قدم الرئيس العراقي، برهم صالح، الخميس، بياناً للبرلمان أعرب فيه عن استعداده للاستقالة، فيما غادر بغداد إلى السليمانية. وقال برهم صالح في خطاب للبرلمان إن "مسؤوليتي الوطنية في هذا الظرف تفرض عليّ الاستقالة"، وأضاف: "أقدم استقالتي تفادياً للإخلال بمبدأ دستوري".
وأضاف أن "منصب رئيس الجمهورية يجب أن يستجيب لإرادة الشعب"، لذا "أضع استعدادي للاستقالة أمام البرلمان العراقي". وقال صالح للبرلمان: "مسؤولية الرئيس حفظ السلم الأهلي وحقن الدماء". وقال إنه قد وصلته "عدة مخاطبات حول الكتلة الأكبر تناقض بعضها بعضاً"، مضيفاً: "أعتذر عن تكليف مرشح عن كتلة البناء".
وكانت وكالة الأنباء العراقية أفادت، في وقت سابق، على "تليغرام" بأن رئيس الجمهورية اعتذر عن تكليف مرشح "كتلة البناء"، أسعد العيداني. وقال برهم صالح للبرلمان إن "الحراك السياسي والبرلماني يجب أن يعبر عن إرادة الشعب". وفي أول رد فعل على تقديم صالح استقالته، نقل موقع قناة السومرية عن نائب في "كتلة سائرون" قوله: "نرفض استقالة برهم صالح وندعم موقفه برفض أي شخصية متحزبة".
يأتي ذلك فيما شكر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الرئيس برهم صالح على رفضه تكليف العيداني برئاسة الحكومة. ومن جانبه، قال زعيم "ائتلاف الوطنية"، إياد علاوي: الرئيس برهم صالح قال لي منصب رئيس الجمهورية لا يساوي "فلساً" ما لم يتم تكليف من يخدم الشعب.
وبحسب المادة 75 من الدستور العراقي، يحق لرئيس الجمهورية تقديم استقالته تحريرياً إلى رئيس مجلس النواب، وتعد نافذة بعد مضي 7 أيام من تاريخ إيداعها لدى مجلس النواب. ويحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه، كما يحل محله عند خلو منصبه لأي سبب كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ الخلو. وفي حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، بحل رئيس مجلس النواب محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائب له، على أن يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ الخلو، وفقاً لأحكام هذا الدستور.
من جهة أخري أكد رئيس ائتلاف النصر في العراق رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، الخميس، أن العراق يجني اليوم ما تم زرعه عام 2018، حيث اعتبر أن ما تعانيه البلاد من عقم العملية السياسية والمحاصصة والفساد والفوضى كلها نتاج نظام سياسي مشوّه قائم وفق معادلات وتجاذبات. ولفت إلى أن سبب حالة العراق هو طبيعة النظام السياسي الطائفي الحزبي المنبثق من عقلية الاستحواذ والهيمنة والمصالح وربط العراق بمحاور إقليمية دولية.
وأشار العبادي إلى أن الطريقة التي أفرزت عبد المهدي رئيساً للوزراء، استندت إلى عقلية الإقطاعيات الحزبية، على حد تعبيره، مشدداً على أنه لم يوقع ولم يشترك بتلك الحكومة. وأضاف رئيس الوزراء العراقي السابق أن العامل الخارجي كان له الدور بانبثاق حكومة عبد المهدي بفعل تبعية قرار البعض من الأحزاب، متهماً قوى مرتدة وترى نفسها أكبر من الدولة بتنفيذ الاغتيالات خلال التظاهرات.
يأتي ذلك فيما أعلنت اللجنة المنظمة للتظاهرات في العراق رفضها ترشيح أسعد العيداني، محافظ البصرة لرئاسة الحكومة، محملين إياه المسؤولية عن قتل المتظاهرين في محافظة البصرة، وأنه أحد أدوات وأذرع إيران في العراق، كونه النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العراقي آراس حبيب، المدرج على قوائم الإرهاب.
وقالت اللجنة إن العيداني مسؤول عن قتل المتظاهرين في البصرة وعن انتهاكات صارخة ضد أبناء المحافظة. كما وصفته بأنه أحد الفاسدين الذين خرجت ثورة أكتوبر ضدهم، وطالبت بمحاكمتهم وهو المشرف على تقسيم واردات الموانئ للأحزاب الفاسدة.
وهلي الصعيد الميداني أغلق متظاهرون عراقيون غاضبون في البصرة طرقاً رئيسية وسط المحافظة، من ضمنها الشارع التجاري، احتجاجاً على ما وصفوه بالإصرار على ترشيح أسعد العيداني، محافظ البصرة الحالي، لمنصب رئيس الوزراء. يأتي ذلك فيما ذكرت "وكالة أنباء العراق" أن ائتلاف النصر دعا لتشكيل حكومة مستقلة لقيادة مرحلة مؤقتة.
وكان النائب محمد الخالدي، وبعد لقاء رئيس الجمهورية مع عدد من أعضاء مجلس النواب، أعلن أن الرئيس برهم صالح سيكلف العيداني، اليوم الخميس، رسمياً رئيساً لمجلس الوزراء، ويدعوه لتشكيل حكومته خلال 30 يوماً من تاريخ التكليف. وتشهد البصرة والمحافظات الجنوبية تظاهرات حاشدة وإضرابات بسبب عدم الاستجابة لمطالب المتظاهرين باختيار شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة.
وقال مراسلون إن الأجهزة الأمنية في البصرة رفعت حالة الإنذار في المحافظة إلى المستوى "ج" وحتى إشعار آخر، فيما أقدم العشرات من المحتجين في محافظة البصرة، على حرق إطارات في تقاطعات وشوارع المحافظة، رفضاً منهم لتكليف العيداني بتشكيل الحكومة.
كما شهدت كربلاء تظاهرات حاشدة ضد مرشح الأحزاب أسعد العيداني لمنصب رئاسة الوزراء، وأفاد ناشطون مدنيون في المحافظة بإطلاق مسلحين مجهولين الرصاص ضد المتظاهرين في ساحات الاعتصامات، وبوقوع مواجهات واعتداءات على المحال التجارية.
وأضاف الناشطون أن قوات مكافحة الشغب تدخلت لفض المواجهات وألقت القبض على عدد من المسلحين، فيما لاذ آخرون بالفرار إلى جهة مجهولة. وفي بغداد، نددت تنسيقيات الحراك في التحرير بتحركات الأحزاب وإصرارها على فرض ترشيح أسعد العيداني لمنصب رئاسة الوزراء.
وكان رئيس الجمهورية، برهم صالح، تسلم من "تحالف البناء" كتاباً رسمياً بترشيح العيداني لمنصب رئيس الوزراء، لكنه لم يكلف العيداني بتشكيل الحكومة حتى الساعة. وبحسب الكثير من مصادر، فإن الرئيس سيأخذ برأي بعض الكتل حول ترشيح العيداني، وكذلك رأي الشارع من خلال المتظاهرين قبل تكليفه.
وأسعد العيداني هو ثالث مرشح لرئاسة الوزراء ترفضه ساحات الاعتصام، بعد محمد شياع السوداني وقصي السهيل. محتجو ساحة التحرير رفضوا تكليف العيداني وردّدوا شعارات رافضة لتولي العيداني المنصب ولوحوا بالتصعيد في حال تكليفه. رفض تكليف العيداني امتد لساحات التظاهر جنوب العراق، حيث شدد المتظاهرون على أن المنصب للشخصيات غير السياسية فقط.
من جانبه، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تغريده على موقعه في "تويتر"، دعا إلى إبعاد الفاسدين عن الحكم في العراق، موجها خطابه إلى السياسيين الشيعة والسنة بالقول: "أبعدوا الفاسدين عن الحكم وكفاكم تمسكاً بالسلطة ومغانمها على حساب ظلم الشعب بسبب المال الزائل". يأتي هذا فيما أعلنت "كتلة سائرون" بقيادة الصدر أنها لن تشارك في أي اجتماع يتعلق باختيار رئيس الوزراء الجديد.
وكان متظاهرون عراقيون قد أغلقوا الخميس طرقا، بعضها بإطارات سيارات مشتعلة، في بغداد ومدن في جنوب العراق، ضمن احتجاجات غاضبة ضد القادة السياسيين الذين ما زالوا يتفاوضون للبحث عن مرشح بديل من رئيس الوزراء المستقيل. وتصاعدت سحب الدخان خلال ساعات الليل، في سماء مدن بينها البصرة والناصرية والديوانية، وعلى امتداد طرق رئيسية وجسور تقطع نهر الفرات.
وعند الصباح، رفعت الحواجز عن بعض الطرق، بعد ساعات من قطعها لإعاقة وصول الموظفين إلى مواقع عملهم، بينها طريق يؤدي إلى ميناء أم قصر، في أقصى جنوب العراق، ويستخدم للاستيراد بصورة رئيسية. وسببت هذه القطوعات اختناقات مرورية وشلل على طرق رئيسية داخل وخارج عدد كبير من المدن، كما هو الحال في العاصمة بغداد، التي تعد ثاني أكبر العواصم العربية من حيث عدد السكان. ففي الناصرية، أحرق متظاهرون مجددا مبنى المحافظة الذي تعرض لحرق خلال الأيام الماضية، في حين تشهد المدينة احتجاجات منذ 3 أشهر، كما قطعوا طرقا وجسورا مهمة هناك.
وفي الديوانية، أحرق متظاهرون مقرا جديدا لأحد الفصائل المسلحة الموالية لإيران، واستمروا بقطع طريق رئيسي يربط المدينة بمدن أخرى في جنوب العراق. وتصاعدت موجة الغضب منذ الأحد، بعد أسابيع من الهدوء، في ظل حراك جماهيري قوبل بقمع أدى إلى مقتل حوالى 460 شخصا، واصابة ما لا يقل عن 25 ألفا بجروح، سببه تعنت الحكومة ومن خلفها إيران.
ولم تتمكن الأحزاب السياسية الموالية لإيران من الاتفاق في بادئ الأمر على ترشيح وزير التعليم العالي المستقيل قصي السهيل لتولي منصب رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، كما قوبلت هذه المساعي بمعارضة واسعة من المحتجين.
وتسعى هذه الأحزاب الآن إلى تقديم محافظ البصرة أسعد العيداني الذي يواجه انتقادات حادة بسبب إجراءات أتخذها لقمع تظاهرات خرجت صيف 2018، في محافظته. ويرفض المتظاهرون في عموم العراق أيا من "مرشحي الأحزاب" السياسية التي شاركت في حكم البلاد خلال السنوات الست عشرة الماضية.
وهتف محتجون في مدينة الكوت، خلال تظاهرة حاشدة الخميس وسط المدينة الجنوبية، "نرفض أسعد الإيراني". وقال المتظاهر ستار جبار البالغ 25 عاما، متحدثا من الناصرية، إن "الحكومة رهينة الأحزاب الفاسدة والطائفية" وتابع "سنواصل الاحتجاجات " حتى تحقيق مطالبنا.
قد يهمك أيضًا:
"النواب" العراقي يُصوت على اعتبار ذي قار محافظة منكوبة والخلافات تُطيح بالجلسة
برلمان العراق يُسلِّم برهم صالح كتابًا رسميًّا يُحدِّد كتلة "تحالف البناء"
أرسل تعليقك