الجزائر- سميرة عوام
تزدهر مهنة الطب البديل، وأهمها، التداوي بالأعشاب والزيوت بمختلف أنواعها، في مدينة عنابة الواقعة شرق الجزائر، حيث تحول الشارع الرئيس إلى سلسلة من "الدكاكين" المُصطفة، والتي تظهر للعيان على أنها بيوت مهجورة، لكن في حقيقة الأمر يتم مداواة المرضى فيها، ولاسيما الذين يعانون من الأمراض المستعصية.
"مصر اليوم"، قامت بجولة في تلك "الدكاكين"، وأثنائها لاحظت امرأة مُسنة تعمل كطبيبة للعلاج بالأعشاب منذ 30 عامًا، ويعرفها جيدًا سكان المنطقة، نظرًا إلى حدة ذكائها، ومعرفتها بخبايا الأمراض، فتجدها تُوجه المرضى كل حسب مرضه، فاقتربنا منها من أجل معرفة حرفتها أكثر.
هذه المرأة المُسنة تعدت العقد السادس من عمرها، وتقوم بدلك وتمريغ بطن المريض بزيت الزيتون، من أجل تحديد نوع المرض، وعادةً تُقبل النسوة كثيرًا على هذه الطبيبة، لاسيما اللواتي يعانين من المغص والأوجاع التي تنتج عن الحيض أو موعد الولادة.
وروتْ الطبيبة المسنة جميلة، قصتها حيث أكدت أنها "تنحدر من منطقة بسكرة، وولدت في قرية طولقة، جنوب الصحراء الجزائرية، وبعد أن بلغت العاشرة من عمرها رحلت برفقة عائلتها إلى شرق الجزائر، وفيها استقر أهلها في المنطقة، ومنها أنها أخذت حرفة التداوي بالأعشاب عن والدتها، حيث كانت ترى الجيران يزورون أمها من أجل التداوي بالطب البديل، ومنذ ذلك الوقت بدأت الطفلة تتدرب على حرفة أمها، وتتعرف على أهمية كل عُشْب، ودوره في العلاج، وبعد وفاة والدتها تحولت مهنة "الممسدة" إلى العجوز جميلة".
وأضافت جميلة، أن "علاجها للمرضى يتركز على بعض الأعشاب وزيت الزيتون، نظرًا إلى قيمتهم وأهميتهم في الطب البديل، فالرضع تقوم بعلاجهم عند إصابتهم ببعض الأمراض التي يعجز الطبيب على معالجتها خلال ولادتهم، مثل: مرض "بوصفاير"، وبعض المغص، الذي ينجر عن الولادة مباشرة، إلى جانب معالجة "التراب"، وهو نوع من المرض الذي يعاني منه أغلب الأطفال عند الولادة، وذلك عندما يكون الرضيع ولد مع رضيع آخر".
وأشارت إلى أنها "تعمل على مداواة الرضع أيضًا من خلال بعض المواد التي تشبه الجبس من خلال معالجة الكسور، والرضوض، وحتى الجروح، إلى جانب "تمسيد" بطن الحامل لتسهيل عملية الولادة".
وأوضحت جميلة، أنها "تستخدم مادة العسل، وزيت حبة السوداء، إلى جانب زيت الزيتون المستخلص من المعصرة التقليدية، وخلال حلول فصل الربيع تخرج إلى المروج الخضراء والغابات من أجل اقتناء الأعشاب، والتي تقوم بتجفيفها، وفق تقنيات حديثة، ثم تحافظ على هذه الأعشاب في قارورات زجاجية، وتكون مهيأة لعملية حفظ هذه الأعشاب لتستعمل في فصل الشتاء أو الصيف".
أما عن سعر مداواة المرضى، فأضافت أنها، "تمارس هذه الحرفة دون مقابل، لكن هناك من المرضى من يُقدِّم لها الهدايا وبعض المال مقابل شفاء أبنائهم"، كاشفة أنها "ترغب في تدعيم دكانها من أجل تهيئته وتوسيعه لتحويله إلى عيادة صغيرة من أجل التداوي؛ لأن الأمراض أصبحت كثيرة خلال الوقت الراهن لدرجة خطورتها، وعجز الطب الحديث عن معالجتها، وأن الطب التقليدي تحول خلال الوقت الراهن إلى تجارة مربحة، تودي بحياة المريض مقابل بعض الخلطات العلاجية الخطيرة".
أرسل تعليقك