يعدّ تلوث الهواء أكبر الأخطار البيئية على الصحة العامة في أوروبا، وفقا إلى تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، وحسب التقرير فإن الهواء الملوّث سبب رئيسي للوفاة المبكرة لما يقدر بـ400 ألف شخص في أوروبا كل عام، بالإضافة إلى أنه يكلف الحكومات مئات المليارات من الدولارات في ما يتعلق بالصحة العامة.
وأشار التقرير إلى أن المملكة المتحدة من بين دول أخرى، تنتهك بشكل واضح حدود انبعاثات الهواء المنصوص عليها في الاتحاد الأوروبي، وهي أقل من معايير منظمة الصحة العالمية.
وتجاوزت العاصمة البريطانية لندن حدها القانوني لعام 2018 في شهر واحد فقط، ووجد تقرير لمنظمة الصحة العالمية في مايو/ أيَّار أن 30 مدينة بريطانية، بما في ذلك مانشستر وسوانسي وليستر ويورك، تجاوزت حدود انبعاثات الهواء المنصوص عليها.
وكشفت أبحاث حديثة وجود علاقة بين تلوث الهواء وليست فقط أمراض الرئة، لكن أيضا أمراض القلب الوعائية والسكتة الدماغية والخرف، وبالإضافة إلى ذلك كانت له علاقة بمشكلات الوظائف الإدراكية، والأمراض العقلية والربو لدى الأطفال، وفي حين أنه من المعروف بالفعل أن تلوث الهواء يمكن أن يزيد من خطر الولادة المبكرة اكتشف علماء مؤخرا وجود جسيمات تلوث في مشيمة الأمهات، وأن التلوث ربما يصل إلى الأجنّة.
ووجدت دراسة أن الأطفال في المملكة المتحدة يتعرضون لكميات كبيرة من جسيمات الكربون الأسود السامة من محركات الديزل في الطريق من وإلى المدرسة، وحتى في الفصول الدراسية والملاعب والتي تؤثر بشكل كبير على صحتهم، والسؤال الآن ما الذي يمكننا القيام به لحماية أنفسنا؟
تجنّب الشوارع الملوّثة
تقول أودري دي نازيل، المحاضرة في إدارة تلوث الهواء بمركز السياسة البيئية في جامعة إمبيريال كوليدج في لندن: "إذا كان بالإمكان، عليك تجنب المشي في الشوارع الملوثة"، وأظهرت دراسة أجراها علماء في جامعة كينجز كوليدج بلندن، العام الماضي، أن المشي في شارع جانبي يقلل من معدل تعرضك لتلوث الهواء بنسبة 53٪، وفي بعض الحالات يصل إلى 60٪.
ويقول براشانت كومار، مدير المركز العالمي لأبحاث الهواء النظيف في جامعة ساري: "ينخفض تعرضك لتلوث الهواء بمجرد الابتعاد عن الطرق الرئيسية إذ تتركز بها نسبة كبيرة من الغازات المضرة مرتفعة للغاية، لكن بمجرد اتخاذ طرق جانبية تقلل التعرض لتلك الملوثات إلى النصف ويكون تركيزاتها أقل"، ويمكن أن تكون الشوارع ذات المباني الشاهقة، أكثر تلوثا، ولا تفترض أن وجود الأشجار يشير تلقائيا إلى نقاء الهواء بالمكان، فالشجر العالي، مع وجود مبانٍ على مقربة من بعضها البعض، يمكن أيضا أن يقلل من تشتت التلوث، وبخاصة إذا كان على مقربة من المباني الشاهقة.
يقول كومار إن ما ينبغي أن يفعله المخططون للمدن هو زرع أشجار في أدنى مستوى، والتي تعمل كحاجز بين الطريق الملوث والمشاة.
استخدم تطبيقات تلوث الهواء
يقول ستيفن هولغيت، أستاذ علم المناعة في جامعة ساوثهامبتون وخبير تلوث الهواء، إن "تطبيقات تلوث الهواء على الهواتف الذكية مفيدة وتعمل على مساعدتك في الاختيار بين الأماكن التي يجب الذهاب إليها والأماكن الواجب تجنبها"، وتم تطوير تطبيق "London Air" من قبل جامعة كينجز كوليدج ويعرض مستويات التلوث في جميع أنحاء المدينة.
ويشير هولغيت أيضا إلى السوق المتنامية في أجهزة الاستشعار الشخصية، والتي عند إقرانها بالهاتف يمكنها مراقبة مستويات الملوثات مثل ثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الضارة. ومع ذلك، حذر العلماء والهيئات المعنية مثل وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية ووكالة حماية البيئة الأميركية من أن تلك التطبيقات لا تزال في طور التطوير وأن قياساتهم قد لا تكون دقيقة.
تجنّب ممارسة الرياضة ساعة الذروة
تقول دي نازيل: "مع تزايد تلوث الهواء في المملكة المتحدة فمن المفيد ممارسة الرياضة للتغلب على مخاطر التعرض للتلوث"، وتضيف: "ممارسة النشاط البدني يحميك من أضرار تلوث الهواء، ويحد من الالتهابات وهي أحد التأثيرات الرئيسية لتلوث الهواء على الصحة"، وأشارت إلى أنه في الأيام التي يكون فيها التلوث مرتفعا فمن الخطأ أن كان تركض على طول طرق رئيسية وسط المرور وتلوث الهواء، وإذا كنت صغيرا أو كبيرا في السن أو كنت تعاني من حالة قلبية أو تنفسية، فربما تكون أفضل حالا عندما تتوقف عن ممارسة الرياضة في الهواء الملوث، وتنصح نازيل بتجنب ممارسة الرياضة في ساعة الذروة، لكن الأفضل ممارستها في الصباح الباكر.
تناول نظام غذائي صحي
هناك أدلة على أن ما نأكله قد يخفف من الآثار الضارة لتلوث الهواء. في دراسة قدمها الباحثون في كلية الطب بجامعة نيويورك، هذا العام، أظهرت البيانات لأكثر من 500 ألف شخص، أن هناك علاقة بين النظام الغذائي الصحي وبخاصة حمية البحر المتوسط، والتغلب على آثار تلوث الهواء، وأشارت النتائج إلى أن الأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا صحيا كانوا أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكانت الوفيات الناجمة عن تلك الأسباب أقل.
يقول هولجيت: "هذه الملوثات تزيد من الأكسدة في الجسم وإذا كنت تتبع نظاما يحتوي على مضادات الأكسدة مثل فيتامين ج، والفيتامينات الأخرى الموجودة في الفواكه والخضراوات، يمكن أن تساعدك في تجنب تلك الملوثات".
قُمْ بتغطية عربة طفلك الرضيع
أظهرت دراسة نشرت هذا العام أن الأطفال الرضع والأطفال الصغار يمكن أن يتعرضوا لتلوث الهواء بنسبة 60٪ أكثر من البالغين، ويقول كومار الذي أجرى الدراسة إن إحدى المشاكل هي أن الأطفال سواء كانوا يمشون أو محمولين في عربة الأطفال الخاصة، فهم أقرب بمتر واحد من الملوثات وبخاصة عوادم السيارات، كما يضيف: "عادة ما يتناقص التركيز كلما ارتفعت العربة للأعلى إذ إن نظام المناعة لدى الطفل غير مطور ولا يتمتع بحماية جيدة مثل البالغين".
يجري الباحثون حاليا تجارب بشأن ما إذا كانت الأنواع المختلفة من عربات الأطفال أو عربات الدفع أفضل (مواجهة للأمام أو مواجهة للخلف، على سبيل المثال)، لكن في غضون ذلك، ينصح كومار بالابتعاد عن الطرق المزدحمة قدر الإمكان واستخدام غطاء لتقليل وصول الملوثات لطفلك وبخاصة في المناطق الخطرة مثل إشارات المرور ومحطات الحافلات.
أرسل تعليقك