يستعد القطاع العقاري المصري لإثبات قدرته على مواجهة العديد من التحديات والقيام بدوره، وسط آمال معلقة عليه بالمساهمة في تحقيق معدلات نمو تصل إلى 4%، وتوفير وحدات لنحو 800 ألف زيجة سنويًا، مدفوعًا بإنهاء باقي الاستحقاقات الديمقراطية، والتوجه نحو مزيد من الاستقرار السياسي والأمني، وتعديل قوانين في القطاع، أهمها قانون التمويل العقاري، والسماح بإنشاء الصناديق العقاريّة.
واختلفت تقديرات المستثمرين والخبراء بشأن النسبة التي يمكن أنَّ يساهم القطاع العقاري في تحقيقها، والتي تراوحت بين 1 إلى 1.5%، وذلك مع بدء تحسن القطاع في نهاية 2013، واستعداد العديد من المستثمرين للتواجد في السوق العقارية المصرية خلال المرحلة المقبلة.
ورهن الخبراء العقاريون قدرة القطاع على تحقيق هذه النسبة بإجراءات عدة أهمها طرح مزيد من الأراضي وتعديل نظم الطرح بما يتناسب مع طبيعة المشروع والخطة التنموية للدولة، فضلاً عن إنهاء النزاعات مع بعض المستثمرين ودعم القطاع المصرفي للقطاع العقاري.
وأضافوا أنَّ الدولة غير قادرة بمفردها على تطوير وترفيق المساحات الشاسعة من الأراضي الصحراوية وهو ما يدفعها للاستعانة بالمطورين العقاريين القادرين على ترفيق هذه الأراضي وتقسيمها وضخها بالسوق العقارية، على أنَّ تتجه أنظار الدولة خارج مدينتي القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر لتنمية باقي المدن الجديدة.
وأشاروا إلى أنَّ إقرار التعديلات المقترحة على الصناديق الاستثمارية ومن بينها الصناديق العقارية سيوفر مصادر تمويلية جديدة للمشروعات العقارية، لاسيّما بعد إنهاك القوى المالية للمستثمرين خلال الـ3 أعوام الماضية،وهو الوضع نفسه بالنسبة لتعديلات قانون التمويل العقاري، والتي عدها البعض بداية جديدة لنشاط التمويل العقاري في مصر.
ورأى رئيس مجموعة عربية للاستثمار العقاري هشام شكري أنَّ "العقارات من أهم القطاعات التي تمكن الحكومة من تحقيق معدلات النمو المستهدفة، والتي تتراوح بين 3,5 إلى 4%، لاسيّما مع اتّجاهها لإنهاء التسويات مع عدد من المستثمرين العقاريين، أهمهم شركتي سوريل والفطيم، كما أعلن المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان، وهو ما يشجع جذب مزيد من المستثمرين للسوق العقارية خلال العام الجاري".
ولفت شكري إلى أنَّ "إنهاء باقي الاستحقاقات الديمقراطية واستكمال خارطة الطريق يعد الجاذب الأول للاستثمارات الأجنبية، فالاستقرار السياسي والأمني هو الجاذب الأول للمستثمر والمشجع الرئيسي لضخ استثمارات جديدة"، موضحًا أنَّ القطاع يحتاج لتشريعات جديدة وتنفيذ التشريعات التي تمت الموافقة عليها أخيرًا".
وأشار شكري إلى أنَّ "موافقة هيئة الرقابة المالية على التعديلات الجديدة على الصناديق العقارية سيفتح مجالاً جديدًا لتمويل المشروعات العقارية، وتنشيط القطاع وتحقيق استقراره وتعظيم فوائده"، مؤكّدًا "قدرتها على تحقيق انطلاقة كبيرة للقطاع، وذلك عبر استخدام السيولة الكبيرة التي ستضخها في المشروعات".
وأكّد شكري أنَّ "إقرار وزارة الإسكان للتعديلات المقترحة على اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة سيعمل على تنشيط حركة الاستثمار العقاري، لاسيّما أنَّ البنود التي تسعى الهيئة لتغييرها كانت من أبرز المواد التي أكد المستثمرون أنها تعوق حركة الاستثمار وكذلك ضمانها لثبات العلاقة بين المستثمر والدولة".
وبدوره، بيّن رئيس المجلس التصديري للعقارات الدكتور علاء لطفي أنَّ "القطاع العقاري يدفع بأكثر من 105 صناعة مرتبطة به، قادر على المساهمة بنحو 1,5% من معدلات النمو، التي تستهدف الحكومة تحقيقها مع نهاية لعام المالي الجاري"، مؤكدًا أنه "ساهم بنحو 3% من معدلات النمو المحققة خلال عام 2007".
وأوضح لطفي أنَّ "هناك العديد من المؤشرات التي تجعل القطاع العقاري قادرًا على الوصول لهذه النسبة، أهمها اتجاه الدولة لإنهاء النزاعات مع عدد من المستثمرين في القطاع، وإقرار عدد من القوانين الجديدة، والتوجه نحو مزيد من الاستقرار السياسي والأمني".
وأشار إلى أنَّ "المجلس التصديري يستهدف الوصول بقيمة المصدر من العقاري إلى 2 مليار دولار بنهاية 2014، وذلك مع التوقعات بوصول حجم الاستثمار العقاري بالسوق المصرية إلى 10 مليار دولار خلال العام"، مؤكدًا أنَّ "متوسط عدد الزيجات سنويًا يصل إلى نحو 880 ألف زيجة/ تحتاج لنحو 575 ألف وحدة سكنية سنويًا، فضلاً عن العجز القائم بالفعل بين العرض والطلب في القطاع، الذي يجعل السوق ملزمًا بتوفير هذه الوحدات".
ولفت لطفي إلى أنَّ "العمالة المباشرة وغير المباشرة بالقطاع العقاري تمثل نحو 50% من القوى العاملة في مصر"، مشدّدًا على "ضرورة وضع إطار مؤسسي واضح لهذه الصناعة مع أهمية التنسيق بين الجهات التي تتولى التنظيم والإشراف على القطاع، والبالغة 11 جهة، على أنَّ يتم توحيدها في جهة واحدة، تمثل فكرة (الشباك الواحد)، للتعامل مع المستثمرين العقاريين".
ومن جانبه، أكّد المدير الإقليمي لشركة "هيل إنترناشيونال في شمال أفريقيا وليد عبد الفتاح، أنَّ السوق العقاري لا يزال وجهة للعديد من المستثمرين الأجانب نتيجة ارتفاع حجم الطلب على العقار سنويًا، ووجود فجوة تصل إلى 500 ألف وحدة سكنية بين العرض والطلب، ولكن هناك العديد من القرارات والسياسات التي يجب اتباعها بالسوق لتشجيع هؤلاء المستثمرين.
وأضاف عبد الفتاح، أنَّ وزارة الإسكان تحتاج لتحديد نظم طرح الأراضي الاستثمارية خلال المرحلة المقبلة وذلك بما يتناسب مع طبيعة الأرض بحيث يتم طرح الأراضي الغير منماة بنظام التخصيص واستخدام نظام المزايدة في طرح الأراضي التي لها قيمة تنموية بالفعل.
ورأى، أنَّ ضعف الإقبال من المستثمرين على الطرح الأخير للأراضي الاستثمارية الذي أعلنته هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة يرجع إلى استمرار الإضطرابات السياسية والأمنية وعدم وضوح الرؤية أمام بعض المستثمرين، متوقعًا تغير هذه الظروف مع الاتجاه نحو الاستقرار السياسي والأمني وإعادة طرح أراضي جديدة في النصف الثاني من العام الجاري.
ولفت إلى أنَّ الدولة تحتاج لإثبات احترمها لتعاقداتها مع المستثمرين المحليين والأجانب بحيث لا يتم تغييرها مع تغير النظم السياسية،على أنَّ يتم إنهاء التسويات مع المستثمرين في أقرب وقت، والقضاء على ظاهرة الأيدي المرتعشة في التعامل مع هذا الملف.
واعتبر المدير الإقليمي لشركة "هيل انترناشيونال" أنَّ إقرار هيئة الرقابة المالية للتعديلات المقترحة على الصناديق العقارية سينعش القطاع العقاري في 2014 نتيجة تقديمه لمصادر تمويلية جديدة للسوق، لاسيّما بعد إنهاك القوى المالية لدى غالبية المستثمرين، خلال الثلاثة أعوام الماضية.
إلى ذلك، أبرز رئيس شركة "رمكو" لإنشاء القرى السياحية أيوب عدلي أيوب، أنَّ السوق العقاري يحتاج لدعم حقيقي من القطاع المصرفي وألا يستمر النظر إليه باعتباره أحد القطاعات المرتفعة المخاطر، لأنه من أكثر القطاعات التي تحقق ربحًا، رغم هذه المخاطر، مؤكدًا أنَّ المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية للبنوك تحتم عليها تمويل هذا القطاع، الذي يستوعب أكثر من نصف العمالة الموجودة في السوق المصرية.
وأكد أيوب أنَّ القطاع العقاري يسهم بنحو 14% في إجمالي الناتج المحلي وهو ما يؤكد أهميته وقدرته على المساهمة في تحقيق معدلات نمو جيدة بنهاية العام المالي الجاري، لذا يجب على الحكومة العمل على جذب مزيد من رؤوس الأموال الأجنبية لهذا القطاع.
وأوضح أنَّ التحفيز يتم عن طريق طرح الأراضي غير المنماة بأسعار مخفضة ومساعدة المستثمر في ترفيقها، إضافة إلى تقديم إعفاءات ضريبية لبعض المشروعات، لاسيّما التنموية لفترة زمنية محددة، وهو ما يشجع المستثمرين ومن ثم المواطنين على الخروج من الوداي الضيق في محيط النيل.
ولفت رئيس شركة رمكو لإنشاء القرى السياحية إلى أنَّ الحكومة يجب أنَّ تدعم توجه المستثمرين للمدن الجديدة البعيدة عن العاصمة وألا يقتصر التطوير والتنمية على المدن الملاصقة للعاصمة كما هو الحال بمدينتي القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر لأن هذا النموذج يعني تمديد حالة التكدس وليس إنهائها.
وبيّن رئيس مجموعة "درة" للاستثمار العقاري حسن درة أنَّ مستقبل القطاع العقاري وقدرته على المساهمة في تحقيق معدل نمو مرتفع مرهون بتحديد الدولة لنظم طرح الأراضي خلال الفترة المقبلة بنظام المزايدة أو التخصيص أو المظاريف المغلقة أو بنظام القمية المضافة، لافتًا إلى أنَّ الطرح الأخير الذي شهد ضعف إقبال المستثمرين عليه يحتم على الدولة القيام بهذا الإجراء.
وأكّد درة أنَّ الاستثمار العقاري يمثل نقطة ارتكاز قوية للاقتصاد المصري وملاذًا آمنًا للاستثمار للعملاء، كما أنه يستوعب عمالة تصل إلى أكثر من 4 مليون عامل وهو ما يعني قدرته في حالة عودته لنشاطه السابق على إنهاء البطالة المتاركمة بالسوق المصرية والتي وصلت إلى 13.5% أخيرًا.
ورأى أنَّ ضعف الثقة بين الدولة والمستثمر نتيجة التراجع عن بعض العقود التي تم إبرامها مسبقًا يحتاج لمعالجة سريعة في حالة تخطيط الدولة لجذب مزيد من المستثمرين للسوق العقارية والاستفادة من رغبة العديد من المستثمرين لضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية خلال المرحلة المقبلة.
وقال ممدوح بدر الدين رئيس مجموعة بدر الدين للاستثمار العقاري، أنَّ تنشيط القطاع العقاري وزيادة مساهمته في تحقيق معدلات النمو التي تسعى الدولة لتحقيقها يحتاج لخطوتين تعتمدان على تحرك من الحكومة، وذلك للقضاء على الترقب وتشجيع المستثمرين على ضخ استثمارات جديدة بالقطاع.
وأوضح أنَّ الخطوة الأولى تقوم على طرح مزيد من الأراضي للمستثمرين لاستيعاب التحرك المحلوظ للمستثمرين العقاريين منذ نهاية العام الماضي وخاصة مع بدء نفاذ مخزون المستثمرين من الأراضي على مدار الثلاثة أعوام الماضية، التي لم يتم طرح أراضي جديدة خلالها،على أنَّ يتم تحديد نظم الطرح التي تتناسب مع الأرض والهدف منها.
وأضاف أنَّ الخطوة الثانية تقوم على الإنتهاء من التعديلات الجارية على قوانين القطاع وأهمها إنهاء تعديلات اللائحة العقارية لهيئة المجتمعات العمرانية وتعديات قانون التمويل العقاري، سيّما أنَّ هذين القانونين سيمثلان فرصة متميزة للسوق العقاري للعمل بنشاط مرة أخرى.
ولفت رئيس مجموعة بدر الدين للاستثمار العقاري إلى أنَّ القوانين المنظمة للاستثمار العقاري تحتاج لإعادة هيكلة، وأصبحت لا تتناسب مع حركة الاستثمار، ومع تنامي دور القطاع الخاص في توفير الوحدات المتنوعة للمواطنين ما بين سكني وإداري وتجاري وطبي وكذلك خطة الدولة التوسعية بالمدن الجديدة.
أرسل تعليقك