القاهرة ـ علا عبد الرشيد
أكّدت الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار أن التعديلات الضريبية على سوق المال سيكون لها أثر سلبي عليه، موضِّحة أن القيمة الحالية للوفورات الضريبية تكون أقل في حالة خضوع المستثمر للضريبة على الدخل، وبالتالي لا يُفضِّل المستثمرون إعادة استثمارها في البورصة، مما يؤدي إلى انخفاض الوفورات التي كانت تتولد في السوق، ولا تؤدي في النهاية للحفاظ على استقراره وبقاء دوره كمصدر تمويل أساسي للاستثمار في مصر، ما يضر جذريًا بحجم الاستثمارات الخارجية والداخلية المستهدفة، في حين أن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة والأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وكذلك على الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي.
وأشارت الجمعية في تقرير حصلت "مصر اليوم" على نسخة منه، إلى أن مثل هذه التعديلات تُفقد البورصة المصرية تنافسيّتها بين الأسواق الاخرى المماثلة، اذ إن كل دول المنطقة وغالبية الاسواق الناشئة تُعفي التعاملات والتصرفات التي تتم داخل اسواق المال من اي ضرائب او رسوم لتشجيعها، ما يؤكد أن هذه التعديلات الضريبية ستتسبب في هروب الاسثمارات من سوق المال المصرية، بما يضر جذريًا بحجم الاستثمارات الخارجية والداخلية المستهدفة.
وأكّدت: "ليس خافيًا على أحد أن هذه التعديلات تأتي في وقت يعاني فية السوق من مشكلات هيكلية عدة مثل، ضعف الجاذبية الاستثمارية ، عدم الاستقرار ، نقص السيولة ، انخفاض احجام التعاملات ، ضعف الاستثمار المؤسسي ، خروج العديد من الشركات العملاقة من القيد بالبورصة المصرية، وهو أمر قد يؤدي إلى الإخلال بمبدأ العدالة في توزيع الأعباء العامة للمستثمرين نتيجة تدمير هذه الصناعة الحيوية، بمثل هذه التعديلات الضريبية الجديدة ، وأن أثر الضريبة الجديدة على الاستثمار يعتمد على مدى الزيادة التي يحدثها فرض الضريبة على الاستثمار العام في سوق الاوراق المالية، فالضريبة لن تؤدي الى زيادة الطلب العام، وبالتالي تعويض النقص في الاستثمار الخاص نتيجة لفرض الضريبة، بينما يؤدي قيام الدولة بتجميد الحصيلة الضريبية إلى الحفاظ على مستويات الاسثمارات الحالية على أقل تقدير.
وأعلنت: "يُلاحظ أيضًا أثر الضريبة الجديدة على صغار المستثمرين الذين يُعَدُّون القطاع الأكبر في البورصة المصرية، فإن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة والأفراد محدودي الدخل يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وكذلك على الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي، وبالتالي انخفاض ونقص في الإيرادات العامة للدولة".
وأوضحت الجمعية، أنه "نظرًا إلى ما تنطوي عليه الضريبة من استقطاب جانب من دخول الأفراد فإنها تؤدي إلى خفض الادخار، ويتوقف ذلك على عوامل، من بينها حجم الدخل الفردي، ومستوى المعيشة ومدى رغبة الفرد في العمل والإنتاج لتعويض الاستقطاع الضريبي من جهة، وطبيعة هيكل النظام الضريبي من جهة أخرى، مؤكِّدة أنه على صانع السياسة الضريبية أن يراعي إحداث قدر من التوازن بين هدفين أساسيين هما، تشجيع الادخار وتحقيق العدالة الضريبية، ولذلك فعند فرض الضريبة الجديدة فإن قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع هذا القرار لا تتماشى مع حجم خسائر الاستثمار التي قد تترتب على تأثيراته".
وأشارت الجمعية إلى أن تأثير الضريبة ينطوي في الحقيقة على الحد من حجم الاستثمارات، كما أن فرض الضريبة يحتم على الدولة زيادة إنفاقها الاستثماري للحفاظ على استقرار سوق المال المصري لتعويض النقص في الاستثمار الخاص، وبصفة خاصة في القطاعات التي تأثرت بقرارات فرض الضريبة الجديدة ، مبيّنة: "لذلك فان محدودية العائد من هذه الضريبة للدولة – على الاقل بالنسبة إلى ما سيُحصل من الشركات المدرجة في سوق الاوراق المالية المصرية – لا يتماشى مع فقدان هذا الحجم من الاستثمارات المتوقع نتيجة لفرضها".
وأكّدت: "الضريبة الجديدة يمكن أن تؤدي إلى خفض الاستثمارات بصورة مباشرة بسبب خفضها لأرباح المستثمرين، وعلى وجه الخصوص بالنسبة إلى الاستثمارات الجديدة، والتي يتم السعي بكل الطرق خلال الفترة الجارية لاجتذابها وتنميتها، كذلك يمكن أن تؤدي الضريبة الجديدة بصفة عامة إلى تغيير هيكل الاستثمارات، وذلك بسبب ما تؤدي إليه من توسع في الاستثمارات الأقل خطورة والأكثر أمانًا، والتي يمكن تصنيفها بسهولة حيث يصبح الاقتصاد أكثر حساسية للضغوط التضخمية، واقل فاعلية استثماريًا واقل قدرة تمويليًا".
وأوضحت: "التطور في معنى آثار الضرائب إلى جانب التغير الذي حل بمفهوم مالية الدولة والسياسة المالية انعكس بدوره على دور الضريبة بنقلها من الحياد إلى التدخل، بقصد إحداث تغيّرات عميقة في النظام الضريبي تضمن فاعليته في تحقيق سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية بأقل عبء ضريبي ممكن، حيث تحقق أكبر إشباع جماعي مستطاع بأقل تضحية جماعية ممكنة، وهذا ما يجسد اندماج نظرية العبء الضريبي في نظرية الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما لا يتماشى مع القاعدة العريضة من صغار المستثمرين الموجودين في سوق المال المصري، والذين يعتمدون كدخول شبة ثابتة على التعاملات ونواتجها، بما لا يعطي مرونة لضغوط فرض هذه الضريبة الجديدة عليهم.
وأشارت الجمعية ، الى ان جانبًا رئيسيًا من المستثمرين من المؤسسات في سوق المال المصري هم جهات تابعة للدولة على سبيل المثال ، البنوك العامة ، صناديق التأمينات الاجتماعية ، هيئة البريد ، الشركات القابضة ، الهيئات العامة وغيرها، موضحة أن ذلك يعني اتساع مساحة التأثير بصورة واضحة على موازنة الدولة من جانب آخر غير منظور، من خلال انخفاض في عوائد استثمارات الدولة في البورصة.
وأعلنت الجمعية أن خلاصة التجارب الدولية تصب في اتجاه عدم تطبيق ضرائب على معاملات البورصة ، وأشارت الى أن غالبية الدول الناشئة تعفيها من الضرائب، كما أن العديد من الدول تتجه لفرض الضرائب على الاستثمارات قصيرة الاجل (أقل من سنة) لتقليل آثار الأموال الساخنة والمضاربات، موضحة: "الدول التي تفرض ضرائب تركز اكثر على التوزيعات عن الارباح الراسمالية ، كما تتجه بعض الدول لاعفاء الاجانب او لاعفاء صغار المستثمرين ، وأن منطقة الشرق الاوسط باكملها لا تفرض ضرائب باستثناء اسرائيل تقريبًا، وبالنسبة إلى القارة الافريقية فجنوب افريقيا فقط هي التي تفرض ضرائب".
أرسل تعليقك