لم تكن ابنة مغاغة تتخيل يوما ما أنها ستتربع عرش المونولوج، وتنافس إسماعيل ياسين، ومحمود شكوكو.. قالوا عنها ملكة المونولوج، وآخرون لقبوها بـ"الطفلة المعجزة".. وأصغر مونولوجست في الشرق الأوسط.. لم تستطع نجمات جيلها منافستها في هذا اللون الغنائي.. إنها الفنانة الراحلة ثريا حلمي، التي نحتفي اليوم الخميس بالذكرى الـ 96 لميلادها.
ثريا حلمي - اسمها الحقيقي زكية علي محجوب - ولدت في مغاغة في مثل هذا اليوم من عام 1923، بمحافظة المنيا لعائلة فنية، بدأت رحلتها الفنية مبكرا جدا، حيث كانت شقيقتها المطربة ليلى حلمي، وكانت تذهب إلى المسرح لتؤدي فقرات فنية بين فصول المسرحيات، ومن هنا بدأت ثريا حلمي فن المونولوج، وكانت قد التحقت بفرقة ببا عز الدين وهي في سن ٨ سنوات، وعملت كمطربة وسافرت إلى لبنان، وقدمت وهي طفلة عددا من المونولوجات التي حازت إعجاب الكثيرين، حتى أطلقوا عليها لقب الطفلة المعجزة.
ويكمن سر نجاح ثريا حلمي في فن المونولوج؛ هو أنه كان يحمل دائما قضية اجتماعية، وأشهرها "إدي العيش لخبازه، عيب اعمل معروف، عايز أروح، فتح يا ابني فتح، لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، كنت فين يا علي، النص نص، القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها".
أقرأ أيضا :
تفاصيل قصّة مُشاجرة إسماعيل ياسين في"مُجمَّع التحرير"
استطاعت ثريا حلمي خلال مشوارها الفني أن تقدم قرابة 300 منولوج بأسلوبها الخاص وبأداء راقص ولغة جسد وظفتها لتوصيل الفكرة حتى تشبه الأوبريت أو العرض المسرحي.
وإلى جانب المونولوج مارست ثريا حلمي، فنون أخرى كالتمثيل والرقص والموسيقى وقد استمرت تؤدي فن المونولوج من عام ١٩٤٤ حتى ١٩٦٦.
وعلى الرغم من البدايات المسرحية التي تألقت فيها ثريا حلمي، من خلال "لوكاندة الفردوس، مع خالص تحياتي "إلا أن انتشارها الحقيقي جماهيريا كان من خلال السينما، حيث شاركت في "لو كنت غني، والعريس الخامس، وعريس الهنا، وبائعة الخبز، والسوق السوداء، وليلة حظ، والقرش الأبيض، وليلة الجمعة، مصنع الزوجات، العامل، كازينو اللطافة مع إسماعيل يس، الصيت ولا الغنى، أنا بنت ناس، النفخة الكدابة، أنا وابن عمي، الزهور الفاتنة، كلمة الحق، الستات عفاريت، دموع الفرح، الدنياحلوة، آمنت بالله، الحب بهدلة، بشرة خير، بائعة الخبز، وكان آخر فيلم شاركت فيه "دلال المصرية".
ثنائيات خالدة
من ثنائيات زمن الفن الجميل، ذلك الذي قدمته الفنانة ثريا حلمي والفنان إسماعيل يس، في أكثر من عمل فني جمع بينهما في مجموعة من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما، حتى أنها تعرضت لشائعة هزت الوسط الفني وقتها حينما ترددت أخبار عن قرب زواجها من إسماعيل يس.
قدما معا عدة أفلام منها "إسماعيل يس يقابل ريا وسكينة، حلال عليك، بيت الأشباح، الكيلو 99، الهوا مالوش دوا".
أول مسحراتية
تعتبر الفنانة ثريا حلمي، أول "مسحراتية" في تاريخ الفن المصري، فهي من أمسكت بطبلتها وعصاها لتوقظ كل نائم ينتوي الصيام، تنصحه بالاستغفار وتمنيه بسحور يشبع حرمانه، قبل أن توصيه بعدم طرد محروم يطرق بابه سائلًا العون في أيام رمضان الكريمة.
عندما رأت الفنانة ثريا حلمي أن الجماهير تغيرت ولم يعد فن المونولوج قادرا على الاحتفاظ ببريقه، اعتزلته، خاصة بعدما تزوجت من "أنطوان عيسي" ابن شقيقة الراقصة الشهيرة " بديعة مصابني"، لتكتفي بالتمثيل فقط حتى اعتزلته هو الآخر بعام 1969.
وبدأت الأضواء تنحسر عن ثريا حلمي حتى رحلت عن عالمنا في 9 أغسطس عام 1994، عن عمر يناهز 70 عاما، تاركة إرثا فنيا سيظل خالدا في ذاكرة السينما المصرية.
قد يهمك أيضا :
أحمد آدم يظهر لنا في ثوب جديد مِن خلال فيلم "قرمط بيتمرمط"
أرسل تعليقك