اثنان لا ثالث لهما يفتكان بأبناء الساحل الغربي، هما ميليشيات الحوثي الانقلابية، وانتشار مرض حمى الضنك، الذي تسببت في انتشاره بشكل رئيسي ميليشيات الانقلاب، هذا ما تحدث به مواطن من أبناء مدينة الحديدة الساحلية لـ«الشرق الأوسط».
يأتي هذا في الوقت الذي يواصل وباء حمى الضنك حصد حياة المواطنين في محافظتي تعز والحديدة، مع ارتفاع نسبة الوفيات في عدد من المديريات بمحافظة الحديدة، أشدها مديرية الجراحي وزبيد، وعدد من المناطق بمحافظة تعز، المحاصرة من قبل ميليشيات الانقلاب منذ خمس سنوات، بما فيها منطقة النجيبة التابعة لعزلة الجعة شمال شرقي المخأ، غرب تعز.
ووصف وكيل وزارة الصحة اليمني عبد الرقيب الحيدري، الوضع الصحي في اليمن، بـ«الحالة التي يرثى لها»، قائلاً: «الوضع الصحي في مناطق سيطرة الانقلابيين في النزع الأخير، فمعظم المستشفيات الحكومية تم تسخيرها لمعالجة جرحاهم القادمين إليها من جبهات القتال؛ حيث يوجد في كل مستشفى مندوب للجرحى له الصلاحية المطلقة بإعفاء جميع الجرحى من الرسوم، وإعطائهم أولوية الخدمات التشخيصية والعلاجية، فلا يوجد بعد ختم مندوب الجرحى جدال، فهو الآمر الناهي، وهو من يلزم الكادر من الأطباء والفنيين بالعمل وتوجيههم، ومن يعترض يعتبرونه خارجاً عن الملة، ويعمل ضد الوطن، فهم على الحق وما عاداهم على باطل».
أقرأ أيضًا:
النظام الغذائي الرديء لكبار السن يُصيبهم بالهشاشة والوهن
وأضاف: «أما المستشفيات الخاصة، فقد وضعت الميليشيات في كل مستشفى مندوباً لها، فبعض المستشفيات نصبت لها إدارة خاصة تسيّر المستشفيات، حسب رغبتها، والبعض الآخر تمارس الجباية والإتاوات لهذه الجماعة».
وبيّن أن الخدمات التي تقدم للمرضى بالمستشفيات تدهورت بشكل كبير، خصوصاً للفقراء من المرضى الذين لا يستطيعون العلاج في المستشفيات الخاصة، فما على المريض الفقير إلا الانتظار حتى الانتهاء من علاج «قناديلهم» (أتباع الحوثي من السلالة)، حتى التغذية التي تقدم لهم غير التي تقدم لبقية المرضى.
وذهب الوكيل إلى أن إيقاف الانقلابيين لمخصصات المستشفيات جاء تعمداً لإهمال الجانب الصحي، كي تنتشر الأمراض والأوبئة، فهو يرى أن الجائحات تمكنهم من الضغط على المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني بضخ المزيد من الأموال، بحجة القضاء على الأوبئة في ظاهر الأمر، بينما الميليشيات تستخدم تلك الأموال للمجهود الحربي فهم لا يهتمون بصحة المرضى، بقدر ما يهم الحصول على الأموال.
وأكد أن الأرقام التي توردها المنظمات الدولية تستقيها من الميليشيات الحوثية، التي تبالغ في الأعداد، حيث إن الميليشيات هم من يدخلون تلك البيانات، وهم من لهم حق التعديل بالزيادة أو النقص بالأعداد؛ حيث إن كلمة المرور لديهم، وما على تلك المنظمات إلا التصريح بتلك الأعداد.
وأوضح الحيدري أن «حمى الضنك» مستوطِنة منذ اكتشاف أول حالة باليمن في عام 1994؛ حيث انتشرت بالمحافظات الساحلية، وجاء انتشارها في الفترة الأخيرة، نتيجة عدم مكافحة البعوض وتكثيف الرش بالمبيدات للقضاء على البعوض الناقل، وأيضاً بسبب ضعف حملات التوعية بمخاطر «حمى الضنك»، وطرق الوقاية منها بين السكان، وعدم وجود أجهزة تشخيصية دقيقة لتأكيد حالات «الضنك» من الحالات الأخرى متشابهة الأعراض، وعدم الاهتمام بالكادر الطبي والفني بعمل دورات تدريبية داخلية وخارجية لكيفية تطبيب حالات «الضنك»، بالإضافة إلى قلة الموارد المتاحة لمكافحة المرض، والقصور الكبير في نظام ترصد الأمراض، والإبلاغ عن الحالات المصابة.
واستجابة لنداءات الاستغاثة في الساحل الغربي، استجابت الإمارات للنداء من خلال رفع وتيرة دعمها للقطاع الصحي في الساحل الغربي، بالتزامن مع إصدار السلطة المحلية في تعز توجيهات عاجلة بإنشاء غرفة عمليات لمتابعة وعلاج الحالات المصابة، والقيام بمواجهة هذا الوباء، ومحاصرته، والقضاء عليه.
وكشف المنتدى الوطني للطفولة والشباب (NFCY) عن انتشار الأمراض والأوبئة التي تفتك بأبناء محافظة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، في المناطق التي تخضع لسيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية.
وقال، في بيان له حول الأوبئة والأمراض، إن «الأوبئة والأمراض ومنها حمى الضنك والملاريا تفتك بأرواح المدنيين في المديريات التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية بمحافظة الحديدة غرب اليمن»، وأن «حمى الضنك والملاريا تهدد أبناء محافظة الحديدة بدرجة أولى، وبالذات في مديريتي الجراحي وزبيد اللتين تقعان تحت وطأة سيطرة الميليشيات الحوثية منذ عام 2014، بالإضافة إلى مديريات أخرى».
وأضاف البيان أن «محافظة تعز، تأتي في الدرجة الثانية من حيث انتشار هذه الأوبئة فيها، ويتوقع توسعها لمحافظات أخرى»، مشيراً إلى أن «الإحصائيات، بحسب مركز الترصد الوبائي وجهات أخرى، تشير إلى أن عدد الوفيات خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من الشهر الحالي، من هذا العام، أكثر من 45 حالة وفاة من 8000 ألف حالة إصابة بالملاريا وحمى الضنك، معظمهم من الأطفال في مديرية الجراحي فقط التابعة لمحافظة الحديدة».
وذكر أن «الوباء ما زال يفتك بالعشرات من أبناء مديريتي الجراحي وزبيد بالحديدة، وتزداد المعاناة بشكل أكبر جراء تفشي الأمراض والأوبئة، خصوصاً (حمى الضنك) و(الملاريا)، التي حصدت أرواح الكثير من المواطنين بالذات الأطفال في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية شرق محافظة الحديدة».
واستنكر المنتدى ما «تشهده تلك المناطق من أوضاع كارثية بالنسبة للطفولة في اليمن، وتفشي الأوبئة والأمراض، بسبب تعمد الميليشيات الحوثية عدم مكافحة هذه الأمراض والأوبئة بمناطق سيطرتها»، معتبرة، في بيانها، أن «هذا من ضمن أساليبها المعروفة في ترويع المواطنين وإذلالهم، وانشغال قيادتها بأمور الحرب التي تضر بمصلحة المواطنين بالدرجة الأولى، حيث سجلت وزارة الصحة اليمنية إصابة 203 آلاف و297 طفلاً بمرض الملاريا؛ احتلت محافظة الحديدة المرتبة الأولى، تليها محافظتا حجة وتعز، وجميعها مناطق تقبع تحت سيطرة ميليشيات الحوثي الموالية لإيران».
وقال البيان إنه «حسب تقرير الأمم المتحدة، الذي أصدرته في سبتمبر (أيلول) 2018، يُتوفى طفل كل 10 دقائق بسبب سوء التغذية أو أمراض أخرى نتيجة ظروف الحرب التي شنتها الميليشيات الحوثية على المحافظات اليمنية منذ انقلابها قبل أربعة أعوام».
كان قائد الحراك التهامي والمقاومة التهامية، الشيخ عبد الرحمن حجري، وجه، نهاية الأسبوع المنصرم، نداءً عاجلاً لكل المنظمات الإنسانية والطبية والدولية، لمواجهة وباء حمى الضنك، الذي يجتاح مديريات محافظة الحديدة الواقعة تحت سلطة ميليشيات الحوثي الانقلابية.
وقال، في ندائه الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الوضع الوبائي الكارثي لمرض حمى الضنك بمديرية الجراحي ينذر بالكارثة، خصوصاً مع تزايد الحالات، واتساع رقعة الوباء في باقي المديريات بالمحافظة، وأن العشرات من أبناء تهامة يموتون بسبب (حمى الضنك)، وعدم قدرتهم على شراء الأدوية، بعد أن نهبت ميليشيات الحوثي الانقلابية أموالهم وصادرت ممتلكاتهم، لتمويل حروبها العبثية ضد الشعب اليمني»، مشيراً في حينها إلى «وفاة أكثر من 53 مواطناً تهامياً بـ(حمى الضنك)، معظمهم من الأطفال في مديرية الجراحي خلال ثلاثة أسابيع».
ودعا حجري «المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي إلى سرعة إنقاذ أبناء تهامة المحاصرين بسلاح الفقر والمرض والفوضى، ويعانون من نقص الخدمات في المناطق التي ما زالت تحت سلطة الكهنوت الحوثي».
من ناحيته، قال وكيل أول محافظة تعز الدكتور عبد القوي المخلافي، إنه «أصدر منذ اليوم الأول لانتشار وباء حمى الضنك في عدد من مديريات المحافظة، توجيهات عاجلة بإنشاء غرفة عمليات لمتابعة وعلاج الحالات المصابة، والقيام بمواجهة هذا الوباء ومحاصرته والقضاء عليه».
وأضاف، وفقاً لما نقل عنه المركز الإعلامي لمكتب إعلام محافظة تعز، أن «التوجيهات شملت وكيل المحافظة للشؤون الصحية ومدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بتعز، ومديري عموم المديريات بالمحافظة»، وشدد على دورهم، على أكمل وجه، كون المسؤولية الأخلاقية والوطنية والإنسانية تقع على عاتقهم، وعلى عاتقنا جميعاً، سلطة محلية ومرافق تنفيذية وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني».
وقد يهمك أيضًا:
دراسة للأمم المتحدة تعلن أن النظام الغذائي النباتي يكافح التغيرات المناخية
خطورة ارتفاع مستوى الفركتوز في النظام الغذائي على الكبد
أرسل تعليقك