c الرّحالة الشرقيون والغربيّون اختاروا مكّة المكرمة وجهة لهم في القرن - مصر اليوم
توقيت القاهرة المحلي 02:10:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انصبّ الاهتمام على الأوروبيين بحكم وجودهم على سواحل الجزيرة العربية

الرّحالة الشرقيون والغربيّون اختاروا مكّة المكرمة وجهة لهم في القرن الـ18

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - الرّحالة الشرقيون والغربيّون اختاروا مكّة المكرمة وجهة لهم في القرن الـ18

مكة المكرمة
مكة المكرمة - مصر اليوم

اختار عدد كبير من الرحالة الشرقيين والغربيّين مكة المكرمة وجهة لهم، في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين)، لدوافع متعددة، لكن يظل الحجّ من أعظم بواعث الرحلات، لاسيّما الشرقية، نظرًا إلى أنَّ الآلاف من الحجاج يتجهون من بلاد الشرق كل عام صوب الحرمين الشريفين، لتأدية الفريضة عبر الطرق البرية والبحرية.

 

ولما ترجمت الرحلات الأجنبية، وانتشرت بين الناس، ولقيت استقبالاً جيدًا من الباحثين، سارعوا إلى الاقتباس منها، والاستشهاد بها، ودَحْض بعض ما فيها من معلومات خاطئة، مقصودة كانت أم غير مقصودة.

 

ويلاحظ متتبع الحركة الثقافية في هذا المجال أنَّ الاهتمام انصبّ على الرحالة الأوروبيين في المقام الأول، لاسيّما البريطانيين، لاعتبار أنهم كانوا السباقين في ذلك، بحكم وجودهم على سواحل الجزيرة العربية.

 

ولم يقتصر الاعتماد على المصادر البريطانية في الرحلات، بل إن الذين كتبوا عن تاريخ إقليم جبل شمر، في القرن 13-14هـ/ 18 و19م، جلهم اعتمدوا على وثائق الأرشيف البريطاني، والأرشيف العثماني، والأرشيف المصري، وبعض الرحلات الفرنسية المترجمة، وقليل جد من المصادر الروسية والألمانية.

 

وهناك إعراض شبه كامل عن مصادر الرحلات الشرقية كالهندية والفارسية والبخارية والأفغانية من طرف المؤرخين، ليس فقط في منطقة مكة المكرمة، بل في الجزيرة العربية عمومًا.

 

ويمكن تقسيم الرحلات الشرقية إلى ثلاث مراحل زمنية، الأولى أدب الرحلات الجغرافية، التي كتب بعضها بالعربية مثل كتاب "المسالك والممالك" لابن خرداذبة، و"الأعلاق النفيسة" لابن رستة (القرن الرابع الهجري)، و"مسالك الممالك" للاصطخري (القرن الرابع الهجري)، و"سفرنامة" لناصر خسرو (القرن الخامس الهجري)، و"آثار البلاد وأخبار العباد" للقزويني في القرن السابع الهجري.

 

وتشمل المرحلة الثانية القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر والنصف الثاني من القرن الرابع عشر للهجرة، وأكثر أدب الرحلات الشرقية، لاسيما الفارسية المخطوطة، يعود إلى هذه الفترة.

 

وأولى أدباء الشرق، لاسيما الإيرانيين اهتمامًا كبيرًا للتأليف في أدب الرحلات، لانفتاح إيران على الثقافة الفرنسية، كنتيجة مباشرة لسفر كتابها وأدبائها وإطلاعهم على الحضارة الغربية وتأثرهم بها.

 

وتضم المرحلة الثالثة الرحلات المعاصرة في النصف الثاني من القرن الرابع عشر والقرن الخامس عشر للهجرة إلى مكة، فقد ظهرت مجموعة من الرحلات في القرن الأخير، كرحلة جلال الأحمد، والدكتور علي شريعتي، وغيرهما، ويغلب عليها الطابع الفكري والنظري، في تفسير فلسفة الحجّ وتأثيراتها المعنوية، أكثر مما تتطرق إلى ذكر المعلومات الجغرافية أو الاجتماعيّة.

 

ويغلب على أكثر الرحلات الفارسية الطابع القصصي، كالرحلات العربية التي تجمع بين الواقع والخيال، فتصور كتب الرحلات الحقيقة حينًا، فيما ترتفع إلى عالم الخيال أو التصورات المختلقة حينًا آخر، في وصف المدن التي زاروها وشعبها وطرقها الصحراوية وملامح الحياة البدوية ومعلومات عن الطعام؛ والشراب؛ والأزياء؛ والأخلاق وغير ذلك.

 

وتضمّنت كتب الرحلات الشرقية كثيرًا من المعلومات والمعارف، حيث تشكّل مادّة جيدة في الجوانب التاريخية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية، ومن فوائد أدب الرحلات، القيمة التعليمية التي تختزنها، فهي تثقف وتثري الفكر بالمعلومات عن منطقة ما أو مجتمع ما، وذلك حين تصوّر ملامح حضارة المنطقة في عصر محدد، حضارةً تكون مصدر ثقافة ذلك المجتمع.

 

ويبقى الاختلاف واضحًا بين رحّالة وآخر، والفروق الفردية واضحة بين كاتب وآخر، فالقدرات والخبرات والممارسة الكتابية لعبت دورًا في تلك الفروق بين الرحّالة، لكن الملاحظ أنَّ غالبية الرحلات الدينية ومنها الهندية والفارسية اتخذت طابع الوصف اليومي، والكتابة عن كل موقع بصورة مستقلة، حيث اهتم الرحالة بوصف الطرق التي سلكوها ووسائل السفر والانتقال التي استخدموها، كما قاموا بوصف الأماكن التي زاروها وصفًا دقيقًا.

 

ومن أهم ما عُني به الرحالة موضوع المياه لشدة الحاجة إليها في بعض المواضع، وحاولوا وصف طعمها بدقة، كما سجل آخرون بعض المعلومات عن النباتات التي تنمو في بعض المناطق التي زاروها.

 

وتكمن أهميّة الرحلات الشرقية في عدم وجود اهتمام بوصف طرق الحج في كتب الرحالة الغربيين في القرن الثالث عشر الهجري، وهي من النقاط التي أخذها هوغارت على الرحالة جورج أوغست فالين، في عدم استفاضته في وصف الحج وطرقه، وهنا تأتي أهمية الرحلات الفارسية في أنها المصدر الرئيس في وصف منازل الحج العراقي، وطرقه، في القرن الثالث عشر الهجري.

 

وما يميّز أساليب كتابة هذه الرحلات أنها كانت بسيطة في الغالب، بعيدة عن التكلّف والتصنّع، وتضمنت مجموعة من الأبيات الشعرية، فضلاً عن آيات من القرآن وأحاديث نبوية يستشهد بها في مواضع مختلفة.

 

يذكر أنَّ الكثير من الرحالة عمدوا إلى تخصيص الجزء الأعظم من يومياتهم؛ لبيان الصعوبات والمشاكل الكبيرة في زمن رحلتهم، ولا يخفى ما لذلك من أهمية كبيرة، لاسيما بعد مقارنة تلك الحالات مع الواقع الموجود في الوقت الراهن.

 

وتوضح تلك الكتابات نظرة الفرس إلى العرب، لاسيما سكان نجد والحجاز، وانطباعات النخب الفارسية والشيعية المثقفة عن المنطقة، ويلاحظ القارئ للرحلات الشرقية حالة "الحنق" على العرب عمومًا.

 

ومع تلك الفائدة والأهمية التي تقدمها تلك الرحلات، إلا أنه لا يمكن الجزم بأنّها تنقل إلينا صورًا محايدة، لأنَّ الخيال والهوية الثقافية للرحالة، التي يحكم عبرها، يمكن أن تؤثر في الحقيقة التاريخيّة، وذلك لما للعواطف والانفعالات من تأثير في كتابات أصحابها ومواقفهم، ومع ذلك يمكن اعتبار الرحلات وثيقة غير مسلم بها، لكن يستطيع أن يستفيد منها المؤرخون والأدباء والجغرافيون وعلماء الاجتماع على حدٍّ سواء

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرّحالة الشرقيون والغربيّون اختاروا مكّة المكرمة وجهة لهم في القرن الـ18 الرّحالة الشرقيون والغربيّون اختاروا مكّة المكرمة وجهة لهم في القرن الـ18



GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:50 2024 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

مسّيرات تُربك حركة الطيران في مطار بن غوريون الإسرائيلي

GMT 14:47 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طيران الإمارات تحصد لقب أفضل ناقلة جوية على مستوى العالم

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 20:57 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
  مصر اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 07:51 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

حفل اللاعب البرازيلي نيمار يثير الجدل في البرازيل

GMT 12:05 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

مكافآت خاصة للاعبي أسوان عقب البقاء في الدورى الممتاز

GMT 14:23 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

تباطؤ التضخم السنوي في تونس إلى 6.2 % خلال أغسطس

GMT 21:51 2021 الإثنين ,14 حزيران / يونيو

غياب أحمد فتحي عن قائمة بيراميدز أمام سموحة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon