القاهرة - مصر اليوم
تحلّ الإثنين، الذكرى الـ45 لرحيل كوكب الشرق، سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، التي جابت حنجرتها الصداحة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وشكّلت الكلمات التي غنتها وعي شعوب بأسرها، ولم تكن أم كلثوم مغنية "قومية" عادية تنتمي إلى جنسية عربية واحدة، بل أسهم انتشارها، وربما انتشار الإذاعة والتلفزيون، في توسيع رقعة المعجبين والمريدين لها في جميع أنحاء الوطن العربي، حتى باتت الألحان والكلمات والصوت ملتصقة ببعضها البعض، تحمل جميعها بصمة وكاريزما "أم كلثوم" الفنية التي تمكنت من التعبير عن كلمات شعرائها وموسيقى ملحنيها، لتصبغ كل ذلك بصبغة واحدة حملت اسمها الخالد في وعي الأمة العربية.
حافظت أم كلثوم على شخصيتها ولمعانها من خلال امتلاكها الشديد لناصية الصوت، كخامة وإيقاع ونغمات، وكذلك امتلاكها لحرفية "العُرب"/الزخرفة الموسيقية، وإتقانها لها على نحو فريد، وبعد هذا وذاك ذوقها الرفيع في اختيار أماكن تلك الزخرفات في اللحن، والتنويع على ذلك حين تكرار الألحان، بالإضافة إلى التلوين الصوتي بحجم الصوت، وكيفية النطق، وطابور طويل من المحسنات الموسيقية التي وضعتها بحق على عرش الموسيقى العربية التقليدية.
كانت أم كلثوم على علاقة وثيقة بعدد من رجال الدين، خاصة مشاهير القراء للقرآن الكريم، وربما تعود تلك العلاقة بالقرآن والتواصل مع مقرئيه إلى والدها الذي كان إماما ومؤذنا في مسقط رأسها السنبلاوين بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر.
تعلمت فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجي، أو أم كلثوم، أو "ثومة"، كما عرفها العالم العربي فيما بعد، القرآن الكريم في الكتّاب، وصرحت ذات مرة في أحد أحاديثها الإذاعية أن والدها كان يقرأ القرآن الكريم يوميا، ومنه تعلمت التلاوة والتواشيح والابتهالات أيضا، وفي نفس اللقاء الإذاعي أشارت أم كلثوم إلى أهمية حفظ القرآن الكريم بالنسبة للمطربين، فهو يقوي اللغة ويحدد مخارج الألفاظ على النحو الصحيح الواضح، بل ذهب بعض النقاد إلى أن أم كلثوم كانت تعتزم تسجيل القرآن الكريم بصوتها، لولا تصدي الأزهر لها في حينه، إلا أنها تلت بعض الآيات من سورة إبراهيم في فيلم سلامة الذي أنتج عام 1944. كذلك احتفظت كوكب الشرق بعلاقتها مع المشايخ من المقرئين والمبتهلين.
من هؤلاء كان الشيخ مصطفى اسماعيل، الذي كشف في حديث تلفزيوني عن أول لقاء جمعه بالسيدة أم كلثوم، حيث قال: "كنت سهران في رأس التين وقالوا إن أم كلثوم تغني في النزهة، وبعدما انتهيت ذهبنا لنستمع إليها، وأثناء دخولنا الحفل الناس هللت وهتفت باسمي". تابع اسماعيل: "بعد ما خلصت انزعجت وقالت كان فيه إيه فقالوا لها الناس هللت لقدوم الشيخ مصطفى اسماعيل، فطلبت لقائي وبالفعل جلست معها وأخذنا نتحدث وكانت لطيفة جدا".
وكشف حفيد الشيخ سيد النقشبندي، أن جده كان يحب أم كلثوم للغاية، وكان يقلدها وهو شاب، ويغني أغانيها، خاصة رباعيات الخيام، وولد الهدى، وبعد شهرته جاءت أم كلثوم في زيارة لطنطا، وقابلها سيد النقشبندي في غرفة الإمام بمسجد السيد البدوي وزارت المقام وكذلك مقام سيدي عبد المتعال، ودعاها النقشبندي لزيارة أسرته في بيته، حيث يؤكد النقشبندي الحفيد أن أمه كانت تحبها جدا، وتغني أغانيها لأنها كانت تتمتع بصوت جميل، وحينما جاءت أم كلثوم إلى البيت استقبلها أبناء الشيخ وزوجته استقبالا حافلا.
كانت سيدة الغناء العربي على علاقة وطيدة أيضا بالشيخ محمد رفعت، لولا وشاية موظف بالإذاعة تسببت في قطع هذه العلاقة قبل وفاته بفترة قصيرة، حيث زعم الموظف أن الشيخ رفعت طلب أن يحصل على ثلاثة أضعاف أجر أم كلثوم وإلا انقطع عن التلاوة، فصدقت أم كلثوم الوشاية، وقطعت صلتها على الفور بالشيخ، وفور علمها بكذب تلك الرواية، قررت الذهاب إلى منزل الشيخ لتعتذر، إلا أنها فوجئت بوفاته.
قد يهمك أيضا :
"أم كلثوم" تتألق بأروع أغانيها على خشبة دبي أوبرا بتقنية الهولوغرامم
8 رجال في حياة كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم في ذِكرى ميلادها
أرسل تعليقك