خرج آلاف الجزائريين، الجمعة، بشعار "الشعب لن يتوقف عن الاحتجاج فخذونا جميعا إلى السجن" للتعبير عن رفضهم سجن كريم طابو، أحد أيقونات الحراك الشعبي، الذي دخل جمعته الـ30، مؤكدين مجددا عزمهم إفشال مسعى السلطة بتنظيم رئاسية، بنهاية العام.
وتردد اسم طابو على ألسنة غالبية المتظاهرين، بعد 24 ساعة من إيداعه الحبس الاحتياطي بتهمة «التأثير على معنويات الجيش». وتداول ناشطون بالحراك الفيديو، الذي كان سبباً في اعتقال وسجن طابو، رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي» قيد التأسيس.
ويتضمن الشريط صور تجمُّع عقده طابو بولاية بجاية (250 كلم شرق)، في الثامن من مايو/ أيار الماضي، يذكر فيه أن «ضباط الجيش الشباب المتعلمين سيخلصون المؤسسة (العسكرية) من قبضة قائدها»، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، الرجل الذي يمسك بمقاليد الحكم منذ عزل الرئيس بوتفيلقة في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي.
وسارت حشود بشرية في شوارع «حسيبة بن بوعلي» و«عسلة حسين» و«ديدوش مراد»، قبل أن تتجمع بـ«ساحة موريس أودان»، و«ساحة أول ماي بالعاصمة». ومن أكثر الصور المنتشرة في مظاهرات الجمعة، صورة محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وهو يحمل بذراعيه ابني طابو، وقد لف أحدهما جسده الصغير بالعلم الوطني، وحمل بيده لافتة كتب عليها «لن نركع».
وكان بلعباس أول من ندد باعتقال طابو مساء الأربعاء، من طرف عناصر أمن الجيش. وقد أكد «التجمع» في المساء، إطلاق سراح برلماني الحزب محمد ارزقي حمدوس، بعدما كان اعتُقِل صباحاً من طرف قوات الأمن، التي وُجدت بقوة في العاصمة.
وانتشر فيديو أمس لوالد طابو، الثمانيني، وهو يفخر بابنه «المناضل الذي سُجِن من أجل أفكاره». وقال مقربون من طابو إن مناضلين سياسيين جزائريين يقيمون بفرنسا، طلبوا من بلدية باريس الترخيص لهم بتنظيم مظاهرة، اليوم، تضامناً مع السجين، لكنها رفضت طلبهم، حسب تعبيرهم.
وطالب المتظاهرون خلال مسيرات أمس بالإفراج عن معتقلي الرأي والمساجين السياسيين، وعددهم كبير، أبرزهم لويزة حنون الأمينة العامة لـ«حزب العمال»، ورجل الثورة لخضر بورقعة، وكل المعتقلين تقريباً الذين تعرضوا للمتابعة القضائية بسبب تصريحات ومواقف تخص الجيش وقائده عُدّت مسيئة لهما.
وصبّ حراك الجمعة غضبه على وسائل الإعلام، خصوصاً الفضائيات الخاصة والتلفزيون الحكومي، الذين لا يغطون المظاهرات بأمر من وزارة الدفاع، بحسبهم. علماً بأن جل الصحافيين انتفضوا ضد «الاستبداد» في بداية الحراك، من خلال مظاهرات واعتصامات بمؤسساتهم الإعلامية، وتعرض بعضهم لعقوبات تأديبية.
وخرج المئات إلى شوارع تيزي وزو (100 كلم شرق)، التي يتحدر منها طابو وكان نائبها بالبرلمان في وقت سابق. وطالب المتظاهرون بإطلاق سراحه، وحملوا صوره، ونددوا بالجنرال قايد صالح (عدو الحريات)، الذي اعتبروه «رمزاً من رموز نظام بوتفليقة ينبغي أن يرحل معه».
وبصوت واحد صاح المحتجون أمس: «كرهنا حكم الجنرالات... عليكم أن ترحلوا»، في إشارة إلى سيطرة المؤسسة العسكرية منذ الاستقلال على شؤون الحكم المدني. وجدد المتظاهرون في كل الولايات، التي عاشت مظاهرات كبيرة، أمس، رفضهم إجراء رئاسية نهاية العام، بعكس ما يريد الجيش الذي أعلن قائده أن استدعاء الهيئة الناخبة «من الأجدر» أن يكون الأحد، على أن تعقد الانتخابات بعد ثلاثة أشهر (12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وصادق «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) الجمعة، على مسودة تعديل قانون الانتخابات، وعلى مشروع قانون إنشاء «سلطة وطنية لتنظيم الانتخابات»، ويتضح جليا أن الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح، سيوقع الأحد على مرسوم استدعاء الهيئة الانتخابية، مثلما أراد الجيش. واللافت أنه لأول مرة يشتغل البرلمان في يوم عطلة الأسبوع، وهو ما يفسر، بحسب مراقبين، الاستعجال في تنفيذ الخطة التي رسمتها السلطة، وهي تنظيم انتخابات في أقرب الآجال.
أرسل تعليقك