شهدت معظم الأصول المالية مكاسب ملحوظة في 2019، لكن يبقى صعود الأسهم العالمية يحمل مذاق خاص، لا سيما بعد الخسائر القوية التي ضربتها في العام الماضي،وأبت أسواق الأسهم العالمية أن تتخلف عن "سوق الثيران" كثيراً، لتعود لكسر مستويات تاريخية جديدة.
وأضافت أسواق الأسهم العالمية أكثر من 17 تريليون دولار إلى قيمتها في العام الجاري لتتجاوز 85 تريليون دولار، وفقاً لـ"دويتشه بنك"،وتمكن مؤشر الأسهم الأوروبية "ستوكس 600" من تجاوز مستوى 419 نقطة لأول مرة في تاريخه بنهاية جلسة 29 ديسمبر/كانون الأول، بينما سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية مستويات قياسية جديدة.
الأسهم عاشت عاماً سعيداً.. لماذا؟
اتخذت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم نهجاً أكثر تيسيراً، كما أن آفاق التجارة والسياسية العالمية أصبحت أكثر وضوحاً وتلاشى عدم اليقين كثيراً في العام الجاري، ليكونا عاملين رئيسيين لمكاسب قوية لسوق الأسهم.
وخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدل الفائدة الرئيسي ثلاث مرات هذا العام، وعمق البنك المركزي الأوروبي الفائدة السالبة على تسهيلات الودائع أكثر لتصل إلى مستوى -0.50 بالمائة،وبالإضافة إلى ذلك، كان لاستئناف عمليات ضخ السيولة من قبل أكبر بنكين مركزين حول العالم (بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي) دوره في تيسير الأوضاع المالية.
ورغم استمرار التوترات التجارية بين الصين الولايات المتحدة خلال 2019 إلا أن التفاؤل حيال حل النزاع كان الغالب في معظم فترات العام إلى أن توصل أكبر اقتصادين حول العالم إلى اتفاق بشأن صفقة تجارية جزئية والتي من المتوقع على نطاق واسع توقيعها رسمياً في الشهر المقبل.
وبالنسبة للجبهات التجارية الأخرى للولايات المتحدة، أقر مجلس النواب اتفاق التجارة الجديد لأمريكا الشمالية بعد مفاوضات دامت لعام بين إدارة الرئيس دونالد ترامب والديمقراطيين، كما قررت واشنطن تأجيل التعريفات التي كانت تنوي فرضها على واردات السيارات الأوروبية.
وفي أوروبا، وبعد عام مليئ بالتأجيلات لعملية البريكست المستعصية التي أثارت اهتمام الجميع وأطاحت برئيسة الوزراء تيريزا ماي، من المتوقع أن يمنح الفوز الكبير لحزب المحافظين برئاسة بوريس جونسون القدرة على إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الموعد المحدد 31 يناير/كانون الثاني.
وجاءت هذه المكاسب القياسية لأسواق الأسهم العالمية رغم تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي والبيانات السلبية التي غمرت العام الجاري خاصة على مستوى انكماش النشاط الصناعي وتباطؤ التجارة الدولية، وبحسب صندوق النقد الدولي فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنحو 3 بالمائة في العام الجاري والتي من شأنها أن تكون أبطأ وتيرة نمو منذ الأزمة المالية العالمية.
المكاسب الأكبر للأسهم في عدة سنوات
وبشكل خاص، استطاع إنفاق المستهلكين وسوق العمل القوي في الولايات المتحدة أن يدعم الاقتصاد والأسهم الأمريكية، في مقابل مخاوف التباطؤ وانكماش نشاط التصنيع، وعانقت "وول ستريت" أعلى مستوى في تاريخها خلال العام الجاري، ليس هذا فحسب بل سجلت أكبر وتيرة صعود سنوية منذ عام 2013.
ومنذ بداية عام 2019 وحتى نهاية جلسة 26 ديسمبر/كانون الأول، نجح المؤشر الأوسع نطاقاً "ستاندرد آند بورز" في تحقيق مكاسب تتجاوز 28 بالمائة، كما أن "داو جونز" الصناعي ارتفع 22 بالمائة في نفس الفترة، أما المؤشر الذي يغلب عليه الطابع التكنولوجي "ناسداك" فسجل مكاسب في نفس الفترة بلغت 35 بالمائة، متجاوزاً مستوى 9 آلاف نقطة لأول مرة في تاريخه.
ورغم ذلك، مرت الأسهم الأمريكية بأيام عصيبة حيث نالت مخاوف الركود الاقتصادي من مكاسب الأسهم، وتراجع مؤشر "داو جونز" بأكبر وتيرة يومية في العام فاقداً 800 نقطة خلال جلسة 14 أغسطس/آب، بعد أن فقد 760 نقطة في اليوم الخامس من الشهر نفسه.
ومع تداول مؤشر "ستوكس 600" عند مستوى قياسي بعد ارتفاعه بنسبة 24 بالمائة منذ بداية العام، أصبح عام 2019 على الطريق الصحيح ليكون ثالث أفضل عام للأسهم الأوروبية بعد عامي 1999 و2009، حيث يبدو أن رقم 9 هو تميمة الحظ لها.
أما عن الأسهم الصينية فكانت ضمن الأفضل أداءً في العالم في 2019، حيث سجل مؤشر "شنغهاي المركب" مكاسب تتجاوز 20 بالمائة منذ بداية العام وحتى نهاية جلسة 25 ديسمبر/كانون الأول.
وبشكل خاص، ساهمت الإعانات التي تقدمها الحكومة الصينية للشركات في مكاسب الأسهم حيث زادت المساعدات بنسبة 15 بالمائة على أساس سنوي للأشهر التسعة الأولى من عام 2019.
وعن أحد أكبر الأسواق الآسيوية حيث اليابان، سجل مؤشر "نيكي" مكاسب بأكثر من 19.5 بالمائة حتى جلسة 25 ديسمبر/كانون الأول، بعد أن بلغ أعلى مستوى له منذ 14 شهراً في جلسة 17 ديسمبر/كانون الأول بتجاوزه 24 ألف نقطة.
الأفضل والأسوأ
حازت سوق الأسهم في روسيا على لقب الأفضل أداءً في عام 2019 حيث تتجه لمكاسب 40 المائة في العام الجاري،وساعد انتعاش أسعار النفط بجانب ذوبان التوترات الجيوسياسية بين روسيا والغرب إلى حد ما على تزايد الإقبال على الأسهم الروسية، في الوقت نفسه، كانت روسيا على طريق التيسير النقدي أيضاً، حيث خفض البنك المركزي معدل الفائدة 5 مرات في العام الجاري.
بينما كانت الأسهم في تشيلي الأسوأ أداءً في 2019 بانخفاض 20 بالمائة نتيجة للاحتجاجات العارمة ضد السياسات الاقتصادية للحكومة وارتفاع تكاليف المعيشة مما أدى إلى ابتعاد المستثمرين عن الأصول المالية الخطرة في البلاد.
ماذا عن 2020؟
يرى بنك "مورجان ستانلي" تراجعاً في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بحلول نهاية العام المقبل إلى 3 آلاف نقطة بدلاً من 3200 نقطة حالياً،بينما يتوقع بنك "سيتي جروب" أن يرتفع "ستاندرد آند بورز" إلى مستوى 3375 نقطة في العام المقبلKفيما يرى بنك "باركليز" أن الأسهم الأوروبية ستكون أفضل أداءً من نظيرتها الأمريكية مع توقعات وصول "ستوكس 600" إلى مستوى 430 نقطة في العام المقبل.
ويتوقع "مورجان ستانلي" أن أكبر صعود محتمل في الأسواق مع وجود مسار بشأن نمو الأرباح الممكن تحقيقها سيكون في اليابان والأسواق الناشئة،كما يرى "ميسلاف ماتيجكا" استراتيجي الأسهم العالمية في "جي.بي.مورجان" أن أسهم الأسواق الناشئة سوف تستفيد بشكل كبير من التحول في التصنيع العالمي والهدنة التجارية في المرحلة الأولى، ومن بعض التزايد المحتمل في تدفق البيانات في الصين.
وبشكل عام، يميل معظم المحللين لتوقع مزيد من الصعود في أسواق الأسهم العالمية في عام 2020، بدعم السياسات النقدية التيسيرية وانتهاء عدة أزمات سياسية واقتصادية مثل البريكست والصراع التجاري الصيني الأمريكي.
قد يهمك أيضا :
تقرير البنك الأوروبي يبرز الإصلاحات الهيكلية لوزارة السياحة لتطوير القطاع
"أرامكو" و"علي بابا" تنقذان أسواق الأسهم العالمية في عام التباطؤ 2019
أرسل تعليقك