تتابعت المواقف العربية والدولية الرافضة لورشة المنامة التي تعقد يومي الثلاثاء والأربعاء في البحرين بتنظيم الإداراة الأميركية، في أولى خطوات "صفقة القرن" التي يرفضها الفلسطينيون كونها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وتنطلق مظاهرات احتجاجية عدة في عواصم عربية مختلفة لتوجيه الدعم إلى الشعب الفلسطيني والتأكيد على موقفه الرافض لصفقة القرن وحقه في تقرير المصير ونيل حقوقه كاملة.
وأعلن لبنان والعراق مقاطعتهما الرسمية لورشة البحرين، مؤكدين التزامهما بالموقف الفلسطيني الرافض لاستبدال الحل السياسي بحلول اقتصادية.
وقال رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إن المؤتمر الدولي المزمع عقده في البحرين هو بمثابة رشوة لدول المنطقة لتقبل بخطة السلام الأميركية، وتابع: "يخطئ الظن من يعتقد بأن التلويح بمليارات الدولارات يمكن له أن يغري لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة على الخضوع أو المقايضة على ثوابته غير القابلة للتصرف، وفي مقدمها رفض التوطين الذي سنقاومه مع الأشقاء الفلسطينيين بكل أساليب المقاومة المشروعة".
وقال بري: "نربأ بما تبقى من الحياء العربي بأن يفسح المجال باستخدام الجغرافية العربية مساحة لتنفيذ حكم الإعدام بقضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين التي ومع الأسف كالعادة تتعرض لمحاولة اغتيال بسلاح المال العربي، كوشنير لن يكون لبنان واللبنانيون شهود زور أو شركاء ببيع فلسطين بثلاثين من الفضة.. إن فلسطين ومسجدها الأقصى وكنيسة المهد قبل أن تكون قضية جغرافية وشعباً هي قضية سماوية وهي بعين أهلها ومقاومتها وبعين رب السماء".
كان وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أعلن في وقت سابق أن لبنان لن يشارك في ورشة البحرين لأن الفلسطينيين لن يشاركوا أيضا، مشددا على أن السلام في المنطقة لن يتحقق إلا بإعادة الحقوق والأراضي المحتلة للبنان وسورية وبإقرار حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، إن العراق لن يشارك في ورشة البحرين، مشيرا إلى أن هذا الموقف هو تأكيد لموقف العراق السابق والثابت تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المحورية للعرب والمسلمين.
وأضاف أن "العراق مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الموحدة وعاصمتها القدس الشريف، ومع الدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرف".
وانتقدت قطر في بيان صادر عن خارجيتها، ورشة البحرين. وقالت إن "هناك تحديات اقتصادية واستثمارية جمّة يرتبط بعضها بمشاكل هيكلية في البنية الاقتصادية والمؤسسية لدول المنطقة ويرتبط بعضها الآخر بالظروف الجيوسياسية الإقليمية والدولية، لذا فإن المعالجة الناجعة لهذه التحديات تتطلب صدق النوايا وتكاتف الجهود من اللاعبين الإقليميين والدوليين وأن تتوفر الظروف السياسية الملائمة لتحقيق الازدهار الاقتصادي".
وأضاف البيان "لن تتوفر هذه الظروف دون توفر حلول سياسية عادلة لقضايا شعوب المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وذلك وفق إطار يرتضيه الشعب الفلسطيني الشقيق يقوم على إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية بالإضافة إلى حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة".
كما أعلنت روسيا والصين مقاطعتهما لورشة البحرين، وقالت الخارجية الروسية، في بيان صدر عنها مؤخراً: "تخطط الولايات المتحدة، على ما يبدو، لتعبئة مبالغ مالية كبيرة، بما في ذلك عن طريق التبرعات، من أجل تحقيق مشاريع استثمارية واسعة النطاق يزعم أنها تستهدف تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين المقيمين في فلسطين ذاتها وكذلك في الأردن ومصر ولبنان وسوريا".
وأكد البيان أن القيادة الفلسطينية رفضت قطعيا المشاركة في هذا المشروع، مشيرة إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تمنح أي جهة حقوقها الاستثنائية في اتخاذ القرارات المصيرية حول تحقيق الطموحات القومية الفلسطينية.
وشدد "من الواضح أن الحديث يدور، خاصة بعد المؤتمر الفاشل عمليا في وارسو، حول محاولة أميركية جديدة لتغيير الأولويات للأجندة الإقليمية وفرض ما يسمى برؤية بديلة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأشارت روسيا في بيانها إلى أن "السعي الدؤوب إلى تبديل مهمة تحقيق حل سياسي شامل بحزمة من المكافآت الاقتصادية، وتمييع مبدأ إقامة دولتين للشعبين، يثير قلقا عميقا".
وأكد البيان "تمسك روسيا بنهجها المبدئي، الذي ينص على رفض الانحراف عن القاعدة القانونية الدولية بشأن التسوية في الشرق الأوسط، بما في ذلك القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومبدأ السلام مقابل الأراضي المصدق عليه في مؤتمر مدريد عام 1991، ومبادرة السلام العربية المعلنة في 2002".
وقال سفير الصين لدى فلسطين، كواه وي، أن بلاده، وروسيا، اتفقتا على عدم المشاركة في ورشة البحرين، مؤكداً موقف الصين "الداعم للقضية والشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير والاستقلال وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
والتزمت الدول الأوروبية الصمت حيال المشاركة في ورشة البحرين من عدمها، ولم يصدر الاتحاد الأوروبي أي بيان في هذا الشأن.
كانت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني قالت: إن حضور الاتحاد للورشة سيكون على مستوى تقني فقط، مؤكدةً أن ذلك لن يلقي بظلاله بأي شكل من الأشكال على التزام الاتحاد الأوروبي القوي والواضح الذي تشاركه جميع الدول الأعضاء بشأن الحاجة إلى حل سياسي لإقامة دولة فلسطينية، تعيش جنبا إلى جنب مع الدولة الإسرائيلية، مع وضع واضح للقدس، ومع احترام المعايير الدولية المعروفة بوضوح.
كانت القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، أكدت مقاطعتها لورشة البحرين، منذ اللحظة الأولى للإعلان عنها، ودعت كل دول العالم إلى مقاطعتها.
وقال الرئيس في تصريحات لوسائل إعلام أجنبية، الإثنين، "إن ورشة المنامة لن يكتب لها النجاح"، مستبعدا أن "تخرج بنتائج لأنها بنيت على خطأ، وما بني على باطل فهو باطل".
وأضاف "مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة إلى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 وفق قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا"، وتابع: "أما أن تحول أميركا القضية من سياسية إلى اقتصادية فقلنا لن نحضر إلى المنامة ولا نشجع أحدا للذهاب هناك".
وقد يهمك أيضًا:
وزير خارجية السعودية يؤكد أن المملكة سترد بقوة وحزم على أي اعتداء
المملكة السعودية تُعلِّق على تقرير "الأمم المتحدة" بشأن مقتل خاشقجي
أرسل تعليقك