"جنائن معلقة" فيلم يتناول آثار الغزو الأميركي على العراقيين مستوحى من أحداث حقيقية

يواصل المخرجون السينمائيون العراقيون الشباب حضورهم الفاعل في المشهد السينمائي العربي والدولي، عبر أساليب إنتاجية متطوّرة وغير تقليدية، بعيدا عن الإجراءات الإدارية والتعقيدات الإنتاجية الروتينية، لاسيما من خلال اعتماد أسلوب الإنتاج المشترك بين شركات الإنتاج العراقية والعربية والأجنبية، الذي وفّر لهم فرصة تحقيق أحلامهم بصبر وأناة، وهو ما حصل مع المخرج أحمد ياسين الدراجي صاحب مشروع الفيلم الروائي الطويل “جنائن معلقة” الذي سيرى النور قريبا بعد خمس سنوات من التحضيرات.وسبق للمخرج السينمائي العراقي أحمد ياسين الدراجي أن خاض تجربة إخراج أفلام قصيرة، قبل أن يخوض أخيرا تجربته الأولى في إخراج فيلم روائي طويل حمل عنوان “جنائن معلقة” الذي اشترك في كتابة السيناريو له مع الكاتبة والمنتجة البريطانية من أصل أميركي ماركريت غلوفر، والمنتج الرئيسي له شركة “عشتار العراق للإنتاج السينمائي” التي تديرها المنتجة السينمائية العراقية هدى الكاظمي.

وعن طبيعة وأشكال ومراحل الدعم التي حصل عليها فيلم “جنائن معلقة” تحدّث الدراجي قائلا “تم اختيار الفيلم للمشاركة في الدورة التاسعة لورشة فاينل كات الذي أطلق من قبل برنامج فينس برودكشن بردج من مهرجان فينيسيا الدولي السينمائي، الذي اختتمت دورته الثامنة والسبعون في الثاني عشر من سبتمبر الحالي، للمشاريع السينمائية قيد الإنتاج من الدول الأفريقية والدول العربية، ليُمنح الفيلم خلال الورشة ثلاثة جوائز، أهمها جائزة ‘لا بينالي دي فينيسيا’ المقدّمة من المهرجان”.
الورشة استغرقت ثلاثة أيام بمشاركة المخرج الدراجي والمنتجة الفلسطينية المشاركة في الفيلم مي عودة خلال فعاليات المهرجان الإيطالي، وهي ورشة مهمة لمنتجي الأفلام في كل من العراق وسوريا وفلسطين والأردن ولبنان، لما تقدّمه من دعم كبير ونوعي للأفلام الفائزة.

بالإضافة إلى مشاركة الفيلم في المهرجان الإيطالي العريق، تم الإعلان مؤخرا عن مشاركته في سوق ومنتدى مهرجان الجونة السينمائي للمشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج، حيث تعدّ هذه المشاركة هي الثانية للمشروع في سوق ومنتدى مهرجان الجونة السينمائي، إذ سبق أن شارك في عام 2018 ضمن المشاريع قيد التطوير.واختير الفيلم أيضا بداية العام الحالي في ورشة فيرست كات التي أقيمت بالتعاون مع مؤسسة الدوحة للأفلام بدورتها لعام 2021، بالإضافة إلى سوق المشاريع الآسيوية التي أقيمت ضمن مهرجان بوسان السينمائي الدولي 2020 في كوريا الجنوبية، وسوق ومنتدى مالمو للسينما العربية 2020 في السويد.

وأكّد الدراجي أنه “على مستوى تطوير النص اختير الفيلم للمشاركة في مختبرات ورشات عمل عدة، منها ورشة الراوي عام 2017 وورشة محترف الشرق الأوسط عام 2017 اللتان أقيمتا ضمن مشاريع التدريب الإقليمي في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في الأردن، بالإضافة إلى برلين تالنت ضمن فعاليات مهرجان برلين السينمائي الدولي في 2017، وكذلك مشاركته في ورشة سينفلينا لاب ضمن مهرجان روتردام السينمائي الدولي في هولندا عام 2018، إلى جانب حصوله على منحة إنتاج من الصندوق العربي للثقافة والفنون ‘آفاق في الأردن’ ومساهمات أجنبية أخرى مثل شركة ترش للإنتاج السينمائي في كندا”.

وتدور قصة فيلم “جنائن معلقة” حول صبي اسمه أسعد يبلغ من العمر أحد عشر عاما، يعمل مع شاب اسمه طه في موقع كبير للطمر الصحي في أحد أحياء بغداد.
وفي أحد الأيام يستيقظ الصبي وصديقه مع أول دعوة إلى الصلاة لشقّ طريقهما إلى الطمر (مكب نفايات)، والذي هو عبارة عن خليط سام من تلال النفايات التي تحشو معدة الأرض، حيث تحتضن المئات من العائلات، ليعثر المراهق أسعد على روبوت دمية أميركية بحجم إنسان ويعرضها على طه كهدية لإشباع رغباته العاطفية، ليهاجمه طه بتهمة خرق الأعراف والقوانين الأخلاقية.

وبالمصادفة يكتشف أمير ذو الثمانية عشر ربيعا الدمية، وعلى الفور يعي إمكانياتها ليجبر أسعد على العمل معه بالشراكة، فتنجح تجارتهما وتدرّ عليهما الكثير من المال، ليدرك بعدها أسعد أنه مستغل.تختطف الدمية بدوافع الغريزة، فيخاطر أسعد بحياته لإنقاذها، متخفيا من عيون وألسنة المجتمع التي تطارد طه وتطالبه بالتصرّف وغسل العار، فيهرب أسعد محاولا حماية الدمية إلى ناقلة الجنود الأميركية المهجورة، ملجأه في “الجنائن المعلقة”، لكن يكون الأوان قد فات ودفنت الدمية مع جميع أحلامه، ليبدأ أسعد رحلة من أجل كبريائه بالبحث عن دميته المخطوفة.
عن فكرة وقصة الفيلم وخطوطه الدرامية، يؤكّد الدراجي أن “فكرة الفيلم ذات أبعاد إنسانية واجتماعية، ربما غير تقليدية، لكنها تعدّ من آثار الغزو الأميركي للعراق، فهو مستوحى من أحداث حقيقية حصلت أيام الصراع الطائفي وتواجد القوات العسكرية الأميركية المحتلة في بغداد”.

جسّد الأدوار الرئيسية في الفيلم كل من الطفلين حسين محمد الذي لعب شخصية أسعد، وأكرم مازن الذي لعب شخصية أمير، فيما جسّد الممثل الشاب وسام ضياء شخصية طه، واختير الممثل الشهير جواد الشكرجي لدور الحجي، والممثل علي فرحان لدور عماد والممثل عطية الدراجي لدور إمام الجامع.وكان من المرجح الاستعانة بسينمائيين غير عراقيين أثناء التحضيرات للفيلم، لكن طاقمه رفض ذلك، حيث يوضّح الدراجي “جاء ذلك استجابة منا لرغبة ملحة من المنتجة الرئيسية للفيلم هدى الكاظمي ومدير التصوير دريد المنجم اللذين حرصا على إنتاج فيلم عراقي بمواهب عراقية محلية أو عراقيين مغتربين بشكل كامل، إيمانا منهما بالإمكانيات العراقية السينمائية، فكانت تجربة أثبتنا خلالها مقدرة العراق على إنتاج فيلم حقيقي قادر على منافسة الأفلام العالمية”.

وواجه الفيلم العديد من الصعوبات والعراقيل التي أجّلت ظهوره إلى النور، وعنها قال المخرج “كتابة وتحضير وتصوير الفيلم استغرقت خمس سنوات، تخلّلتها الكثير من العراقيل، أهمها جائحة كورونا التي تسبّبت في إغلاق المطارات والحظر الشامل في أغلب دول العالم ومنها العراق، فضلا عن الاحتجاجات الشعبية التي عمّت العراق في أواخر سنة 2019، بالإضافة إلى صعوبات لوجستية وتمويلية أدّت إلى إطالة المدة، لينتهي بنا المطاف الآن إلى مرحلة ما بعد الإنتاج، أي مرحلة ما بعد التصوير، والتي يتمّ فيها مونتاج الفيلم وإكمال المتطلبات الأخرى كالموسيقى والبوست برودكشن وغيرها، وبعد الانتهاء من المونتاج سيتمّ توزيعه عالميا على المهرجانات والسينمات ومنصات الأفلام والتلفزيونات”.وقالت منتجة الفيلم هدى الكاظمي إن “إنتاج فيلم ‘جنائن معلقة’ يمرّ حاليا بمراحل الفيلم المتعارف عليها، حيث دخل مؤخرا في مرحلة ما بعد الإنتاج، ويتعذّر إنجازه بصورة سريعة كما نطمح بسبب ضعف التمويل، حيث تم تصوير الفيلم من قبل الدعم المحلي، وعلى المستوى الحكومي يُعتبر هذا الدعم كبيرا مقارنة مع المشاريع السينمائية السابقة، خصوصا المتأتية من وزارة الثقافة العراقية”.

وأضافت “تم دعم المشروع ماديا ضمن منحة الأفلام للإنتاج، إضافة إلى التسهيلات والموافقات اللوجستية التي قدّمتها كل من قناة العراقية ودائرة العلاقات الثقافية الخارجية، وأيضا الحصول على الحماية لفريق العمل أثناء التصوير من قبل وزارة الداخلية وأهالي مدينة الصدر بتأمين المواقع طوال فترة الإنتاج والتحضير، فضلا عن دور وزارة الصحة كذلك”.وأكّد الدراجي أن الفيلم من المتوقّع أن يتم الانتهاء منه مع بداية العام 2022، وذلك بعد إتمام عمليات المونتاج واللون والصوت والموسيقى، حيث ستنجز مرحلة مونتاج الفيلم في مصر بشكل كامل.وهو بصدد التباحث حاليا مع الموسيقار العراقي نصير شمة لتأليف الموسيقى التصويرية للفيلم، قائلا “نأمل إتمام ذلك قريبا، حيث أن الفنان نصير شمة صاحب ذوق موسيقي كبير، وله تجارب متعددة في تأليف الموسيقى التصويرية لعدد كبير من الأفلام والمسرحيات العراقية والعربية، ومن المخطّط له أن نبدأ التوزيع والتسويق في منتصف العام المقبل، بدءا من عروض المهرجانات ذات التصنيف ‘أ’ وغيرها من المهرجانات المرموقة، لنبدأ بعد ذلك في التوزيع المحلي والعالمي للفيلم في القاعات السينمائية”.

 قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

الفرنسية من أصل لبناني أودري ديوان تحصد الأسد الذهبي بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي

جائزتان لفيلم "أميرة "في مهرجان فينيسيا الـ٧٨