تسببت زيادة أسعار الوقود التي أعلن عنها رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، الخميس الماضي، في زيادة عدد كبير من أسعار السلع ووسائل النقل في مصر، ما تسبب في حالة من الغضب العارم بين المواطنين، الذين أبدوا استياءهم مما وصفوه بـ"جشع التجار"، وذلك في الوقت الذي كلف فيه الرئيس السيسي، الحكومة، بتشديد الرقابة على الأسواق، ومنع التلاعب فيها.
وفي كلمة إلى الشعب في الذكرى الرابعة لثورة 30 يونيو/ حزيران، هنأ الرئيس السيسي، المصريين بالمناسبة، وبما تحقق من إنجازات، من دون أي إشارة لزيادة أسعار الوقود. وأشاد بالشعب "الذي يتفهم بوعي وحكمة القرارات الصعبة التي يتعين اتخاذها، ويتحمل بشموخ وصبر مشاق الإصلاح الاقتصادي وأعبائه، ينظر إلى المستقبل بثقة، ويعلم علم اليقين أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا".
وفي رد فعل سريع على قرارات الخميس الماضي، اندلعت مشاجرات بين ركاب وسائقي سيارات أجرة رفع بعضهم التعريفات، بنسب وصلت إلى 80 في المائة، غير أن الحكومة وجهت المحافظين لاعتماد زيادات لا تتجاوز 20 في المائة في تعريفات الركوب، إلا أن رئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء أبو بكر الجندي، قال في مؤتمر صحافي، إن قرار زيادة أسعار الوقود سينعكس على أجرة المواصلات العامة، بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة.
واستمرارًا لتوابع زيادة الأسعار عقب رفع سعر الوقود والمحروقات، طالبت شركات المحمول العاملة في مصر، برفع أسعار كروت الشحن الخاصة بها، إلا أن بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قاموا بتدشين حملة من أجل مقاطعة شركات المحمول، في محاولة للتعبير عن الاعتراض على الزيادات الجديدة على أسعار كروت الشحن، على أن تكون الحملة عن طريق غلق جميع الهواتف المحمولة لمدة ساعتين متصلتين، وحددت الحملة ميعاد المقاطعة الأحد، في تمام الساعة التاسعة مساءً، وحتى الساعة الحادية عشر.
وقام بعض النشطاء بالتعبير عن رفضهم لتلك الزيادة الجديدة في أسعار كروت الشحن الخاصة بالهاتف المحمول، في حين صرح مصدر في شركة فوادفون، أن الشركة ستقوم بخصم قيمة الزيادة من الرصيد. وقال رئيس قطاع الشؤون الخارجية والقانونية في شركة فودافون مصر أيمن عصام، في تصريحات له، إن شركات المحمول لن تقوم باستخدام تلك الحيلة وتخفيض الرصيد أو السحب من إجمالي عدد الدقائق، وأن الأسعار ستبقى كما هي عقب إقرار ضريبة القيمة المضافة.
وأكد المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر، أن زيادة أسعار الإنترنت وكروت شحن الهواتف المحمولة، ليست إلا شائعة ليس لها أي أساس من الصحة ، موضحًا عدم صدور أي قرارات من الشركة العامة للاتصالات المصرية أو الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، بشأن زيادة أسعار كروت الشحن، أو أسعار خدمات شبكات الإنترنت.
وأفاد بأن تلك الشائعات تصدر عن طريق مجموعة من التجار الجشعين، والتي يحققون بها المكاسب الشخصية فقط، على حساب المواطن البسيط، وأكد أن أسعار كروت الشحن للهواتف المحمولة وخطوط الإنترنت، لم تتغير منذ الـ 6 أشهر الماضية.
ونفى الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، جميع الشائعات التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي عن زيادة أسعار السلع التموينية والسجائر، محذرًا التجار من التلاعب بالمواطنين، خلال تلك الفترة المقبلة، مؤكدًا أثناء حديثه "لم يحدث ولا يمكن أن تزيد".
وارتفعت أسعار مواد البناء والسيراميك عقب زيادة أسعار الوقود في مصر، حيث وصل سعر متر سيراميكا كليوباترا الفرز الأول إلى 175 جنيهًا، بعد أن كان بـ87.5 جنيهًا، ووصل سعر الفرز الثاني إلى 150 جنيهًا، بدلا من 75، فيما وصل سعر الفرز الثالث إلى 70 جنيهًا بدلا من 35، فضلا عن قيام باقي شركات السيراميك برفع أسعارها أيضا. وارتفع سعر طن الأسمنت من 720 جنيهًا إلى 820 جنيهًا، وشكارة الأسمنت الأبيض من 90 جنيهًا إلى 105 جنيهات، وشكارة الجبس إلى 25 جنيهًا.
وأبدى مواطنون غضبهم من الزيادات المتوالية في الأسعار عقب ارتفاع سعر الوقود، وأكدوا في تصريحات خاصة إلى "مصر اليوم"، استنكارهم لما يحدث في ظل تدني الدخول والرواتب. وقال عضو البرلمان السابق، ورئيس اتحاد المعاشات، البدري فرغلي، إن التوقيت خطأ والطريقة خطأ، فالقرار لم يراع الظروف السياسية التي تمر بها البلاد، ولم يراع الأغلبية العظمى من الشعب، مشددًا على أنه لم تعد هناك قدرة للإنسان على أن يواصل الحياة.
وأضاف "كنت من أوائل المؤيدين للسيسي في ثورة 30 يونيو/حزيران، لكني الآن لست مع سياساته ولا مع طريقة حكمه لنا، فقد كنا نحلم باستقرار اقتصادي وسياسي، لكن ما يحدث لنا بعيد تمامًا عن حلمنا.. 30 يونيو ألف رحمة عليها".
واشتكى محمد أحمد، موظف، من رفع سائقي سيارات الأجرة تعريفة الركوب، بين مدينته بني سويف جنوب القاهرة ومدينة السادس من أكتوبر غرب العاصمة، إلى 28 جنيهًا (1.5 دولار) من 18 جنيهًا. وقال "عندي أربعة أولاد. أجيب منين؟ والله اللي بيحصل فينا دا حرام!".
وبيّن إبراهيم متولي، عامل يومية، أن الزيادات الأخيرة في الأسعار، عقب ارتفاع سعر الوقود تمثل "موتًا بالبطيء" للمواطن الفقير، الذي نزل إلى القاع أكثر فأكثر. ورأى يوسف محمد، شاب مقبل على الزواج، أن الظروف الاجتماعية أصبحت غير ملائمة لاتخاذ مثل تلك الخطوة، في ظل الارتفاع غير الطبيعي للأسعار، التي لم تكن يومًا كمثيلتها الآن، مبديًا استياءه من ارتفاع الأسعار في كافة السلع.
وقال ريمون ناجي، سائق في شركة أوبر، إن السائقين في الشركة قرروا الإضراب مع ارتفاع سعر الوقود، خاصة وأن سياراتنا من ماركات حديثة وتحتاج – على الأقل- لبنزين 92، الذي وصل سعره إلى 5 جنيهات للتر، ومن ثم أصبحنا نعاني أشد المعاناة، في ظل مطالبة الشركة لنا بعوائد أكبر، مقابل ما كنا ندفعه لها، واستمرار سعر الكيلو كما هو.
أرسل تعليقك