لا تزال أصداء زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى السودان، قائمة حتى الآن، رغم انتهاء الزيارة التي استمرت على مدار يومين، وانتهت يوم الجمعة الماضي، وبشأن رأي الخبراء السودانيين في دعم التعاون الاقتصادي مع مصر، توقع اقتصاديون أن تُثمر الاتفاقات المبرمة بين البلدين بعد قمة الرئيسين "السيسي والبشير" في الخرطوم، ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من 9 مليارات دولار في العام، في وقت تقدر المعاملات التجارية بينهما بأقل من مليار دولار، بينما يبلغ العجز التجاري من جهة السودان نحو 600 مليون دولار.
وفي هذا الإطار، وحسبما ذكر موقع "السودان اليوم" نقلًا عن صحيفة "اليوم التالي"، قال الخبير الاقتصادي وأستاذ المحاسبة المالية في الجامعات السودانية، محمد الناير، إن القمة مهدت الطريق لزيادة حجم الاستثمارات المصرية في السودان التي لا تتجاوز حاليًا 3 مليارات إذا لم يشمل جميع التصديقات الممنوحة من الحكومة السودانية، موضحًا أن الرئيسين على معرفة بحاجة البلدين للتقدم إلى الأمام في الاتفاقات الاقتصادية، خصوصًا مع وجود لجنة وزارية مشتركة ترفع للرئيسين ما تم إنجازه وما يمكن أن يتحقق خلال الفترة المقبلة.
وأضاف الناير، أن أبرز تفاهمات القمة تمثلت في فتح الطرق الرابطة بين البلدين والواقعة في شمال السودان وجنوب مصر ومع ساحل البحر الأحمر، وهي ثلاثة الأول طريق "دنقلا – أرقين" وهو الأكثر استيعابًا لحركة النقل، وطريق "حلفا- قسطل" الذي يرى أن الحركة التجارية فيه قد خفت مؤخرًا بعد افتتاح طريق “دنقلا – أرقين”، أما الطريق الثالث مع ساحل البحر الأحمر ولَم يفتتح بصورة رسمية حتى الآن بسبب خلافات الحدود والتي قد تكون القمة بين الرئيسين عالجتها.
واعتبر الناير في تصريحاته لـ "اليوم التالي"، أن هناك الكثير من الموضوعات المشتركة التي تضمنتها مناقشات القمة مثل القطاع الزراعي والاستفادة من الموارد الطبيعية الكبيرة في السودان التي رأى أنها تحتاج للخبرات المصرية في العملية الزراعي، شريطة أن يكتسب السودان القيمة المُضافة ويصدر منتجاته وعلى رأسها اللحوم المصنعة.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن السودان يتطلع إلى إحداث طفرة ومعالجة كبيرة في الاقتصاد الوطني، فضلاً عن ارتفاع الاستثمارات بين البلدين خاصة بعد الاتفاقيات التي تمت بين الرئيس عمر البشير ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي، داعيًا إلى التركيز في الفترة المقبلة على طرح الاستثمارات في مجال الزارعة والتصنيع الزراعي والتصنيع السمكي والتعدين كروافد اقتصادية أساسية لتدعم الاقتصاد، ومشددًا على ضرورة العمل لتكثيف التعاون بين البلدين في شتى المجالات والاتفاق على تنفيذ برامج محددة لضمان الوصول إلى التكامل الإستراتيجي المأمول.
وبدوره لفت الدكتور عبدالقادر إبراهيم، المحلل الاقتصادي السوداني، إلى أن أبرز القضايا التي تناولتها القمة من ناحية اقتصادية وسياسية هي التفاهم حول تأمين واستثمار منطقة البحر الأحمر، وضرورة التشاور والتنسيق المستمر، تعظيمًا للمصالح ومنعًا للتدخلات الأجنبية السالبة والتسابق الإقليمي للسيطرة على المنطقة بما يتعارض ومصالح شعوبها.
وذكر إبراهيم في تصريحاته لـ "اليوم التالي" أيضًا، أن التقارب الإثيوبي الإريتري مؤخرًا ودعم السودان ومصر لهذا الاتجاه، يجعل الوقت مهيأً لتفعيل وتقوية هذه العلاقات الجماعية والثنائية على أسس من المصالح الاقتصادية القوية التي تعود بالفائدة على الشعبين، مشيرًا إلى أن هناك مقومات قوية وفرصا واعدة لتحقيق التكامل بين السودان ومصر.
جدير بالذكر، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره السوداني عمر البشير، توصلا في قمة جمعت بينهما في الخرطوم “الخميس والجمعة” الماضيين، إلى اتفاقات على تسهيل حركة التجارة بين البلدين، ودعم وتشجيع الاستثمارات المشتركة وتذليل كافة العقبات التي تواجهها.
ومنحت وزارة الاستثمار السودانية منذ عام 2000 وحتى 2013م، تصاديق لاستثمارات مصرية وصل عددها 229 مشروعًا برأسمال يقدر بـ10.1 مليار دولار تقريبا، يستحوذ القطاع الصناعي على 122 مشروعًا برأسمال 1372 مليون دولار، ثم القطاع الخدمي بـ90 مشروعًا برأسمال 8629 مليونًا, الزراعي بـ17 مشروعًا برأس مال قيمته 89 مليون دولار، وهذه المشاريع لا تدخل فيها مشاريع البترول, تستحوذ ولاية الخرطوم ما يزيد عن 70 % منها.
وكان البشير، قد قال في مؤتمر صحافي مع الرئيس السيسي، إن السودان مهتم بتعزيز العلاقات مع جمهورية مصر العربية في كافة المجالات والارتقاء بها لتصبح شراكة إستراتيجية، موضحًا أن هناك ثلاثة طرق تربط مصر والسودان، كما هناك دراسات لربط سكك حديد السودان بمصر، واتفقنا على إزالة كافة العوائق في حركة الأفراد والسلع بين البلدين.
وتعهد رئيس الوزراء السوداني، الفريق أول ركن بكري حسن صالح، بتنفيذ توجيهات الرئيسين الخاصة بالإعداد للجنة الرئاسية العليا للتعاون بين السودان ومصر، وكذلك تنفيذ ما يليه من اتفاقيات ومذكرات التفاهم المشترك بين البلدين، وقال عقب لقائه السيسي إن السودان بموارده سيكون سندًا لتطلعات الشعبين الأفريقي والعربي، وسيكون حاضرًا للتنسيق مع مصر لتنفيذ ما يليه من التزامات في هذا المجال.
وتتضمن الصادرات السودانية لمصر في الحيوانات الحية، السمسم، الصمغ العربي، الفول السوداني، الجلود، فيما تشمل الواردات المصرية للسودان منتجات بترولية، سلع صناعية، مواد غذائية، منتجات كيماوية، آلات ومعدات، مواد خام، وسائل نقل، منسوجات، مشروبات وتبغ.
وكان "مصر اليوم"، قد استطلع آراء خبراء مصريين أكدوا على أهميه التعاون الاقتصادي بين البلدين وضرورة تعظيم التبادل التجاري في مجالات الثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية، حيث إن حجم التبادل التجاري لا يلبي طموحات الشعبين.
أرسل تعليقك