فى حين تجمع إحصاءات وتقارير علمية عديدة على أن التدخين أحد أكبر التهديدات للصحة العامة فى العالم، حيث يقتل نحو 8 ملايين شخص سنوياً فى جميع أنحاء العالم سواء من خلال التدخين الإيجابى أو من خلال التدخين السلبى عند مخالطة غير المدخنين للمدخنين، كما أنه يعتبر السبب الرئيسى للإعاقة البدنية والوفاة المبكرة اللتين يمكن منعهما والوقاية منهما قبل حدوثهما، توصلت دراسة حديثة بالمركز القومى للبحوث لنهج جديد غير دوائى يزيد من نسب النجاح فى الإقلاع عن التدخين.
أستاذ أمراض صدر بـ«القومى للبحوث»: الطريقة الجديدة لمحاربة «السجائر» تعتمد على «جلسات مشورة» و«جهاز استنشاق» و«وجبة سريعة التحضير»
هذا ما تؤكده د. أسماء محمود، أستاذ مساعد الصحة العامة والطب البيئى وبحوث أمراض الصدر والتدخين بقسم الطب البيئى والمهنى بالمركز القومى للبحوث، التى توصلت لهذه الطريقة الجديدة وسجلتها باسمها بمكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمى قبل نشرها فى المجلات العلمية العالمية.
تشرح الدكتورة أسماء أولاً مخاطر التدخين باعتباره أحد أكبر التهديدات للصحة العامة فى العالم، مشيرة إلى أنه يقتل أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً فى جميع أنحاء العالم سواء من خلال التدخين الإيجابى أو من خلال التدخين السلبى عند مخالطة غير المدخنين للمدخنين، وقد أثبتت دراسات أن المدخنين لديهم فرصة للإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية من 2 إلى 4 مرات، وفرصة للإصابة بأمراض الشرايين الطرفية 10 مرات مقارنة بغير المدخنين.
وحسبما تستطرد د. أسماء محمود، فإن التدخين يعتبر السبب الرئيسى للإعاقة البدنية والوفاة المبكرة اللتين يمكن منعهما والوقاية منهما قبل حدوثهما، حيث إنه يؤثر على كل عضو من أعضاء الجسم، ونجد أنه فى مقابل كل شخص يموت بسبب التدخين هناك 30 شخصاً على الأقل يعيشون بمرض مزمن ناتج عن التدخين، مثل ضيق الشريان التاجى وما يتبعه من قصور فى تغذية عضلة القلب وتغذية أعضاء الجسم المختلفة بما فى ذلك المخ والجهاز العصبى.
وبالإضافة لما سبق، تأتى، بحسب «أسماء»، أمراض الجهاز التنفسى مثل مرض السدة الرئوية المزمنة والضيق المزمن للشعب الهوائية الذى يعيق عملية التنفس لدى المدخنين وقد يمنعهم من ممارسة أنشطتهم اليومية بصورة طبيعية. وقد أوصت جمعية القلب الأمريكية (AHA) وجمعية السكتة الدماغية الأمريكية (ASA) بشدة بالإقلاع عن التدخين لتجنب السكتة الدماغية ونزيف الدماغ.
والتدخين أيضاً هو المسبب الأول لسرطان الرئة، كما أنه يُعد سبباً رئيسياً لأكثر من 20 نوعاً من السرطانات المختلفة. وهناك مليون و300 ألف حالة وفاة سنوياً تسجل على مستوى العالم بسبب التعرض للتدخين السلبى نتيجة مخالطتهم لشخص مدخن سواء فى أماكن العمل أو فى المنازل أو فى الأماكن العامة.
وفيما يتعلق بمصر تحديداً توضح أستاذ مساعد الصحة العامة والطب البيئى وبحوث أمراض الصدر والتدخين بقسم الطب البيئى والمهنى بالمركز القومى للبحوث، أنه وفقاً لأحدث دراسة استقصائية، يقدر معدل انتشار التدخين فيها بين الذكور بنسبة 34٪ و0.3٪ بين الإناث.
وتشير الدكتورة أسماء محمود إلى أنه على الرغم من أن بعض المدخنين قد يحاول أن يقلع عن التدخين دون أى دعم وينجح، فإن الغالبية العظمى منهم تبوء محاولاتهم بالفشل خلال الأيام الأولى من المحاولة وربما خلال الساعات الأولى. وربما يرجع ذلك إلى حدوث ما يعرف بالأعراض الانسحابية للنيكوتين والتى قد تجبر المدخن على العودة إلى التدخين على الرغم من اقتناعه التام بخطورته على صحته وصحة مخالطيه.
وقد أظهرت الدراسات المبنية على دليل علمى أن هناك ثلاث طرق معتمدة للمساعدة فى الإقلاع عن التدخين وهى التدخلات السلوكية مثل المشورة والمشورة الموجزة، والعلاج ببدائل النيكوتين (NRT)، بالإضافة إلى بعض العلاجات الدوائية. وقد يضاعف استخدام هذه الطرق من معدلات النجاح فى الإقلاع عن التدخين ولكن قد لا يخلو الأمر من حدوث بعض الأعراض الجانبية غير المرغوبة بالنسبة للمدخن أثناء فترة العلاج، ما قد يدفعه إلى أن يتوقف عن العلاج تماماً ويعود للتدخين مرة أخرى.
وتضيف: كانت هناك ضرورة ملحة لإيجاد طُرق بديلة تكون آمنة وفعالة للمساعدة فى الإقلاع عن التدخين، وقد قمت بابتكار طريقة أو نهج جديد غير دوائى يساعد فى الإقلاع عن التدخين أطلقت عليه اسم نهج كول COL Approach أو Asmaa Approach، وقد تم تسجيلها باسمى بمكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمى قبل نشرها فى المجلات العلمية العالمية.
ويعتمد هذا النهج، بحسب د. أسماء، على استخدام علاج ثلاثى يتكون من عناصر طبيعية وغير دوائية، وكان أحد هذه العناصر هو استخدام جلسات المشورة المتكررة طبقاً لبرنامج محدد، بالإضافة إلى استخدام وجبة غذائية مبتكرة سريعة التحضير وجهاز استنشاق مبتكر. وقد تم اختبار فاعلية هذا النهج على عدد مناسب من المدخنين فى دراسة تدخلية من خلال أحد مشروعاتها البحثية الممولة من المركز القومى للبحوث والذى استمر لمدة ثلاث سنوات.
وأكدت الدكتورة أسماء محمود أن استخدام هذا النهج المبتكر كان فعالاً فى زيادة معدل الامتناع المستمر عن التدخين لتتراوح نسبة الشفاء بين 60٪ بعد 4 أسابيع من المتابعة و48٪ بعد 12 أسبوعاً من المتابعة مقارنة بـ16٪ فقط فى المجموعة العلاجية التى استخدمت جلسات المشورة فقط، وكذلك نجح هذا النهج المبتكر فى تقليل معدلات الرغبة فى التدخين، كما نجح أيضاً فى تقليل أعراض انسحاب النيكوتين مثل الشعور بعدم التركيز والصداع والعصبية الزائدة والتوتر، وبذلك فقد تقل فرصتهم فى الانتكاس لاحقاً. وقد أوصت الدكتورة أسماء محمود فى هذه الدراسة بالمتابعة المتكررة أثناء وبعد فترة العلاج وذلك لمنع الانتكاس.
ولفتت إلى أنه يمكن أن يكون إدراج هذا النهج الجديد خياراً علاجياً بديلاً أو مكملاً فى عيادات الإقلاع عن التدخين وفى المراكز الصحية المتخصصة ضمن استراتيجية شاملة لمكافحة التبغ فى مجتمعاتنا.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
التدخين يضر بالجهاز المناعي لسنوات
السجائر الإلكترونية يمكن أن تؤدي إلى بالسرطان
أرسل تعليقك