أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب محادثات مع الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، على هامش قمة دافوس بسويسرا، أمس الأربعاء. وهيمن على المحادثات موضوع الوجود الأميركي في العراق، وشكل العلاقة المستقبلية بين البلدين، وذلك على خلفية مطالبات من فصائل شيعية عراقية بانسحاب الأميركيين، رداً على اغتيال إدارة الرئيس ترمب قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس في بغداد، مطلع هذه السنة.
ولوحظ بعض الاختلاف بين البيانات الرسمية الصادرة عن الجانبين الأميركي والعراقي في خصوص المحادثات. فقد أكد البيت الأبيض أن ترامب والرئيس العراقي اتفقا على ضرورة الحفاظ على «الشراكة الأمنية» بين البلدين، بينما قالت الرئاسة العراقية إن الاجتماع بين برهم صالح وترمب تناول «وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في البلاد». وتحدث البيان العراقي عن «خفض» القوات الأجنبية وليس «سحبها»، بعكس ما تريده فصائل شيعية ومجلس النواب العراقي.
وجاء اللقاء بين ترامب وصالح رغم تهديدات وجهتها «كتائب حزب الله» و«حركة النجباء» بطرد الرئيس العراقي من بغداد، في حال التقى نظيره الأميركي في دافوس. وكانت فصائل مسلحة مقربة من إيران وجهت تهديدات لصالح عشية سفره إلى المنتدى السويسري، وطلبت منه عدم الذهاب إلى دافوس، وعدم الالتقاء بترمب في حال قرر الذهاب. غير أن «كتائب حزب الله» وعلى لسان أحد قيادييها رفعت سقف التهديد، ولوَّحت بمنع الرئيس العراقي من دخول بغداد، وطرده إلى إقليم كردستان في حال التقى الرئيس الأميركي.
أقرأ أيضًا:
موسكو تجري تدريبات مع القوات السورية في المتوسط وتعزز دفاعاتها في القامشلي
وقال بيان للرئاسة العراقية إن الرئيس برهم صالح «أجرى محادثات معمقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، وضمن جدول لقاءاته اليومية بعدد من الزعماء ورؤساء الدول». وأكد الرئيس صالح، بحسب البيان: «ضرورة تكثيف الجهود الدولية من أجل إرساء الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي»، مشيراً إلى أن «ترسيخهما وتعزيزهما هو السبيل الوحيد لضمان تحقيق السلام الشامل في المنطقة». وأضاف برهم صالح أن «العراق يحرص على إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأصدقاء والحلفاء، بما يعزز سيادته واحترام قراره المستقل، ويحقق مصالح الشعب العراقي، ومواصلة التطور الاقتصادي وإعادة الإعمار، وعدم السماح بأن يتحول العراق إلى ساحة للصراع وتصفية الحسابات».
بدوره، جدد الرئيس الأميركي «دعم بلاده لاستقرار العراق، وحرصها على توثيق العلاقات المشتركة، وتوسيع حجم التعاون بين العراق والولايات المتحدة، بما يخدم مصلحة الشعبين، مثمناً الدور العراقي المحوري في المنطقة»، بحسب بيان الرئاسة العراقية. وأوضح البيان أنه «تم خلال الاجتماع درس وجود القوات الأجنبية وتخفيضها في البلاد، وأهمية احترام مطالب الشعب العراقي في الحفاظ على السيادة الوطنية، وتأمين الأمن والاستقرار».
في المقابل، أكد البيت الأبيض في بيان، أن الرئيس الأميركي اتفق مع نظيره العراقي في دافوس على ضرورة الحفاظ على دور عسكري أميركي في العراق. وجاء في البيان: «اتفق الرئيسان على أهمية مواصلة الشراكة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والعراق، ومن ضمنها قتال تنظيم (داعش)». وأفاد البيان بأن «الرئيس ترمب أعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بعراق يتمتع بالسيادة والاستقرار والازدهار».
وكان ترمب قد التقى صباحاً، في دافوس أيضاً، رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، الذي أثنى على الدعم الأميركي للعراق بشكل عام، ولإقليم كردستان بصورة خاصة. وأكد بارزاني - وفق بيان رسمي - حاجة الإقليم إلى قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة خطر «داعش»، رافضاً في الوقت نفسه انسحاب الأميركيين من الإقليم.
ومعلوم أن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء الركن عبد الكريم خلف، أكد الأسبوع الماضي أن الانسحاب الأميركي من العراق يجب أن يشمل أيضاً إقليم كردستان، كون الإقليم جزءاً من العراق. وأصدر البرلمان العراقي، أوائل هذا الشهر، قراراً يلزم الحكومة العراقية بإخراج القوات الأميركية من البلاد، وذلك على خلفية قتل الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الإيراني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي». وبينما صدر القرار بغالبية شيعية في البرلمان، فقد رفضه السنة والأكراد الأمر الذي أحدث انقساماً حاداً في المواقف السياسية داخل العراق.
وقال النائب عن محافظة الأنبار محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستبعد «انسحاب الأميركيين من العراق». ولدى سؤاله عن الجدل الخاص بشأن لقاء الرئيس برهم صالح مع الرئيس ترمب، قال إن «الأميركيين أعلنوا موقفهم بشكل واضح، وهو عدم نيتهم الانسحاب من العراق. يُضاف إلى ذلك أنهم يعززون وجودهم في المنطقة وليس العراق فقط»، معتبراً أن «أي حديث بخلاف ذلك لن يكون سوى مضيعة للوقت».
من جهته، أبلغ القيادي في «جبهة الإنقاذ والتنمية» أثيل النجيفي «الشرق الأوسط»، بأن «السنة والأكراد ليست لهم حصة في صناعة القرار السياسي في البلاد». واعتبر أن «القرار السياسي العراقي انفردت به الأحزاب الشيعية الدينية تحديداً، وليست الأحزاب الشيعية العامة التي ربما لديها مواقف أخرى، فضلاً عن المدنيين»، مبيِّناً أن «هذه الأحزاب هي التي تحرك الأمور، وهي التي تقررها في كل المجالات السياسية والعسكرية وسواها، وبالتالي من المستبعد أن تعود هذه الأحزاب إلى مبدأ الشراكة الوطنية في اتخاذ القرارات وصناعتها؛ حيث إن التهور والرعونة هما السمة السائدة في لغة الخطاب السياسي وفي القرار الحكومي، ونتائج ذلك وخيمة مثلما يشاهد الجميع». وتابع النجيفي بأنه «ما لم يكن هناك تنازل من هذه القوى، فإنه لا يمكن تصور أن الأوضاع يمكن أن تصبح أفضل».
قد يهمك أيضا :
الرئيس العراقي يهدّد بالاستقالة بسبب مُرشّح الكتلة الأكبر ويضع السياسين في ورطة
العراقيون ينقسمون بشأن تلويح الرئيس برهم صالح بالاستقالة مِن منصبه
أرسل تعليقك