كشف تقرير لـ"فوكس نيوز " من داخل الاحتجاجات في إيران عن استخدام النظام الإيراني القوة الوحشية ضد المحتجين بشكل لم يسبق له مثيل منذ استيلائه على السلطة، في مؤشر على خوف النظام الديني من الانهيار وتلاشي فرص نجاته.
وبحسب التقرير فقد استحوذ الإحباط والغضب مرة أخرى على شوارع
هذا الأسبوع، في سلسلة أخرى من الاحتجاجات المميتة والتي أظهرت انقساماً متزايداً بين المواطنين والنظام الديني في البلاد. وفي أعقاب إعلان الحكومة عن خفض الدعم الحكومي وبالتالي الارتفاع الهائل في أسعار الوقود، خرجت أعداد كبيرة من السكان المحليين محتجين واصفين رفع الأسعار بأنها ضربة قاسية في نضالهم الشخصي للبقاء واقفين على أقدامهم من أجل العيش.
ملاحقة الجرحى حتى المستشفيات
وتنقل "فوكس نيوز " عن الناشط أراش وهو خريج جامعي من مدينة بهبهان قوله إن 95% من المتظاهرين هم من الشباب، وتتراوح أعمارهم بين 20 إلى 25 عامًا. ويضيف: "لقد كنت في الشوارع منذ اليوم الأول، واليوم الثاني ثم بدأت قوات النظام في إطلاق النار علينا مباشرة". وتابع قائلا: "لقد قُتل اثنان من أصدقائي بجانبي. أخبرتني ممرضة ألا ننقل الجرحى والشهداء إلى المستشفى بعد أن أرسل الحرس الثوري الإيراني قوات إلى هناك لاعتقالهم".
ويضيف التقرير أن رد فعل الحكومة كان فورياً وقاسياً أكثر من أي وقت مضى في المظاهرات السابقة وفقا لمحتجين . إذ أطلقت القوات الحكومية الرصاص من أسطح المنازل والمروحيات، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وانتقد متظاهرون آخرون عنف الشرطة وتوقعت منظمة العفو الدولية أن يتجاوز عدد القتلى أكثر من 100 شخص، بينما يقول مناهضون للنظام إن أكثر من 200 شخص قتلوا في الاحتجاجات.
كما نقلت "فوكس نيوز " عن حسن (52 عاماً) وهو ميكانيكي سيارات من مدينة ماهشار قوله: "كانوا يقتلون الناس بلا رحمة. أحضروا طائرات هليكوبتر على مدار اليومين الماضيين، واستقلوا حافلات حيث وضعوا المعتقلين، لكن معنويات الناس لا تزال مرتفعة، ولا يتراجعون عن مطالبهم".
وبحسب التقرير، يرى كثيرون أن القمع الوحشي ما هو إلا مؤشر حاسم على أن طهران تتراجع وتخشى من فقدان قدرتها على السيطرة على البلد.
ويقول جيم فيلبس، كبير الباحثين في الشرق الأوسط في إحدى المعاهد الدولية: "لقد استجاب النظام بمزيد من العنف هذه المرة لأنه أكثر يأساً، وقد تبخرت شرعيته السياسية إلى حد كبير في أعين الناس الذين عانوا طويلًا، القوة القسرية هي الآن الخيار الوحيد لديه لضمان بقائه".
وقال علي رضا نادر، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "هذه المرة أظهر الإيرانيون أنهم لا يؤمنون بالإصلاحات حيث يتعرض الإيرانيون، وخاصة النساء، للقمع كل يوم من قبل المرشد الإيراني، علي خامنئي، ويقومون بالتمرد، النظام لا يزال مدججًا بالسلاح ويقاتل من أجل حياته".
وانتشرت مظاهرات هذا الأسبوع في معظم أنحاء البلاد بدءاً من شيراز وطهران والكرج وصولاً إلى مشهد وأصفهان وما وراءها.
تظاهرات مناهضة للاحتجاجات:
من جهته، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني انتصاره على المظاهرات، متفاخراً في اجتماع حكومي في طهران يوم الأربعاء بأنهم "انتصروا في اختبار آخر". وقامت الحكومة هذا الأسبوع بإعداد تظاهرات مناهضة للاحتجاجات. ونشرت المئات من المؤيدين في الشوارع كعرض بصري للقوة ضد التجمعات المناهضة للنظام.
وتنقل "فوكس نيوز " عن بهنام بن طالببل زميل بارز في معهد الدفاع عن الديمقراطية قوله: "النظام خائف. إيران تحاول الآن إغراق المتظاهرين الإيرانيين بمحاولة إنشاء مظاهرات مؤيدة للنظام ، كدليل على النصر. هذه خدعة، لكنها أحد الطرق التي يحاول النظام من خلالها استعادة مصداقيته الثورية، ويزعم أنه ما زال يتمتع بشعبية عندما يكون في أسوأ مراحله".
ويشير التقرير إلى أن الاحتقان تصاعد منذ وقت طويل في جميع أنحاء الدولة المعزولة إلى حد كبير، حيث استمرت العملة في الانخفاض، وارتفعت التكاليف بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية والأدوات المنزلية. لقد شعر الإيرانيون من الطبقة الوسطى بالغضب الشديد من عدم قدرتهم على الحصول على وظائف، وارتفاع تكاليف المعيشة.
دعم أميركي:
وأصدر البيت الأبيض هذا الأسبوع بياناً يدعم الشعب الإيراني، كما أدان النظام الإيراني، لكن العديد من منتقدي النظام يرغبون في رؤية المزيد من واشنطن. ولم تصدر إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترمب بطريقة أو بأخرى تسمية جديدة لفرض عقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان منذ أكثر من عام.
ودعا ألان غولدسميث، المحلل في "متحدون ضد إيران"، واشنطن للبدء بمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان والأشخاص الإضافيين الذين يتحملون مسؤولية كبيرة عن قمع الاحتجاجات الحالية.
ويختم التقرير بالقول إن النظام جاهز ومستعد وقادر على استخدام القوة لإخماد الاحتجاج والاضطرابات فهو يرى فرصة بقائه في خطر.
مفكر إيراني بارز: القمع العنيف سيولد عنفاً مضاداً
اعتبر المفكر الإيراني البارز، عبد الكريم سروش، أن المتظاهرين المحبطين في إيران قد يحملون السلاح إذا رفضت الحكومة تلبية مطالبهم.
وقال سروش الذي يعيش في كاليفورنيا في كلمة له، السبت، إن القمع العنيف للاحتجاجات سيولد عنفاً مضاداً، والناس سيجدون طرقاً أخرى للاحتجاج.
كما ندد في حديثه بالعنف الذي مارسته السلطات لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي هزت إيران لأكثر من أسبوع، قائلاً إن ذلك يدفع بالناس أيضاً نحو العنف عندما لا يجدون أي طريق آخر للتعبير عن إحباطهم.
"حرب عالمية ومؤامرة"!
وكان العميد سالار آبنوش، قائد العمليات في قوات الباسيج، التي شاركت في قمع المتظاهرين، قد وصف الاحتجاجات بأنها "حرب عالمية شاملة" ضد ايران، قائلا إنها "عمت البلاد بشكل مفاجئ".
كما وصف كل من المرشد الأعلى، علي خامنئي، والرئيس، حسن روحاني، سابقاً بعض المتظاهرين بالـ "سفاحين" و"قطاع طرق"، بينما دعت أطراف متشددة في طهران إلى إعدام المحتجين.
إلى ذلك، وصف نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، الأحد، الاحتجاجات التي عمت معظم أنحاء البلاد الأسبوع الماضي بالمؤامرة. وقال فدوي، بحسب ما نقلت وكالة مهر للأنباء "أعمال الشغب كانت عبارة عن مؤامرة كبيرة، تم احتواؤها خلال 48 ساعة"، مضيفاً "جميع الأعداء ضالعون بهذه المؤامرة وكانوا على يقين بأنها سوف تنجح".
وشهدت إيران منذ 15 نوفمبر، وعلى مدى 5 أيام متواصلة، احتجاجات عارمة عمت معظم المحافظات الإيرانية، ضد قرار الحكومة رفع أسعار البنزين.
وفي حين أكدت منظمة العفو الدولية أن عدد قتلى الاحتجاجات أكثر بكثير مما أحصته برقم 115 متظاهراً، ذكر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض، أن الحصيلة بلغت 300 شخص حتى الآن وقد تم التعرف إلى أسماء 99 منهم. كما أشار إلى أن عدد الجرحى تجاوز الـ4000 وعدد المعتقلين الـ10 آلاف.
النظام يبرر القمع الوحشي
تحاول أجنحة النظام الإيراني تبرير حملة القمع الدموية للاحتجاجات الأخيرة ضد رفع أسعار البنزين والضغوط الاقتصادية والمعيشية، بإعطاء الأولوية للأمن ودواعي الحفاظ على البلاد، مما دأبت على وصفها بـ"أعمال الشغب".
وفي هذا السياق، قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، إن الاحتجاجات على رفع سعر البنزين كانت " مؤامرة كبرى" وزعم أن القتلى في صفوف المتظاهرين سقطوا برصاص بعض المحتجين الذين كانوا يحملون مسدسات، حسب ادعائه، رغم أن المقاطع العديدة التي نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل أظهرت بوضوح إطلاق النار مباشرة على المتظاهرين من قبل قوات الأمن.
كما اعتبر فدوي أن " الإنترنت أداة أميركا للشر"، قائلاً إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته مايك بومبيو "ارتعبا" من قطع الإنترنت في إيران أثناء الاحتجاجات، على حد تعبيره.
الأمن قبل الاقتصاد
وفي نفس السياق، الذي يقدم "الأمن ومجابهة المؤامرات" على ما عداه من مطالب معيشية واقتصادية، سألت صحيفة "إيران" الحكومية بعض الخبراء الاقتصاديين عما سيحدث للاقتصاد بعد ارتفاع أسعار الغاز، وما الذي ينبغي عمله لتجنب ضغط أسعار الوقود على المواطنين والمنتجين، فأجاب النائب الأصولي السابق، محمد خوش تشهره، وهو خبير اقتصادي، أن أولوية البلاد هي الأمن وليس الاقتصاد.
كما رأى أن الاقتصاد يأتي في المرتبة الثانية من الأهمية، لأن أساس اتخاذ القرارات السياسية والتشريعات يجب أن يستند الآن إلى اعتبارات أمنية، حسب قوله.
قال نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، الأحد، إن بلاده ستعاقب بشدة من وصفهم "المرتزقة"، الذين اعتقلوا إثر مظاهرات في الشوارع، بعد ارتفاع حاد في أسعار الوقود.
وأكدت السلطات الإيرانية أنها استعادت الهدوء بعد الاضطرابات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد، في 15 نوفمبر، بعد أن رفعت السلطات سعر البنزين، بشكل مفاجئ، بنسبة تصل إلى 200 في المئة.
وذكرت وكالة فارس الإيرانية، الأحد، نقلا عن مسؤولين أنه تم اعتقال 180 من قادة الاحتجاجات التي شهدت إغلاق طرق سريعة وإضرام النار في مصارف ومراكز شرطة ونهب متاجر.
وصرح نائب قائد الحرس الثوري علي فدوي :"بالتأكيد سنرد وفقا للوحشية التي ارتكبوها". وأضاف في مؤتمر صحافي بطهران: "لقد ألقينا القبض على جميع العملاء والمرتزقة الذين قدموا اعترافات صريحة بأنهم كانوا مرتزقة لأميركا وآخرين".
كما قال إنهم على علاقة بجماعة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة التي تعتبرها طهران تنظيما "إرهابيا". واستطرد فدوي: "لقد قبضنا عليهم جميعا، والقضاء سيحكم عليهم بأقسى العقوبات".
إلى ذلك، انتقد الخبراء الاقتصاديون والسياسيون الذين ينتقدون سياسة الحكومة الاقتصادية، محملينها مسؤولية إشعال غضب الشارع.
"الاقتصاد يتبع للولي الفقيه"
بدوره قال أمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محسن رضائي، إن الاقتصاد مثل السياسية يجب أن يتبع توجيهات الولي الفقيه، أي المرشد الأعلى علي خامنئي. ورأى رضائي وهو القائد السابق للحرس الثوري أن "نجاح" إيران في الاقتصاد مرهون بـ " الامتثال لتعليمات المرشد".
وأتى حديث رضائي خلال مؤتمر للجمعية الإسلامية للمهندسين السبت، حيث قال "الاقتصاد في بلدنا، يجب أن يخضع لولاية الفقيه مثل السياسة حتى نضمن النجاح بنفس المستوى الذي وصلنا إليه في مجالي الأمن والدفاع".
احتمال تجدد الاحتجاجات
يذكر أن تبريرات قمع الاحتجاجات المطلبية هذه، أتت بعيد تحذير أئمة الجمعة ووسائل الإعلام وبعض السياسيين من احتمال تجدد المظاهرات في أية لحظة.
وبالتزامن يؤكد ناشطون أن أسباب الاحتجاج ما زالت قائمة كرفع أسعار الوقود والبنزين وارتفاع أسعار السلع الأساسية بما فيها المواد الغذائية تبعا لذلك، فضلا عن عمليات القمع وقتل مئات المحتجين واعتقال الآلاف منهم، بالإضافة إلى الحملة الأمنية المتواصلة التي خلقت ردة فعل وغضب عارم في الشارع.
ولا يزال العدد الإجمالي للأشخاص الذين اعتقلوا بسبب الاضطرابات غير واضح، لكن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قدّر الرقم بأكثر من 1000 شخص الثلاثاء الماضي.
والجمعة، أعلنت قيادة الباسيج (ميليشيات موالية للمؤسسة الحاكمة في طهران) أن الاضطرابات الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود ترقى إلى "حرب عالمية" ضد طهران تم إحباطها، وحملت مسؤوليتها لدول في الخارج على رأسها الولايات المتحدة.
وقال اللواء سالار أبنوش، نائب رئيس ميليشيات الباسيج: "لقد نشبت حرب عالمية ضد النظام والثورة ولحسن الحظ مات الطفل لحظة ولادته".
وأكد المسؤولون الإيرانيون مقتل 5 أشخاص، بينما قالت منظمة العفو الدولية إنه يعتقد أن أكثر من 100 متظاهر قتلوا وأن عدد القتلى الحقيقي قد يصل إلى 200.
قد يهمك أيضا :
انقلابيو اليمن يبدأون مرحلة جديدة لابتزاز ونهب المغتربين وأهاليهم
جنرال "الحديدة" يُحذر من أي إجراءات عدائية تتعارض مع "استوكهولم"
أرسل تعليقك