توقيت القاهرة المحلي 16:43:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باتت متوفرة على شاشة شخصية طيلة الوقت

أفلام العالم في زمن منصة "نتفليكس" متعة الناقد ومحنة الرقيب

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - أفلام العالم في زمن منصة نتفليكس متعة الناقد ومحنة الرقيب

شبكة نتفليكس العالمية
القاهرة - مصر اليوم

الذاكرة السينمائية طازجة ومؤهلة لتعاين طرق السرد وتقارن عمل الكاميرا وتستنتج الدلالات لأن جل أفلام العالم القديمة والجديدة باتت متوفرة على شاشة شخصية طيلة الوقت، وتمكن من المشاهدة والانتقاء وإعادة المشاهدة. والنتيجة أنه في زمن "نتفليكس" لم يعد هناك مبرر لبطالة الناقد المنتج. لقد صار بإمكانه معاودة المشاهدة لتسجيل ملاحظات عميقة تتجاوز سطحية الخواطر والانطباعات. لن يشعر الناقد بالخواء لأن هناك بدائل فنية، وسيكون بإمكانه أيضا ضبط المخرجين الذين يسرقون المشاهد من أفلام الغير لأن وفرة الأفلام تسمح باكتشاف التلاص بسهولة.

يوجد فرق كبير بين مشاهدة أفلام مخرج كبير في أوقات متباعدة تمتد سنوات وبين مشاهدتها كلها في أيام. وهكذا بدل أن تتقادم المشاهدة فتضعف الذاكرة تتاح الفرصة للتحديق في الأفلام عن قرب زمني. حينها يمكن الوقوف على أوجه التشابه في الموضوع والأسلوب. ذلك التشابه الذي يعتبر خيطا ناظما يحوّل عمل المخرج من شذرات فيلمية إلى عمل متكامل يحمل بصمة فنية تميزه عن الغير. مثلا كان الغراب محنطا في فيلم هتشكوك "بسيكو" 1960 قبل أن تهيمن الغربان على فيلم "العصافير" 1963.

ومن مزايا "نتفليكس" نهاية بطالة النقاد زمن الحجر، إذ كثرت في وسائل الإعلام العالمية المقالات التي تتناول الأفلام والمسلسلات المعروضة على "نتفليكس". وغالبا ما يبدأ المقال بذكر اسم المنصة ومعه ملاحظة "حسب الطلب".

ما يقلقني أنه لا أثر لهذا التحول في صفحات الجرائد المغربية.

شخصيا، أعتبر مشاهدة فيلم جديد على شاشة حاسوب أمرا مضرا بالفرجة والكتابة النقدية. لكن بعد توقف المهرجانات وإغلاق القاعات السينمائية اشتركت في "نتفليكس".. وقد قضيت أشهر الحجر في السيارة رفقة حاسوب فيه بطارية تضمن لي استقلالية طاقية سبع ساعات متصلة.كانت تلك أول مرة أكتب مقالا عن فيلم يعرض على "نتفليكس"، المنصة التي تقدم مادة فيلمية فيها صبيب معارف ومعلومات مذهل. وفيها سرد بإيقاع سريع، في نصف ساعة يصل البطل نقطة اللاعودة. مع إيقاع مثل هذا لن يستطيع المتفرج توقيف الفيلم ليطل على "لايكات" مواقع التواصل الاجتماعي.

على الشاشة أفلام دسمة بنيت على سيناريوهات ذات منسوب تواصلي عال، شديد.. مشاهد غير قابلة للتلخيص بفضل غنى التفاصيل. في كل المشاهد جواب واضح عن الأسئلة الخمسة: من الفاعل؟ أين يفعل؟ متى يفعل؟ كيف يفعل؟ والمهم لماذا؟ وما ينقص في الصورة تكمله الحوارات الغنية والمؤثرات الصوتية.. وكل هذا يعمق إحساس المتفرج بواقعية ما يشاهده.لقد أدى الوباء إلى تسريع رقمنة العالم. ارتفع عدد مشتركي "نتفليكس" في الأشهر الثلاثة الأولى من 2020 من 167 إلى 183 مليونا. زاد عد المنخرطين بـ 15,8 مليون دفعة واحدة، ثم وصلوا حوالي 200 مليون مشترك في بداية غشت 2020، وهم يدفعون ملياري دولار شهريا. لم يسبق للفن أن حصّل مثل هذه المبالغ.

ستؤثر الرقمنة على المجتمعات في مجالات متعددة كالتسوق والعمل عن بعد. وهذا سيوفر للأفراد المزيد من وقت الفراغ الذي سيستهلكونه في المشاهدة، والمزيد من المشاهدة المؤثرة، وستكون لهذا سوابق ولواحق.جرت العينة الأولى للسوابق في صيف 2019 حين عرضت "نتفليكس" المسلسل الأردني "جن". وحسب وسائل الإعلام، "أثار سخط الكثيرين، لاحتوائه على مشاهد جنسية وألفاظ إباحية، بعد أن لاقى إعلانه إقبالا كبيرا" لأن "نتفليكس" اختارت بطولة شبان قبل العشرين وهم الفئة الأكثر تعرضا للقمع العاطفي في العالم العربي، وقد سمت وصلتها الدعائية للمسلسل "مقدمة تشويقية عالمية".

تعرض مسلسل "جن" لانتقادات شعبية وبرلمانية، لكن لم يكن بإمكان المفتي ووزير الداخلية أن يمنعاه لأن صبيب الصور يأتي من بعيد.

هكذا تتم عولمة المشاهدة على منصة رقمية عابرة للحواجز بدلا من تلفزة حكومية أو قاعة سينما في العاصمة تصل إليها يد الرقيب. سبق لمتظاهرين أن هاجموا مقر قنوات. لكن الآن لا يمكن للمتظاهرين الملتزمين بالأخلاق المحلية مهاجمة مقر "نتفليكس" لأنها محطة افتراضية. "نتفليكس" منفلتة من أي رقابة، مثلها مثل الأوبئة، هي فقط تسلي ولا تقتل. شكرا للعولمة. ثم إذا كانت الأخلاق المحلية صلبة وقوية وغير خربة، لماذا الخوف عليها؟في المنصة الجديدة للبث يجري اللعب في مجال لا يملك المفتي المحلي أي سلطة عليه. شكرا للعولمة. وفي هذا الباب كتب المخرج المصري يسري نصر الله بسعادة على صفحته على "الفايس بوك": "أفلامي على نتفليكس بعيداً عن مقص الرقيب".

ما مشكلة الرقيب؟

إنه حريص على الحياء. ما هو شكل الحياء؟ أملس لذا يُخدش بسهولة.في 1964 صرحت فاتن حمامة وكانت في مهرجان كان "لم يكن محببا لامرأة العمل في التمثيل في الشرق الأوسط". مرّ نصف قرن على هذا الكلام وما زال الوضع على ما كان عليه. في 2020 يرفض ممثلون محليون أداء مشاهد ساخنة "احتراما لجمهورهم".هكذا يستجيب الفنانون لدعشنة الخيال بفصله عن الواقع. لكن هل يعرف الممثلون المحتشمون جمهورهم؟ هل يميزون بين الوقائع والخطابات المثالية؟

يحب المتفرج الشرق أوسطي والشمال أفريقي مشاهد الحب شرط أن تكون فيها ممثلة أو راقصة "غير وطنية". واضح أن الرقيب منشغل بالنساء أساسا، بينما للرجال كامل الحرية. حسابيا، تحقق مشاهد الجنس متابعة عالية في المغرب مثل فيلم "365 يوما"، الذي بقي ضمن الأعلى مشاهدة طيلة زمن الحجر. وحاليا تمنع الحكومة الجزائرية فيلم "بابيشا" 2019 لمنية لمدور وستعرضه "نتفليكس" ذات يوم. في هذا الوضع ما جدوى المنع الحكومي؟ سيكون على الأرجح مفيدا للتعريف بالفيلم ومربحا لمنتجيه.شكرا للحكومات التي تمنع ولـ"نتفليكس" التي تعرض أفلاما مثل الفيلم المغربي "روك القصبة" 2013 لليلى المراكشي.

مع الزمن سيزداد المحتوى العربي على منصة "نتفليكس"، وسينتشر عندما ستكتب سيناريوهات متحررة من القبيلة والطائفة والقيم التقليدية المهترئة، وتكون السيناريوهات مشوقة، أي فيها أحداث متوالية ولقطات قصيرة تقدم معلومة في كل أربع ثوان. أما تصوير جلسة شاي في خمس دقائق وحوارات غير درامية نصفها جمل إنشائية ودعاء صالح، فهذا حوار ممل لن يجد من يشتريه. المطلوب جرأة وواقعية.تحول الفن في العصر الحديث من سرد الحياة المثالية إلى التعبير عن التجربة المعيشة التي تعرّف المتفرجين بتعقيد واقعهم. يرفض الرقيب والواعظ هذا التحول. يريدان من الفن أن يظل محافظا يقدم الحياة المثالية الدينية النقية كما ينبغي أن تكون بعد تخليص الإنسان من غرائزه وعواطفه وتصويره كملاك قدوة.

تُحرر عولمة المشاهدة الإبداع من سلطة القبيلة والمفتي، وقد أثبت الوباء أن المجتمعات الأكثر طائفية وقبلية هي الأكثر تضررا، وستحرر العولمة الفنية المخرج والمنتج من التبعية المالية لحكومة بلده، ومن التبعية الأخلاقية لمفتي بلده. وستحرره من ضرورة البث في قناة بلده. عولمة المشاهدة هي أيضا عولمة قيم. هكذا ستحرر "نتفليكس" المشاهدة والإبداع.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

"نتفليكس" تُضيف واحدة من أكثر اللغات استخدامًا في العالم

تقرير يرصد إمكانية انتصار "نتفليكس" على شركات هوليوود

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفلام العالم في زمن منصة نتفليكس متعة الناقد ومحنة الرقيب أفلام العالم في زمن منصة نتفليكس متعة الناقد ومحنة الرقيب



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon