بيروت ـ ميشال سماحة
خرج رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، الاثنين، من اجتماعه الثلاثي في قصر بعبدا مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري باجواء ايجابية يمكن التعويل على النقاط التي اتفقوا عليها لمعاودة رؤية الحكومة مجتمعة. وكان ميقاتي وراء هذا الاجتماع لأنه كسر الجليد بين عون وبري ويأمل في البناء على جملة من الإيجابيات التي تحققت.وفي زحمة بث هذه المناخات التفاؤلية لا يبدو ان الازمات الحكومية العالقة في طريقها الى الحل، ولا سيما من طرف حركة "أمل" و"حزب الله"، إذ يؤكد الثنائي "عدم التراجع عن أمور ثلاثة اولها: بت موضوع المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار مع التشديد على عدم القفز فوق صلاحيات المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والتعاطي معه كأنه غير موجود، ولا سيما بعدما وصل كلام الى عين التينة من بكركي مفاده ان على الجسم القضائي ان يصلح نفسه بنفسه.ويصر الثنائي ايضا على عدم التراخي في تحقيقات احداث الطيونة وعين الرمانة. وتأتي بعد هاتين القضيتين مسألة استقالة الوزير جورج قرداحي والتي لا مهرب منها. وقبل تقديم اجوبة عن هذه المسائل لن تجتمع الحكومة بسهولة، وهذا ما شدد عليه بري منذ اليوم الاول لهذه الازمة، وكرره امس في بعبدا، رغم الجهود والمساعي التي يبذلها ميقاتي في هذا الصدد من اجل التئام عنقود الحكومة على طاولة واحدة تنتظرها سلة من المشاريع والاقتراحات التي اعدتها اللجان الوزارية وتحقيق الإيجابيات التي يعمل ميقاتي على تطبيقها وسط كل هذه التحديات.
وحملت زيارة وفد الكونغرس الاميركي الى بيروت جملة من الاشارات حيال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ابرزها ان واشنطن لن تترك لبنان ولن تتعاطى معه وفق المقاربة التي انتهت اليها في افغانستان بعدما سحبت وحداتها العسكرية من هذا البلد وسلمته الى عدوتها اللدودة "طالبان". ولوحظ تصميم الوفد الزائر الذي ضم النائبين داريل عيسى وداريل لحود وهما من جذور لبنانية، اضافة الى رئيس "مجموعة العمل الاميركية من اجل لبنان" ادوار غبريال، على ضرورة دعم لبنان، ولا سيما في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يعيشها مواطنوه. وتربط المجموعة علاقات ممتازة مع اللبنانيين في ميشيغن واكثر من ولاية اخرى. ويشكل عيسى ولحود رأس القائمة في الكونغرس في لجنة الصداقة مع لبنان حيث لم يوفرا فرصة مع زملاء لهم في التطلع الى مساعدة اللبنانيين. وهذا ما شدد عليه الوفد في لقاءاته مع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي قبل نهاية الاسبوع، واستكمله مع الرئيس نبيه بري امس.
ومن الخلاصات التي تم الركون اليها في حصيلة هذه الزيارة:
- لا نية لدى الادارة الاميركية ولا الكونغرس للتخلي عن لبنان، وان الحديث عن تركه لأمره والتعاطي معه على غرار افغانستان يبقى مجرد شائعات لا اساس لها من الصحة، وان واشنطن ستستمر في دعم لبنان ومساعدة مؤسساته، ولا سيما المؤسسة العسكرية، وان الزيارة الاخيرة لقائد الجيش العماد جوزف عون الى واشنطن كانت ناجحة على اكثر من مستوى.
- ثمة دعم مطلق لميقاتي وللدور الذي يؤديه. وهو سمع عبارة من الوفد في لقاء السرايا تلخص حقيقة الموقف الاميركي منه: "شكراً على تولّيك هذا المنصب". ويتبين ان الاميركيين على مختلف توجهات الديموقراطيين الذين تسلموا مقاليد السلطة في البيت الابيض وصولاً الى عدد لا بأس به من الجمهوريين، قد أخذوا يركزون في الآونة الاخيرة على خطورة تدهور الاوضاع المعيشية عند اكثرية اللبنانيين، وان المطلوب التركيز على الامن في البلد ودعم المؤسسة العسكرية. وباتت هذه المواضيع محل مناقشة ومتابعة من الاميركيين اكثر من اسئلتهم واهتمامهم بمصير سلاح "حزب الله"، من دون ان يعني ذلك انهم نحّوا هذا الموضوع جانباً.
- ثمة ترقب لما ستنتهي اليه جولة المفاوضات في الاتفاق النووي بين الايرانيين والاميركيين في 29 الجاري، لانها ستحمل عند الوصول الى خواتيمها جملة من الارتدادات على طهران واكثر من ملف في المنطقة من اليمن الى بيروت.
- وهناك نقطتان ركز وفد الكونغرس عليهما مع المسؤولين اللبنانيين، وهما ضرورة وضع خريطة طريق للاصلاحات الموعودة، والاسراع في ترسيم الحدود البحرية في الجنوب بين لبنان واسرائيل.
وحضر في مباحثات ميقاتي مع الوفد موضوع المفاوضات المفتوحة للحكومة مع صندوق النقد الدولي حيث تسير الامور بسلاسة مع هذه المؤسسة من خلال الوفد الوزاري المتابع برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي. ولمس الصندوق حيوية اكبر في التعاطي على عكس ما كانت تتلقّاه بعثته ابان حكومة الرئيس حسان دياب التي وقعت في جملة من العراقيل في متابعتها هذا الملف. وفي معلومات لـ"النهار" انه سيتم استبدال رئيس بعثة الصندوق الذي كان مكلفاً التواصل مع لبنان برئاسة مارتن ساريسولا الذي يتعامل بقواعد صارمة في المفاوضات، وهو أرجنتيني عانى منه الاردن اثناء مفاوضاته مع الصندوق. وعكس لحود وعيسى استعدادهما مع زملاء لهما في الكونغرس لمساعدة الحكومة في رحلتها مع الصندوق، ولا سيما بعدما تلقى ميقاتي اكثر من رسالة ايجابية من سفراء دول مؤثرة في بيروت، فضلاً عما تلقّاه في قمة المناخ في اسكوتلندا. ولا ينفك الزوار الاجانب للسرايا وغيرها يشددون على مسألة تطبيق لبنان الاصلاحات المطلوبة منه، وان الاولوية يجب ان تركز على معالجة الاوضاع الاقتصادية الخانقة التي تهدد يوميات المواطنين، وان على الحكومة ان تعاود جلساتها لتنفيذ البرنامج الذي وضعته.
ويبدأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي غداً الاربعاء زيارة لدولة الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس الخميس، وفق ما ذكرت وكالة "نوفا" الإيطالية للأنباء.وعلمت الوكالة أنّ اللقاء المزمع عقده ظهر الخميس "سيركّز على عدد من القضايا الداخلية في لبنان والقضايا الدولية وعلى رأسها أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، وإمكانية فتح ممّرات إنسانية تجاه أوروبا".ومن المرجّح أن تتطرّق المباحثات بين ميقاتي والبابا إلى إعادة بناء المدارس والمستشفيات، خاصة بعد الانفجار المدمر في مرفأ بيروت في آب 2020.كما سيتناول الجانبان أيضاً أزمة الكهرباء إلى جانب النقص الحادّ في الوقود وعلاقات لبنان مع دول الخليج العربيّ، وفق وكالة "نوفا".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ميقاتي يُعلن عن منحة اجتماعية للعاملين في القطاع العام
ميقاتي يطلب استمرار التحقيقات لمعرفة أسباب اندلاع الحرائق في لبنان
أرسل تعليقك