طوكيو ـ علي صيام
نجح العلماء أخيرا في تخليق مخ بشري صغير من خلايا جذعية داخل المعامل، فهل يعني ذلك أن العالم دخل عصر تخليق قطع الغيار البشرية.
لقد كانت فكرة تكوين قطع غيار بشرية في أنابيب الاختبار لا نراها إلا في أفلام الخيال العلمي ولكن الأبحاث العلمية التي تستخدم الخلايا الجذعية توصلت الآن إلى إمكانية تخليق
أعضاء وأنسجة بشرية حقيقية في المعامل.
ولا شك أن ذلك جزء من مجال طبي يشهد حاليا تقدما سريعا ويعرف باسم طب استبدال أو بث الحياة في الخلايا والأنسجة والأعضاء البشرية حتى تستعيد وظيفتها، الأمر الذي يعد في المستقبل بعرض "كتالوج" بقطع غيار بشرية على المرضى لاستبدالها بالأعضاء التي أفسدها الدهر أو المرض.
ونجح العلماء في الآونة الأخيرة في تخليق عدد من الأنسجة البشرية في المعامل ولكنها لازالت في حاجة إلى اختبارها في العيادات الطبية.
ومن بين الأعضاء التي نجح العلماء في تخليقها في المعامل من خلايا جذعية هي القصبة الهوائية التي أصبحت العضو غير مكتمل النمو الذي يتم زرعه بنجاح في أحد المرضى. وتم تخليقها من خلايا جذعية بالنخاع العظمي للمريضة نفسها. وفي حالة أخرى نحج العلماء في زرع قصبة هوائية من البلاستيك في صدر طفلة عمرها عامين بعد أن ماتت عينة الخلايا الجذعية بعد ثلاثة أشهر من العملية. وتبقى عملية زراعة القصبة الهوائية هي أكثر العمليات الواعدة في مجال زراعة الأعضاء البشرية.
كما نجح العلماء في ابتكار أساليب لنمو وتخليق العظام من الخلايا الجذعية في المعمل، وتقوم شركة إسرائيلية باستخدام عملية مسح ثلاثية الأبعاد في بناء عظمة أشبه بالجيل قبل زرعها وحقنها مع الخلايا الجذعية في العظام البشرية. وقد نجحت العملية مع الحيوانات، ومن المرجح أن يتم تجربتها على البشر خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
أما الكبد فلم ينجح العلماء بعد في تعويض الكبد إذا ما فشل في أداء وظائفه المهمة في إزالة المواد الضارة والسامة من الدم، ويعتمد مرضى الفشل الكبدي على زراعة الكبد من أكباد الموتى في حوادث. ومع ذلك فقد نجح العلماء في اليابان تخليق أكباد صغيرة جدا في المعامل أشبه بالبراعم وكانت قادرة على التواصل مع إمدادات الدم والقيام بوظيفة الكبد عند زراعتها في فئران التجارب. ولكن العلماء لم ينجحوا بعد في تخليق كبد بشري متكامل إلا أنهم يعتقدون بأن البراعم المخلقة يمكن أن تساعد هؤلاء الذين يعانون من الفشل الكبدي.
أما الكلية فهي عضو لا يمكن إصلاحها حالما تعرض للضرر ولا يمكن بسهولة استبدالها بسبب رفض أجهزة المناعة في الجسم، ويحتاج المرضى إلى عمليات غسيل كلوي كعلاج للفشل الكلوي.
ونجح العلماء أخيرا في تخليق كلية في المعمل من خلايا فئران ثم زرعها في فئران ولكن النتائج لم تكن مبشرة حتى الآن مع الحيوانات.
وبالنسبة للقلب فقد تم استخلاص خلايا من قلب عجوز ثم أعيد تسكينها في خلايا عضلة القلب. وفي مطلع هذا العام قال علماء بأنهم استطاعوا تخليق نسيج قلب نابض من الخلايا الجذعية. وقال علماء آخرون إنهم نجحوا هذا الشهر في تخليق قلب فأر نابض بعد تكوينه من خلايا جذعية بشرية. ويعتقد العلماء بإمكانية استخدام ذلك مستقبلا مع البشر ولكنه لن يكون بالعمل السهل.
أما المثانة فهي أول عضو بشري يتم تخليقه في المعامل وزرعه في أجساد المرضى. بينما كان آخر عضو يتم تخليقه في المعمل فهو المخ من خلايا جذعية تم استخلاصها من البشرة وزرعها في نسيج المخ والهدف الرئيسي من استخدامها هو في دراسة الأمراض العصبية مثل الزهايمر واختبار تأثير العقاقير الجديدة على المخ.
وفيما يتعلق بالغدة النخامية فقد نجح علماء في اليابان في تخليق غدة نخامية صغيرة جدا في المعمل من خلايا جذعية تم استخلاصها من أغشية الفئران. ثم زرعها في الفئران وقد أحدث ذلك ارتفاعا في مستويات الهرمونات في أجسام الحيوانات. ويعكف العلماء الآن على محاولة زراعتها من خلايا جذعية بشرية.
وأخيرا العين التي ربما كانت واحدة من أكثر الأعضاء تعقيدا في الجسم البشري ولاتزال قدرة العلماء على تخليق عين بشرية كاملة أمرا غير ممكن على الرغم من نجاح العلماء في تخليق أنسجة حساسة خلف شبكية العين.
أرسل تعليقك