لا شك أن مصر أصبحت واحده من أكثر الدول جذبًا للاستثمارات الجديدة في صناعة البتروكيماويات، في الشرق الأوسط ولا سيما بعد مساعي وزارة البترول والثروة المعدنية تنفيذ عدد من مشروعات البتروكيماويات الجديدة، وذلك لتعظيم القيمة المضافة للثروات البترولية بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، واستهداف مصر التحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
وكشف عدد من خبراء البترول أهميه هذه الصناعات للاقتصاد القومي فقال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة في الجامعة الأميركية، إن مشروعات البتروكيماويات تعتبر نجاحًا في تنويع مصادر الدخل القومي للدولة، من خلال تدشين مشروعات تنموية وإدارة الملفات الصعبة مثل ملف الاستمرار في تكملة خطة تجديد الإيرادات للدخل القومي المصري، بقيمة مضافة من صناعة الغاز الطبيعي وتهيئة كل المسارات، لتكون مصر مركزًا ومحورًا للطاقة.
وأضاف "القليوبي"، أن توقيع عقود مجمع البتروكيماويات في السخنة وبحجم استثمارات يصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار، لإنشاء 11 مصنع بتروكيماويات في وقت زمني أقل من سنتين، يحقق إيرادًا جديدًا للاقتصاد المصري يُقدر بالمليارات، مشيرًا إلى أن صناعة البتروكيماويات تدخل في العديد من الصناعات المهمة، مثل البلاستيك والهياكل المضغوطة في السيارات والطائرات، وكذلك عوازل الأسلاك والأجهزة الكهربائية والمطاط الصناعي.
وبدوره رأى النائب سيد حجازي عضو لجنة الطاقة بمجلس النواب، إن البتروكيماويات من المشروعات الاستراتيجية المهمة باعتبارها من الصناعات التحويلية، التي تفتح الباب أمام تواجد صناعات مهمة لمصر، لافتًا إلى أن تحقيق القيمة المضافة من الغاز الطبيعي والاكتشافات المتلاحقة مؤخرًا في منطقة شرق البحر المتوسط، تعد حركة توسعية في الصناعة المصرية، خاصة أن الجانب الآخر في استراتيجية الدولة بتصدير الغاز لدول أوروبا، يعد مكسبًا سياسيًا واقتصاديًا مع دول أوروبا.
وأوضح "حجازي" أن مصر ليست وليدة في صناعة البتروكيماويات، ولكن تعد من أكبر الدول العاملة في الشرق الأوسط في هذا المجال، منذ فترة التسعينيات، من خلال نشاط الشركة القابضة للبتروكيماويات، مشيرًا إلى أن هناك مشروعات جديدة يتم تنفيذها حالياً، مثل مشروع معمل تكرير مسطرد، ومشروعات توسعات شركة سيدى كرير "سيدبك" بالإسكندرية لإنتاج البروبيلين ومشتقاته والذي من المقرر تنفيذه على مرحلتين باستثمارات تزيد على 1.7 مليار دولار، مما يساهم بقوة في تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.
وفي سياق متصل قال أسامة كمال وزير البترول الأسبق، في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، إن خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة لا تقتصر فقط على قطاع الغاز الطبيعي وإنما تتضمن كذلك مشروعات كبيرة في قطاعي النفط والبتروكيماويات، مشددًا على أن صناعة البتروكيماويات ستلعب دورًا مهمًا في قطاع الطاقة خلال السنوات المقبلة.
كما قال أحمد هيكل، رئيس شركة القلعة المالكة لمحطة "مسطرد" إن الإنتاج التجاري للمحطة التي ستنتج 4,4 مليون طن سنويًا من المنتجات النفطية سيبدأ في نهاية مايو/ آيار المقبل على أقصى تقدير، مشيرًا إلى أن هذا الإنتاج سيوفر على الدولة واردات وقود قيمتها 2 مليار دولار سنويًا، مؤكدًا أن شركته بدأت درس هذا المشروع منذ عام 2004، نظرًا لوجود تخوفات كبيرة من كمية المنتجات البترولية التي تستوردها مصر وتأثيرها على عجز الموازنة والميزان التجاري.
يذكر أن المهندس طارق الملا، وزير البترول أعلن مؤخرًا أن مصر أوقفت استيراد الغاز المسال في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد أن حققت الاكتفاء الذاتي، موضحًا أنه تم خلال عام واحد وضع 4 حقول مصرية كبرى للغاز في البحر المتوسط على خريطة الإنتاج، وهي حقول ظهر وآتول ونورس وشمال الإسكندرية.
وأضاف "الملا" أن إجمالي معدلات الإنتاج بلغت 6,5 مليار قدم مكعب من الغاز يوميًا وهو ما يعادل الاستهلاك المحلي.
كما أعلن "الملا" أيضًا توقيع اتفاق لتوسيع معمل ميدور للتكرير بما يؤدي إلى زيادة طاقته الإنتاجية بنسبة 60%، موضحًا أن هذا التطوير سيؤدي إلى زيادة الكميات المنتجة في المعمل من البوتاجاز والبنزين العالي ووقود النفاثات والسولار والفحم والكبريت من 4,6 مليون طن حاليًا إلى 7,6 مليون طن، مما يتماشى مع المشروع القومي للدولة بتحويل مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول البترول والغاز.
وأوضح أن هذا التطوير سيسمح أيضًا بإنتاج منتجات عالية الجودة متماشية مع المواصفات العالمية بما يسهم في توفير سيولة دولارية نتيجة تصدير بعض المنتجات ذات المواصفات القياسية العالمية.
أرسل تعليقك