرية".
وبشأن فرضها على الأغنياء، أوضح أنها "ضريبة على الدخل مؤقتة وقد عملت بها ألمانيا لإعادة إعمار ألمانيا الشرقية بمجهود أبنائها والأصل في هذه الضريبة ليست تحصيل عوائد نقدية لخزينة الدولة، إنما يمكن للممول أن يقوم بمشروع خيري مثل تجهيز مستشفى أو التبرع لمدرسة أو بناء مستوصف أو رصف طريق أو تطهير ترعة أو بناء مساكن للمحتاجين أو أي صورة من صور التضامن الاجتماعي ويقدم المستندات الدالة على صرف هذه المبالغ واستلامها من جهة مسجلة لدى الدولة سواء كان في قطاع حكومي أو الجمعيات الأهلية، والهدف الأساسي منها توفير خدمات مباشرة للمواطنين خاصة في الأماكن المهمشة وعمل نوع من التآخي والمصالحة بين فئات المجتمع المختلفة".
وتطرق إلى تطبيق الحد الأدنى للأجور، ذاكرًا أنّ "هناك جهات داخل الموازنة العامة للدولة وتشمل جميع العاملين في الجهاز الإداري والهيئات الخدمية والمحليات ولا يوجد مشكلة لهؤلاء وتبلغ جملة التكلفة 10.5 مليار في السنة بخلاف 9 مليارات جنيه للمعلمين والأطباء، وهناك جهات أخرى خارج الموازنة العامة للدولة وتشمل الهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال العام و99% من العاملين في هذه الجهات يحصلون على إجمالي دخل يفوق الحد الأدنى. وتم حصر من لا يتقاضى الحد الأدنى منهم وتكلفته تصل لنحو 105 ملايين جنيه في السنة، وهناك أيضًا المعينون في الصناديق والحسابات الخاصة ويوجد أكثر من 6500 صندوقًا، كل صندوق منها له قانون ولائحة خاصة به وتحكمه قواعد خاصة للصرف، وهناك صناديق لديها فوائض وأخرى تفتقد للملاءة المالية الجيدة وهنا هذا القسم هو الذي يتسم بالصعوبة في التطبيق وتتم معالجة هذه المشكلات خاصة بالنسبة للصناديق غير الميسورة على أساس كل حالة على حدة، وهو ما يأخذ وقتًا. أخيرًا الحد الأدنى للأجور يعنى إجمالي الدخل الشامل الذي يحصل عليه الموظف من راتب وحوافز ومكافآت ونصيب في الأرباح وبدلات قبل خصم جميع أنواع الضرائب، وقبل خصم حصة رب العمل والعامل في التأمينات، وقد حدثت بعض التظاهرات نتيجة الخلط بين ما يعتقده العامل أن الحد الأدنى للأجور هو صافى دخله وليس إجمالي دخله".
وبشأن إصلاح الشركات العامة، ذكر أنّ "الاقتصاد المصري لديه وحدات إنتاجية وموارد ضخمة جداً تساء إدارتها بما يعود بالسلب على الأداء الاقتصادي ككل وبثمن باهظ يتحمله أبناء الشعب بلا سبب واستقر الرأي داخل هذه الحكومة على ضرورة تغيير منهجية الفكر ومنهجية إدارة أصول الدولة ومواردها الطبيعية وواحدة من هذه التطبيقات المهمة والحالة هي إنشاء صندوق سيادي ليدير جميع الشركات والوحدات الإنتاجية والهيئات الاقتصادية كهيئة سكك حديد مصر بصورة اقتصادية وتحفظ في الوقت نفسه حقوق العمال وتؤمن حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أسرهم، وكذلك مراعاة الدور الاجتماعي الذي تقوم به بعض أو معظم هذه المؤسسات، وستتم الاستعانة بأعظم الخبرات المصرية في المجال الإداري والمالي والفني، والاستراتيجي لإعادة هيكلة، واستثمار هذه الأموال بشتى الطرق، والتي تحولها من عبء وثمن باهظ يتحمله أبناء هذا الوطن إلى موارد تعزز من القوة الاقتصادية للبلاد والنفع لأبناء هذا الوطن".
ولفت إلى أنّ "العدالة الاجتماعية لا تنحصر في مسألة الحد الأدنى للأجور، فالعدالة الاجتماعية يتسع نطاقها لتشمل تحسين جودة الحياة للمواطن من خدمات يحصل عليها، مثل الرعاية الصحية الجيدة ودواء متوافر وخدمة تعليمية متميزة تستثمر في أولاده للمستقبل وكذلك طرق ممهدة وهواء نظيف وسكن ملائم ومرافق تحقق له احتياجاته ومتنزهات وخلافه، وكل هذا يحتاج لموارد ضخمة وأول عنصر جديد على الموازنة العامة في العام المالي الجديد 2015/2014 هو بدء تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التي أقرها دستور 2014 بزيادة الانفاق على التعليم قبل الجامعي والجامعي والصحة والبحث العلمي تدريجيًا على 3 سنوات مالية حتى 2017/2016 بإجمالي 10% من الناتج القومي أي ما يعنى الوصول بالإنفاق على هذه المجالات إلى 140 مليار جنيه، وفى السنة المالية الجديدة 2015/2014 سنحقق حوالي 20 مليار جنيه إضافية، بجانب معدلات النمو الطبيعية، التي يحظى بها الإنفاق على هذه المجالات. وبعد تطبيق الإجراءات الهيكلية سواء في مجالات الطاقة أو الضرائب ستتم زيادة الإنفاق على البعد الاجتماعي بمعدلات متسارعة حتى تصل إلى الاستحقاقات الدستورية التي أشرنا إليها، حيث أن الزيادات التي تمت على الأجور استنفذت معظم إن لم يكن كل موارد الموازنة العامة فقد ارتفعت فاتورة الأجور من 80 مليار جنيه في 2010/2009 إلى 183 مليارا في موازنة العام المالي 2014/2013".
أرسل تعليقك