لندن - ماريا طبراني
تركت الطبيعة كما هي، في هذه البقعة المميزة من سواحل أميركا اللاتينية، المطلة على البحر الكاريبي، المسماة جزيرة بروفيدنسيا، دون أن تمسها مظاهر الرفاهية المصنوعة، وهو ما يجعل من المستحيل على أي من زوارها ألا يقع في غرامها الطبيعي الخالص.من الصعب ألا ينبهر السائح في بروفيدنسيا بالمجتمع هناك، حيث يجتمع
الصيادون لحصاد ما جمعته شباكهم على شاطئ الجزيرة الجنوب غربي، وهو الشاطئ الرملي الذي يجمع بين الطبيعة الشاطئية والبرية بما يتمتع به من غابات تطل على البحر مباشرةً، كما يُصاب عادةً بالذهول لما يراه على أرض هذه الجزيرة من طبيعة، تجعلها تنتمي إلى أرض الأساطير وبلاد العجائب.وتقع هذه الجزيرة على بعد 500 ميل من المناطق الداخلية لكولومبيا، وهي بذلك تكون أقرب إلى نيكاراغوا، ويتحدث المحليون الإنكليزية لا الإسبانية، حيث يتغلب الطابع الكاريبي على الجزيرة على حساب الطابع اللاتيني.وعلى الرغم من أن بروفيدنسيا معروفة في عالم السياحة والسفر، ومع توافر عدد من خبراء الغطس على أرض الجزيرة، إلا أن عدد السائحين الذين يصلون إليها سنويًا لا يتجاوز الـ 15000 سائحًا، وهو عدد قليل مقارنةً بالسائحين الذين يتوافدون سنويًا على جارتها جزيرة سان أندريه، ويدعم هذه العزلة التي تتمتع بها الجزيرة أن الوصول إليها يستغرق نصف يوم كامل، يقضيه السائح في رحلتين جويتين من بوغوتا، والتي أدت إلى احتفاظ بروفيدنسيا بالطابع الإنكليزي، منذ أن إحتلها البريطانيون المتشددون عام 1630.ولم تحافظ بروفيدنسيا على التراث والثقافة الإنكليزية فقط، بل حاربت من أجل الحفاظ على الشعاب المرجانية، حيث تحتوي مياه الجزيرة على أكبر وأفضل محمية بحرية للشعاب المرجانية.ويرجع الفضل في وجود هذه المحميات حتى الآن إلى أهالي الجزيرة والسكان المحليين، الذين حاربوا من أجل الحفاظ عليها، وقاوموا الكثير من المغريات التي عُرضت عليهم، في سبيل إزالة الشعاب المرجانية، عندما عرضت عليهم "كولومبيا ناشونال هيدروكربونز"، إحدى شركات النفط العملاقة في المنطقة، أرقامًا فلكية، لإزالة محميات الشعاب المرجانية، لصالح عمليات بحث وتنقيب عن النفط في مياه الجزيرة، حيث أن القصة الجديرة بالرواية في هذه الجزيرة ليست الجمال، بل الكفاح والصراع الذي خاضه المحليون من أهل الجزيرة للحفاظ على هذا الجمال وتلك الطبيعة على مر العصور، وهو الإتجاه الذي يغلب على معظم المحليين، كما تساعد بعض الجهات في حماية الطبيعة البحرية والبرية في بروفيدنسيا، من أهمها مؤسسة "الأشجار والشعاب المرجانية"، التي صارعت مع المحليين من أجل حماية الهوية الطبيعية التي ميز الله بها هذه الجزيرة، حتى نجح، في عام 2000، 6 آلالف من سكان الجزيرة، في شن حملة لحماية الطبيعة في بروفيدنسيا، وهي الحملة التي أدت إلى جذب اهتمام العالم، لتسجل منظمة "يونسكو" الجزيرة كمحمية طبيعية للزهور البحرية.ولا تقتصر متعة الغطس في مياه بروفيدنسيا على مشاهدة الشعاب المرجانية الرائعة فقط، حيث يحتوي القاع على مجموعة متنوعة من فصائل الأسماك والكائنات البحرية، منها سمكة الببغاء، والسلاحف البحرية، والقرش الرمادي، وجميعها تسبح في محيط الغطاسين طوال الوقت.وانتقالاً من الطبيعة إلى الأنشطة السياحية، إفتتح في ماراكايبو فندق "ديب بلو" (Deep Blue)، وهو المظهر الوحيد من مظاهر الحضارة الحديثة على ظهر الجزيرة، الذي بُني أعلى أحد التلال، ويتكون من 14 غرفة، وحوض سباحة على السطح العلوي يوفر أروع إطلالة على الإطلاق في الجزيرة، وهو ما يجعلها إطلالة على أكبر وأجمل متنزه بحري في العالم.ويتبع الجزيرة عدد من الجزر الصغيرة، التي يأتي في مقدمتها جزيرة سانتا كاتالينا، التي تتصل مع بروفيدنسيا من خلال جسر ملون باللونين الأصفر والبرتقالي، أطلق عليه المحليون "جسر العشاق"، وعلى هذه الجزيرة الصغيرة التابعة لبروفيدنسيا، تُضرم النيران لإقامة حفلات شواء الأسماك، كما تشتهر سانتا كاتالينا بأنها مركز للتراث سيء السمعة للقراصنة، الذي عُرفت به بروفيدنسيا لعصور طويلة، وعلى رأس هؤلاء القراصنة، الذين استطونوا الجزيرة وقاموا بهجماتهم على السفن متخذين إياها نقطة ارتكاز، القرصان هنري مورجان، المنحدر من "ويلز"، والذي سيطر على البحر الكاريبي في هذه المنطقة في القرن السابع عشر، وكون القراصنة مستعمرة لهم، وحولوها إلى قلعة محمية بسور لا زال شامخًا على ظهر الجزيرة حتى الآن.كذلك يمكن الوصول إلى جزيرة بروفيدنسيا عبر جارتها سان أندريه، التي يمكن الوصول إليها من بوغوتا، وكارتاغينا، وميدليان في كولومبيا، بالإضافة إلى إمكان الوصول إلى سان أندريه من بنما سيتي، وتقلع رحلات طيران مباشرة من بريطانيا إلى تلك المدن بانتظام، وهي الرحلات التي تمر في نقط اتصال في مدريد وميامي. وفيما يتعلق بالإقامة وتنظيم الرحلة السياحية، يمكن اللجوء إلى شركة "جيرني لاتين أميركا" (Journey Latin
America )
التي توفر عروضًا تتضمن الإقامة والجولات السياحية في بوغوتا وكارتاغينا وبروفدنسيا، لمدة 11 يومًا، مقابل2930 جنيهًا إسترلينيًا
.
أرسل تعليقك