تُخيّم حالة من التشاؤم على أغلبية مسؤولي الحكومة الشرعية في اليمن، من أن تخضع الميليشيات الحوثية لاتفاق الحديدة بشأن إعادة الانتشار في موانئها في المرحلة الأولى بموجب خطة الجنرال الأممي مايكل لوليسغارد، وذلك رغم الإصرار الأممي الذي يقوده مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث لإنعاش اتفاق استوكهولم الذي مضى عليه أربعة أشهر دون تنفيذ. ولا يزال الأمر عالقًا بين يدي غريفيث الذي وصل إلى صنعاء، حاملاً في جعبته عدداً من الأفكار التي يأمل أن تؤدي إلى موافقة الميليشيات الحوثية على اتفاق الحديدة.
ترجع حالة التشاؤم تلك إلى قناعة المسؤولين اليمنيين بأن الجماعة الموالية لإيران لم تقدِم على التنفيذ وستستمر في المماطلة. في هذا السياق، غرّد رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء صغير بن عزيز، أمس، بقوله: «معروف عن ميليشيات الحوثي أنها لم تخرج من أي منطقة احتلتها إلا بالقوة»، ويتساءل: «هل سمعتم أنهم خرجوا من موقع واحد بصلح أو اتفاق؟».
وفي تغريدة أخرى على «تويتر»، قال بن عزيز: «من المؤكد أن المبعوث الأممي السيد مارتن غريفيث لن يذهب إلى صنعاء إلا إذا حصل على وعد مؤكد من الميليشيات الحوثية بتنفيذ المرحلة الأولى من الانتشار من موانئ الحديدة»، وعاد للقول جازماً: «لن ينفذوا وإن وعدوا» في إشارة إلى الميليشيات الحوثية.
اقرأ أيضًا:
غوتيريش يعلن عن توصل طرفي النزاع اليمني إلى اتفاق بشأن الحديدة وموانئها
وذكرت مصادر ملاحية في صنعاء، أن غريفيث وصل إلى المطار على متن طائرته الأممية دون أن يدلي بأي تصريحات، وكان في استقباله موظفون حوثيون في وزارة خارجية الانقلاب في الحكومة غير المعترف بها. وأفادت مصادر أخرى مطلعة على برنامج زيارة غريفيث، بأنه سيقابل عدداً من قادة الميليشيات الحوثية، بمن فيهم زعيم الجماعة رفقة الجنرال الأممي رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار مايكل لوليسغارد في محاولة لإقناع الجماعة بتفاصيل الخطة في المرحلة الأولى.
وكان من المفترض أن يصل غريفيث إلى صنعاء السبت الماضي، إلا أن عراقيل متعلقة بطائرته الأممية أخّرت رحلته إلى يوم أمس، بحسب ما أفادت به مصادر أممية في وقت سابق. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن مهّد لزيارته إلى صنعاء بلقاء وفد الجماعة الحوثية في العاصمة العمانية مسقط قبل أيام، حيث ناقش أفكاره مع المتحدث الحوثي مع محمد عبد السلام فليتة، قبل أن يتوجه إلى الرياض لمقابلة مسؤولي الحكومة الشرعية ووزير الخارجية خالد اليماني.
ووافقت الحكومة اليمنية قبل أكثر من أسبوع على خطة الجنرال لوليسغارد المعدلة والتي تقضي بإعادة الانتشار الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى باتجاه الشرق مسافة خمسة كيلومترات مع نزع الألغام وإتاحة التحقق من الانسحاب وتسليم خرائط الألغام مقابل إعادة انتشار القوات الحكومية جنوب وشرق الحديدة وفتح ممرات آمنة إلى مخازن الغذاء الأممي في مطاحن البحر الأحمر.
وإذا ما نجحت المساعي الأممية في إقناع الحوثيين بالبدء في عملية إعادة الانتشار، فإن ذلك سيكون مقدمة للشروع في تنفيذ الجزء الثاني من الخطة الأممية التي تتعلق بإعادة الانتشار من ميناء الحديدة والمدينة نفسها، مع إعادة ترتيب الأوضاع الأمنية والإدارية وتطبيع الأوضاع تحت إشراف أممي.
وترفض الجماعة الحوثية - وفق تصريحات زعيمها الحوثي - الانسحاب من الحديدة وموانئها أمنياً وإدارياً ومالياً، وترى أن عناصرها هم المعنيون بالإدارة والأمن والسلطة المحلية، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة الشرعية باعتباره مخالفاً لجوهر اتفاق السويد بشأن الحديدة.
وتتهم الحكومة والقوات الموالية لها الميليشيات الحوثية باستمرار التصعيد الميداني، بما في ذلك قيامها أخيراً بقصف مكان اجتماعات لجنة إعادة تنسيق الانتشار والفريق الحكومي في «مجمع إخوان ثابت» شرقي المدينة، إلى جانب قيامها بإطلاق النار وعرقلة مرور موظفي برنامج الأغذية العالمي إلى مخازن القمع في مطاحن البحر الأحمر.
وأدت خروق الجماعة الحوثية في الحديدة منذ سريان الهدنة الهشة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى مقتل نحو 120 شخصاً وجرح قرابة 700 آخرين، بحسب ما تقول القوات الحكومية. ويوم أمس، أفادت القوات الحكومية باستمرار التصعيد الحوثي في أكثر من منطقة من مناطق الحديدة الساحلية عبر القصف بمختلف أنواع الأسلحة وعبر ترهيب سكان الحديدة في الأحياء الجنوبية.
وقال المركز الإعلامي لقوات ألوية العمالقة: إن الميليشيات استهدفت مواقع قوات ألوية العمالقة في مناطق متفرقة من محافظة الحديدة منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الاثنين. وأضاف المركز في بيان رسمي: «استخدمت ميليشيات الحوثي في عمليات الاستهداف والقصف على مواقع العمالقة مختلف أنواع القذائف والأسلحة المتوسطة والرشاشة في مديرية حيس ومناطق التحيتا والجبلية».
ويرى المبعوث الأممي غريفيث – بحسب تصريحات سابقة - أن مثل هذه الخروق لم تؤثر على وقف إطلاق النار الساري في الحديدة، مع إشارته إلى انخفاض الخسائر في الأرواح بعد الهدنة إلى 50 في المائة.
ويعتقد ناشطون وعسكريون موالون للحكومة الشرعية، أن مساعي الأمم المتحدة مضيعة للوقت وحسب؛ إذ إن الجماعة الحوثية لم يسبق لها الالتزام بأي اتفاق قطعته من قبل، وإن كل ما في الأمر أنها تسعى إلى إطالة أمد الحرب والاستفادة القصوى من وجودها في الحديدة لجني الأموال وعائدات الموانئ ولتهريب الأسلحة الإيرانية
قد يهمك أيضًا:
الحكومة اليمنية تحتجّ على تجاوُز المبعوث الدولي مارتن غريفيث لمهامه
اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين على مرحلة أولى من انسحاب المقاتلين من مدينة الحديدة
أرسل تعليقك