دعا الرئيسان التونسي قيس سعيّد والجزائري عبدالمجيد تبون، إلى أن يقرر الشعب الليبي مصيره بنفسه، وأن تحل تلك الأزمة داخليا، مؤكدان دعمهما لإخراج المرتزقة من ليبيا، وأن تكون القمة العربية المقبلة جامعة وشاملة.جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك للرئيسين في قصر الرئاسة بالعاصمة تونس.وقال سعيّد خلال المؤتمر إن هناك تنسيقا كاملا ومستمرا مع الرئيس تبون في ما يتعلق بالقضايا المطروحة في المنطقة، وعلى رأسها الوضع في ليبيا.وأضاف "أكدنا خلال لقائنا مع الرئيس تبون أن الشعب الليبي صاحب السيادة، وهو يقرر مصيره بنفسه، والحل يجب أن يكون ليبيا - ليبيا".وقال تبون خلال المؤتمر "تطرقنا إلى الأوضاع الإقليمية والقضايا الراهنة، وتبادلنا الرؤى حول القضايا ذات الاهتمام المشترك خاصة الوضع في ليبيا".
وأضاف "أتفق مع الرئيس سعيّد أن الحل في ليبيا يجب أن يكون ليبيا - ليبيا". كما تمنى أن "تتخلص ليبيا من المرتزقة والقوات الأجنبية ويعود الوفاق بين الفرقاء الليبيين".
وأشار إلى القمة العربية المقررة في الجزائر في مارس المقبل، قائلا "نريدها قمة جامعة وشاملة وأن نكسر التفرقة العربية"، وذلك في إشارة إلى مقعد سوريا الذي ظل فارغا منذ عشر سنوات.وكان الرئيس الجزائري قال خلال مقابلة بثها التلفزيون الجزائري في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، إن "سوريا من المفروض أن تكون حاضرة في القمة العربية" التي ستحتضنها بلاده في مارس المقبل.ولفت الرئيسان التونسي والجزائري خلال المؤتمر إلى "الاتفاق خلال المحادثات على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات عدة على غرار الصحة والبيئة". وأبدى تبون ارتياحه لما "أفضت إليه المحادثات الثنائية مع سعيّد".
وقال تبون "حرصنا على دفع التعاون الثنائي وسنعمل على الوصول إلى اندماج اقتصادي ووحدة مشتركة نابعة عن إرادة متماسكة وتوجه استراتيجي، يقوم على استغلال مقومات التقارب الإنسانية والجغرافية والثقافية بين البلدين".وأضاف "اتفقنا على تعزيز الإطار القانوني للتوقيع على عدد هام من الاتفاقيات لتعزيز التعاون في القطاعات الحيوية" دون تفاصيل بالخصوص.
وأشرف الرئيسان التونسي والجزائري على مراسم توقيع 27 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، شملت مجالات العدل والمؤسسات العمومية والداخلية والتعاون اللامركزي والاتصال والإعلام والصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة والبيئة والتجارة الخارجية والثقافة والشؤون الدينية والطاقة والتكوين المهني والصيد البحري والتشغيل والمرأة والطفولة والمسنين والشباب والرياضة والتربية والصحة.
وكان قد وصل تبون إلى تونس الأربعاء في زيارة تستمر يومين، بدعوة من سعيّد، الذي استقبله في المطار لدى وصوله.وتونس هي المحطة الخارجية الثانية للرئيس الجزائري منذ توليه الحكم نهاية 2019، حيث سبقتها زيارته الأولى في شباط/ فبراير 2020 إلى المملكة العربية السعودية.وتندرج الزيارة، بحسب بيان للرئاسة الجزائرية، في إطار "تمتين علاقات الأخوة المتجذرة، بين الشعبين الشقيقين وتوسيع مجالات التعاون، والارتقاء بها إلى مستوى نوعي يجسّد الانسجام التام والإرادة المشتركة، لقيادتي البلدين وشعبيهما".وكان الرئيس التونسي قام بزيارة رسمية للجزائر في شباط/ فبراير 2020، بحث خلالها مع نظيره الجزائري عددا من الملفات المشتركة أبرزها الأزمة في جارتهما المشتركة ليبيا.وأكد مراقبون آنذاك أن الزيارة شكلت لانطلاقة علاقات استراتيجية للبلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والإقليمية، وتبنى البلدان مواقف مشتركة في عدة قضايا إقليمية أبرزها الوضع في ليبيا.
والثلاثاء ذكرت الجريدة الرسمية في تونس أن الجزائر ستُقرض تونس 300 مليون دولار، وذلك في وقت تتوقف فيه المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه تونس أزمة اقتصادية حادة تتزامن مع مسار انتقالي دشنه الرئيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو، عندما اتخذ تدابير استثنائية تنفيذا للفصل 80 من الدستور، حيث جمّد أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وأقال الحكومة برئاسة هشام المشيشي.وتأتي الزيارة لإصلاح العلاقات بين البلدين الجارين، بعد القلق الذي أبدته الجزائر حيال مسار الخامس والعشرين من يوليو، والذي بدا واضحا من خلال التحركات التي دفعت بها السلطة الجزائرية وقتها قبل أن تتراجع.وعكست وقتها الزيارات المكثفة لوزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة واتصالات تبون قلقا جزائريا مما يحدث في تونس، لكن ذلك القلق تراجع وأبدى الرئيس الجزائري دعمه لتونس ورئيسها.
ورسمت الجزائر وتونس برسائل متعددة، محورا جديدا في المنطقة فرضته التحديات الأمنية والاقتصادية المتسارعة.كانت تلك قراءة متعددة الجوانب لخبيرين جزائريين في تصريحات متفرقة لأبعاد زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس.وفي نظر الخبيرين فإن طبيعة العلاقة بين البلدين "تاريخية واستراتيجية منذ عدة عقود"، إلا أن زيادة منسوب التحديات الأمنية تحديدا ألزم الجزائر وتونس على إعادة بلورة تلك العلاقة في قالب "محور استراتيجي".إنه محور يقول الخبيران إن من مسببات ظهوره للعلن هو الأزمة الليبية وتداعياتها الأمنية على المنطقة، وكذا توسيع التنسيق الأمني لمحاصرة مخططات تمدد الجماعات الإرهابية نحو حدود البلدين، سواء الناشطة في الجنوب الليبي ومنطقة الساحل، أو على حدود البلدين عبر جبال الشعانبي.
ويرى الخبيران أن زيارة تبون الأولى لهذا البلد المغاربي حملت معها أيضا "رسائل دعم مطلق" للسلطة التونسية في ظل التوترات السياسية والاقتصادية التي تشهدها، وسط مخاوف جزائرية من انتقال حمى التوترات الأمنية إلى جارتها الشرقية وهي التي تعيش منذ أزيد من عقد في إقليم متوتر من مالي إلى ليبيا مرورا بالنيجر.
وحتى قبل الزيارة، كان واضحاً استباق البلدين المغاربييْن قمة تبون – سعيد بتحضيرات غير مسبوقة في الزيارات الخارجية لرؤساء الجزائر.وبرزت "الأهمية القصوى" التي أولاها البلدان لهذه القمة في تغيير الرئاسة التونسية بروتوكول استقبال الرؤساء عند استضافتها للرئيس الجزائري عبد المجيد، وفق ما أكده في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي.تغيير لم يكن شكلياً فقط في طبيعة وأجندة القمة الجزائرية التونسية، بل كان بارزا في طبيعة الملفات التي طُرحت على طاولة رئيسي البلدين، وكذا في العبارات التي صدرت عن تبون وسعيد والتي قرأها مراقبون على أنها تعدت "المجاملات الدبلوماسية" إلى عناوين لمحور جديد اسمه "محور الجزائر – تونس" وفق الخبيرين.
والأربعاء، وقعت الجزائر 27 اتفاقية في عدة مجالات بحضور الرئيسين التونسي قيس سعيد والجزائري عبد المجيد تبون تتعلق بـ: العدالة، الداخلية، الطاقة والمناجم، الصناعات المتوسطة والمصغرة والناشئة، الصناعات الصيدلانية، البيئة، الشؤون الدينية، التربية والتكوين المهني، الصيد البحري، الإعلام الآلي والثقافة.وطغت الأزمة الليبية على ثاني قمة جزائرية – تونسية، إذ كشف الرئيس التونسي قيس سعيد عن وجود تنسيق مع الجزائر بخصوص الوضع في ليبيا، وشدد على أن الحل بهذا البلد العربي يجب أن يكون "ليبياً – ليبياً".وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري، وصف الرئيس قيس سعيد تنسيق بلاده مع الجزائر حول الوضع في ليبيا بـ"التنسيق الكامل والمستمر والموحد والثابت".
بالإضافة إلى ذلك، كان لجلوس وزيرا داخلية البلدين أمام الرئيسين عبد المجيد تبون وقيس سعيد "بدل وزيري الخارجية" دلالة وفق ملاحظات بعض المتابعين للقمة، وهو البروتوكول الذي أعطى الانطباع بـ"أولوية الملفات الأمنية".ملفات يقول الخبراء إن مضامينها مرتبطة بزيادة التحديات والتهديدات الإرهابية المحيطة بالبلدين بالتوازي مع خشية البلدين من "احتمال تأجيل الانتخابات في ليبيا"، معتبرين أن توقيت قمة البلدين "فيه رسائل واضحة" عن التنسيق والدعم لليبيا والتأهب المشترك لأي سيناريوهات محتملة.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
قيس سعيد يُهاجم "الإخوان" ويؤكد أن من تلقى أموالاً خارجية ليس له مكان في البرلمان التونسي
"مجموعة السبع" تدعو تونس لوضع جدول زمني لعودة المؤسسات الديمقراطية إلى ممارسة مهامها
أرسل تعليقك