ألاف من سيارات التبرع بالدم، تنتشر في الكثير من الشوارع والميادين، على مستوى أنحاء جمهورية مصر العربية، يقبل عليها البعض للتبرع بالدم وإنقاذ حياة المرضى في حين يتخوف البعض الأخر.
وحاولت "مصر اليوم"، معرفة ما إذا كان يتوافق التبرع بالدم عبر هذه السيارات مع المعايير الصحية؟، وهل تراعى هذه السيارات المحاذير الصحية والإجراءات الوقائية السليمة المتبعة؟، وكيف تراقب وزارة الصحة هذه السيارات للتأكد من تطبيق المعايير الصحية بها؟، وما هي أسباب المخاوف التي تنتاب بعض المواطنين للإقبال على عملية التبرع بالدم، خاصة بعد تدشين حملة كبيرة لتكثيف الحملات الإعلامية لتشجيع المواطنين على التبرع بالدم.
وحذّر نقيب صيادلة مصر الدكتور محي عبيد، في تصريحاته لـ"مصر اليوم"، من أن يتم التبرع عبر هذه السيارات، على الأرصفة، لأن هذا يؤدي إلى خروج الدماء في جو ملوث ملىء بالبكتريا والفيروسات، مؤكدا أن الظروف المحيطة في عملية التبرع تعتبر تهيئة حقيقية لنقل كل أشكال الأمراض وأنواعها، مما يشكل خطر على صحة المتبرع وسلامته وصحته، مشددا على ضرورة أن ينام المتبرع على سرير مهيئ صحيًا داخل سيارة التبرع وفي جو نظيف، وتابع: "لابد من أخذ الاحتياطات أثناء التعامل مع الدماء بشكل عام، سواء عند التبرع بالدماء، أو أخذ عينة من مريض، فلابد من توخى الحذر".
وكشف المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان في مصر الدكتور خالد مجاهد، عن أن وجود بعض الاحتياطات الوقائية اللازمة التي يجب اتباعها عند التبرع بالدم، وهي: "لابد من التأكد من أن الحقنة لم يتم استخدامها بعد، وأنها معقمة تماما، وأن تتواجد في غلاف محكم الغلق، ولابد من أخذ العينة في جو معقم وجيد التهوية ونظيف ويلتزم بأبسط مبادئ النظافة والبعد عن الملوثات، ولابد من تنظيف وتطهير منطقة سحب العينة من الجسم، وذلك باستخدام أي مطهر طبي كالكحول لتجنب نقل المرض والعدوى"، منوّهًا إلى أنه عند دخول الحقنة لابد أن تكون بزاوية مائلة لضمان دخولها والوضع المائل لعدم تكسير كرات الدم الحمراء، مع ضرورة التحقق من رؤية الوريد وإزالة أيه أربطة من على الأوردة أثناء وبعد سحب العينة لتفادي الجلطات، مع إرتداء القفاز لتفادي تناقل المرض للفريق الطبي أو للممرضين .
وأوضحت مديرة المركز القومي لخدمات نقل الدم الدكتورة عفاف أحمد، أن خدمات نقل الدم القومية تمتلك عدد ٤٢ سيارة لجمع الدم موزعة على المراكز الإقليمية التابعة لخدمات نقل الدم القومية على مستوى محافظات مصر، والتي تقوم بجمع الدم عن طريق المتبرع، وذلك بانتشار تلك السيارات في الميادين العامة وأماكن التجمعات على مستوى الجمهورية؛ بالإضافة إلى الحملات المنضمَّة التي تقوم بها مراكز خدمات نقل الدم القومية بالتنسيق مع الهيئات العامة والوزارات والمصالح الحكومية الكبرى ومحطات المترو، مؤكّدة أن الحملات المنضمَّة للمركز القومي"، بلغت خلال أحد الأشهر ٨١ حملة وتم تجميع عدد ٣٠٦٦ وحدة دم خلالها، مشيرة إلى أن خدمات نقل الدم القومية تقوم بتغطية احتياجات بنوك الدم التخزينية في المستشفيات الحكومية على مستوى المحافظات، حيث يقوم كل مركز إقليمي بتغطية احتياجات بنوك الدم التابعة له عن طريق إرسال طلبيات أسبوعياً بالاحتياجات بناءً على الطلبات التي تقوم المستشفى بإرسالها إلى المركز الإقليمي لاحتياجاتها خلال تلك الفترة والتي تُستخدم بدورها في عمليات العلاج على نفقة الدولة و التأمين الصحي والحوادث.
وحول سؤال "مصر اليوم"، عن الوضع بالنسبة لبنوك دم المستشفيات الجامعية، أكدت الدكتور عفاف أحمد، أنها تضطر إلى اللجوء إلى جمع الدم عن طريق أقارب المريض وذلك لقلة الأعداد المتوافرة بها من المتبرعين الطوعيين بالإضافة لعدم وجود سيارات كافية لجمع الدم خاصة بها، وكذلك لقيام المستشفيات بإجراء العديد من العمليات الجراحية والتي تحتاج إلى نقل كميات كبيرة من الدم، قائلا: "المصدر الأساسي للدم هو الانسان ولا يمكن تصنيعه ولا يوجد بديل علاجي أخر ، كما أن المواطنين لا يقومون بالتبرع الا في أوقات الحاجة ".
وكشفت مديرة المركز القومي لخدمات نقل الدم، عن تدشين حملة كبيرة لتكثيف الحملات الإعلامية لتشجيع المواطنين على التبرع بالدم، وتوعية المواطنين بأهمية التبرع بالدم وتنمية ثقافة التبرع المنتظم والاستفادة الصحية التي تعود على المتبرع بعد عملية التبرع .
وقالت رئيسة الجمعية المصرية لخدمات الدم الدكتورة فاتن مفتاح، إنه يوميا يوجد العديد من المرضى والمصابين المحتاجين للدم ومشتقاته .
وأكدت الدكتورة فاتن مفتاح، في تصريحات لـ"مصر اليوم"، أنه يجب تحفيز المواطنين بضرورة التبرع بالدم، مؤكدة أنه عند التبرع يتم عمل تحاليل مجانية للمتبرع حتى يطمئن على صحته ويصل دمه ومشتقاته إلى المريض بشكل آمن٬ مطالبة بضرورة غرس ثقافة التبرع بالدم، مشيرة الى أن منافذ بنوك الدم منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى انتشار سيارات وازرة الصحة التي تجوب الميادين والمدارس والجامعات والنوادي والشركات والمصانع، من أجل التحفيز على عملية التبرع بالدم وأهميته بالنسبة للمتبرع٬ كاشفة عن أن عملية التبرع بالدم تؤدي إلى تنشيط النخاع المصنع داخل جسم الانسان لخلايا الدم .
وعن مخاوف المواطنين من عملية التبرع بالدم، تؤكد الدكتورة فاتن مفتاح، أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة، وأن عدد مرات التبرع الممكنة تتراوح بين 3 إلى 4 مرات في السنة، قائلة: "للأسف تنتشر بعض المخاوف بين المواطنين ليس لها أي أساس من الصحة٬ ونؤكد أن الأدوات لا تستخدم إلا مرة واحدة مثل حقن أو أكياس الدم التي تفتح أمام أعين المتبرع وتكون معقمة بشكل آمن جدا"، منوّهة إلى أنه لا يوجد أي تخوف من نقل العدوى من شخص إلى أخر، قائلة: "7% من المصريين فصيلة دمهم سالب اتش آر مما يشكل خطورة ومشكلة كبيرة عند نقص هذه الفصائل ولكن نسبة التبرع اقل بكثير من المطلوب او الاحتياج لذلك يجب رفع مستوى ثقافة المواطنين لأهمية وضرورة التبرع بالدم كشرط أساسي في الحياة".
وكشف رئيس هيئة الإسعاف الدكتور أحمد الأنصاري، عن الأزمة التي تواجهها مصر في نقص الدم ومشتقاته، بسبب عدم الإقبال على التبرع وقلة وعي المجتمع بالتبرع بالدم، مؤكدا أنها مشكلة عالمية وليست مقتصرة فقط داخل مصر، وعن أسباب هذه المخاوف، يقول الدكتور الأنصاري: "يرجع بعضها لعدم ثقة البعض في التجهيزات أو الاعتقاد بأن الخدمة الطبية لن تذهب لمحتاجيها٬ أو التخوف من التبرع سيصيب المتبرع بالضعف٬ وجميعها معتقدات غير صحيحة"، مطالبا بضرورة أن تكون هناك توعية إعلامية بأهمية التبرع بالدم وشرح كيفية الإجراءات الصحية التي تتم خلال عملية التبرع.
واختتم الدكتور أحمد الأنصاري تصريحاته لـ"مصر اليوم"، قائلا: "المتبرع بالدم يستطيع إنقاذ مريض أو مصاب في حادث٬ ولابد من تنظيم حملة قومية للنهوض بثقافة التبرع بالدم كجزء من تنمية المجتمع".
أرسل تعليقك