مراكش_ثورية ايشرم
لا يمكن أن يختلف اثنان على أن المدينة الحمراء هي تلك القبلة السياحية التي يفضلها الكثيرون ما جعلها تحتل المراتب المتقدمة في الأعوام الأخيرة بل وصلت إلى أن تنتزع المرتبة الأولى وتضاهي مجموعة من الدول العالمية لتصبح في المقدمة.
ويرجع ذلك إلى خصائص عدة يجدها السائح في هذه المدينة والتي تختلف عن باقي دول ومدن العالم والتي تجعله يعيد الزيارة كلما أتيحت له الفرصة دون تفكير، والتي تختلف وتتنوع بين الخصائص السياحية المميزة من إقامة في الفنادق الفخمة والراقية وكذلك الإقامة في دور الضيافة العتيقة لكل عشاق الإقامة التقليدية، أو اختيار أحد المنتجعات السياحية الراقية التي تخطف الأنظار بجمالها ورقيها وطبيعتها الساحرة، فيما يختار البعض الإقامة خارج المدينة وذلك باختيار إحدى الضواحي وعيش تجربة فريدة من نوعها.
وتتوفر مراكش على مجموعة الأفضية التي تجعل السياحة فيها تنتعش على مدار العام والتي تتنوع بين الحدائق الخضراء والمميزة فضلًا عن المعالم والمآثر التاريخية، إضافة إلى مجموعة من المرافق كالمطاعم والمقاهي ومختلف الأفضية الأخرى التي توفر للسائح كل ما يرغب فيه حتى تكون عطلته وإقامته في مراكش متكاملة ولا ينقصها شيء.
ويعد من بين أفضل الأماكن التي لا تهدأ ولا تعرف السكينة طيلة العام في المدينة الحمراء ثلاثة أفضة لا يمكن أن تحذفك الساعة فيها دون أن تجدها تعج بالزوار، لاسيما السياح الأجانب من مختلف الجنسيات، وأولها حديقة ماغوريل التي تعتبر من أقدم وأروع الحدائق في أفريقيا وهي الحديقة التي أطلق عليها اسم الحديقة المائية إذ تتوفر على نباتات مميزة وغريبة لا يمكن أن تنمو إلا في المياه، إضافة إلى أنها أكثر الحدائق جمالا وجذبا للسياح لما تتمتع به من دقة في التصميم ومزج متفرد بين الألوان والطبيعة.
وتحوي الحديقة على نباتات متنوعة ونادرة من القارات الخمس، سميت بهذا الاسم نسبة إلى الفنان الفرنسي جاك ماغوريل الذي خطط ونفذ تصميمها والذي منح مراكش هذه المعلمة البيئية والسياحية والطبيعية والتاريخية الجميلة التي لا يوجد لها مثيل في العالم، فهي تعد من المعالم المميزة في المدينة الحمراء التي لا يمكن لأي زائر أن يحط رحاله في مراكش دون المرور على هذه الحديقة الرائعة واكتشافها والتعرف على جمالها ومختلف نباتاتها التي يصل طول بعضها إلى سبعة أمتار.
ولا يمكن ذكر مراكش دون ذكر ساحة جامع الفنا التي تعتبر من أكبر وأشهر الساحات العالمية التي يصل فيها عدد الزوار خصوصًا في الفترة المسائية إلى الملايين، وهذا لا يقتصر على موسم محدد من العام بل تجد الساحة تعج بالزوار في كل المواسم وفي مختلف الأوقات إلا أن الفترة المسائية تتحول إلى القبلة التي يتوجه إليها كل زوار مراكش سواء عرب أو أجانب فهي فضاء شعبي للفرجة وعبارة عن مسرح مفتوح في الهواء الطلق وملتقى لمختلف الجنسيات والثقافات العالمية، وهي ذلك الفضاء الخاص بالترفيه للسكان المحليين والسياح في مدينة ما يجعلها القلب النابض لمدينة مراكش حيث كانت وما زالت نقطة التقاء بين المدينة والقصبة المخزنية والملاح، ومقصدًا للزوار من كل أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي والقصص، والموسيقيين إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثًا غنيًا وفريدًا كان من وراء إدراج هذه الساحة في قائمة التراث اللامادي الإنساني التي أعلنتها منظمة اليونسكو، كما أن الساحة هي عبارة عن سوق شعبي حيث توجد قربها مجموعة من المحلات التجارية الخاصة ببيع التحف التقليدية المغربية مختلف الأشياء المتعلقة بالثقافة المراكشية من ملابس وبهارات وحلي وإكسسوارات وديكورات وغيرها دون إغفال المطاعم الشعبية التي تنتشر في الساحة والتي تقدم ما لذ وطاب من المأكولات المغربية عامة والمراكشية خاصة التي يتقدمها طبق الطنجية المراكشية والتي تساهم بشكل كبير في إنعاش السياحة في هذه الساحة.
ولا يقتصر زوار المدينة من مختلف الجنسيات على الساحة فقط بل تجدهم كذلك بشكل كبير وكثيف في حدائق المنارة التي ترمز إلى المدينة الحمراء كذلك بجمالها الطبيعي الأخضر وأشجارها الكثيفة التي تنتشر على مساحة كبيرة من الهكتارات والتي تعتبر القلب الطبيعي الساحر للمدينة الحمراء، لاسيما أنها أصبحت كذلك ذائعة الصيت في العالم ولا يمكن للزوار مراكش أن يغفلوا هذا المكان دون منحه القليل من وقتهم للاستمتاع بجماله واكتشاف طبيعته وتاريخيه.
وتعتبر من بين المزارات التي يستمتع بها السائح في مدينة مراكش واكتشاف ذلك الصهريج المائي الكبير الذي يأتيه الماء عبر قنوات متصلة بجبال الأطلس المتوسط التي تظهر من بعيد، والذي استعمل في عهد الموحدين كمدرسة عسكرية يتدرب فيها الجيش على السباحة وذلك لحماية السواحل المغربية من الأعداء، إضافة إلى ذلك الجناح الذي يسمى جناح المنارة وتلك البناية الصغيرة والبسيطة ذات قبة هرمية الشكل مغطاة "بالقرمود" الأخضر، تأسست في القرن 19، وهي بناية من طابقين بها كتابات دينية.
وصنع سقف البناية من خشب الأرز به زخرفة وهندسة جميلة، وفي الطابق العلوي يوجد فبو كبير في نوافذ مفتوحة على كل الجهات، وله شرفة تطل على صهريج الماء وعلى مغرب الشمس، وكلها خصائص تجعل حدائق المنارة الكبيرة المساحة ملتقى للزوار من مختلف الجنسيات وفضاء أو منتزها كما يطلق عليه المراكشيين لقضاء مختلف الأوقات وأجملها رفقة العائلة أو الأصدقاء تحت ظل أشجار الحديقة والاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة، إضافة إلى أنها مزار وقبلة مفضلة لدى السياح الأجانب والراغبين في اكتشاف هذا الجمال والتاريخ العريق.
ويذكر أن تخصيص هذه الأفضية الثلاثة لا يعني إقصاء باقي المعالم المتواجدة في مراكش على العكس فجميعها سواء كانت معالم تاريخية أو سياحية أو طبيعية ومتاحف المدينة القديمة لا تخلو من عشاقها وزوارها الذين يقصدونها لاكتشاف جمالها وتاريخيها العتيق الذي يشع به كل ركن من أركان مراكش، وهي خصائص تمتاز بها مراكش عن غيرها ما يؤدي إلى إنعاش السياحة فيها على مدار العام حتى وإن شهدت ارتفاعًا مفرطًا في درجة الحرارة فهذا لا يمنع من الإقبال عليها بشكل مكثف وكبير.
أرسل تعليقك