الرباط ـ رضوان مبشور
قامت مجموعة من القيادات البارزة في حزب "الاستقلال" المغربي المشارك في الائتلاف الحكومي بإعداد عريضة لجمع التوقيعات للمطالبة بالانسحاب من الحكومة المغربية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، بعد عام ونصف فقط من تشكيلها.ووقع على اللائحة 160 عضوا من أعضاء المجلس الوطني للحزب والاتحاد العام للعاملين الدرع النقابي لحزب الاستقلال، بالإضافة إلى قيادات
في الشبيبة الاستقلالية والمرأة الاستقلالية، ومختلف الهيئات والروابط المهنية التابعة لحزب "الاستقلال"، بغرض تقديم عرائض التوقيعات على أنظار المجلس الوطني للحزب المزمع عقده السبت المقبل في الرباط. ومن شأن خروج حزب "الاستقلال" إسقاط حكومة بنكيران، بحيث سيفقدها للأغلبية المطلقة التي تتمتع بها في البرلمان، كونه يتوفر على أزيد من 60 مقعدا برلمانيا.وقالت مصادر "مصر اليوم" إن مُعِدِّي العريضة شرعوا منذ الثلاثاء في التعبئة وحشد الدعم، داخل مختلف الجهات والأقاليم، من أجل جمع أكبر عدد من التوقيعات لإقناع أعضاء المجلس الوطني للحزب بتبني هذه العريضة والانسحاب من حكومة عبد الإله بنكيران.وأضافت مصادر "مصر اليوم" أن مختلف الهيئات النقابية والعمالية والشبابية والنسائية التابعة للحزب، ستصدر في وقت لاحق بيانات لمطالبة المجلس الوطني للحزب بالانسحاب من الحكومة في الاجتماع الذي سيعقد السبت المقبل.وأكدت المصادر أن هذه الخطوة جاءت بعد الهجوم شديد اللهجة الذي شنه عبد الإله بنكيران على الأمين العام لحزب الاستقلال، خلال اجتماع الأغلبية الحكومية بداية الأسبوع الجاري، والذي لم تستسغه قيادة حزب "الاستقلال"، حيث طلب منه الاعتذار أمام مكونات الأغلبية الحكومية كافة على التصريحات التي أدلى بها لمختلف وسائل الإعلام وأيضا خلال المهرجان الخطابي الذي نظمه حزبه في الأول من أيار/ مايو، حيث طالب من الحكومة المغربية باسترجاع الصحراء الشرقية ومناطق بشار وتندون من الجزائر، باعتبارها دولة مستعمرة لأراض مغربية، كما اتهم وزراء في حكومة بنكيران بالدخول للبرلمان في حالة سكر، إضافة لوصفه وزراء الحكومة بـ"المقصرين في عملهم"، ومطالبه التي لا تتوقف بشأن التعجيل بإجراء تعديل حكومي.وأكد عضو المجلس الوطني للحزب البرلماني الاستقلالي عادل تشيكيطو، أن "هناك اتجاهاً قوياً داخل المجلس لاتخاذ قرار الانسحاب، لأن الاستقلاليين أصبحوا لا يطيقون التسيير الانفرادي لحزب العدالة والتنمية للشأن الحكومي، كما أن أعضاء المجلس الحكومي يلحّون على الحسم في قرار نهائي، إما البقاء داخل الحكومة والعمل إلى جانب مكوناتها، أو الانسحاب والعمل إلى جانب المعارضة".وفي مقابل ذلك رحب عضو الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم عبد العزيز أفتاتي بمبادرة حزب "الاستقلال" الداعية للانسحاب من الحكومة، وأمر حزب شباط بتقديم "ملتمس رقابة" على أنظار أعضاء البرلمان للبث في شرعية الحكومة من عدمها، واصفاً المبادرة بـ"الجيدة والممتازة"، مضيفا أن "هذه الخطوة من شأنها أن تفرز بين مواقف الأشخاص"، في إشارة واضحة لخرجات الأمين العام للحزب حميد شباط، ومواقف المؤسسة الحزبية لـ"الاستقلال".وفي تعليقه على سيناريوهات انسحاب "الاستقلال" من الحكومة، استبعد عبد العزيز أفتاتي لجوء بنكيران للبحث عن حلفاء جدد لتعويض حزب "الاستقلال" في الأغلبية الحكومية، مؤكدا أن "احتمالات اللجوء لهذا الخيار تبقى ضعيفة"، مُرجحا "إجراء انتخابات سابقة لأوانها"، موضحا أن "حزب العدالة والتنمية سيكون آنذاك مضطرا لإعادة القضية إلى الشعب الذي له واسع النظر".
أما قيادات كل من حزبي "التقدم والاشتراكية" و "الحركة الشعبية" المشاركين أيضا في الائتلاف الحكومي، فقد رفضوا التعليق على تهديدات حزب "الاستقلال" بالانسحاب من الحكومة، معتبرين أن الصراع يقتصر فقط بين حزبي "الاستقلال" و "العدالة والتنمية"، كما أن "المغاربة ملّوا من هذه المزايدات السياسية والصراعات الضيقة، وينتظرون إصلاحات كبرى وعميقة تمس حياة المواطن المغربي المليئة بالانتظارات".
وقال عضو الأمانة العامة لحزب "الأصالة والمعاصرة" المعارض حكيم بنشماس، ساخراً من صراعات مكونات الأغلبية الحكومية التي وصفها بـ"صراعات الديكة"، وقال "نتمنى أن تكون الحكومة في صلب تطلعات المواطنين، عوض صرف الجهد والطاقة في معارك جانبية لن تطحن قط سوى الهواء، مثلما فعل دون كيشوت في الأسطورة الإغريقية المشهورة".
وقال عضو اللجنة المركزية لحزب "الاستقلال" والناطق الرسمي باسم الحزب عادل بنحمزة إن "معركتنا ضد بنكيران ستكون داخل المجلس الحكومي"، مشيرا إلى أن "الحزب بصدد إعداد تقرير مفصل عن بعض القرارات التي سيتم مناقشتها داخل هذا المجلس، دون أن تخرج إلى العلن".
وبخصوص البيان الأخير الصادر عن المجلس الحكومي، والذي عبر فيه عن إدانته لتصريحات شباط خلال احتفالات الأول من أيار/ مايو الجاري، وموقف وزراء حزب الاستقلال منه، أفاد بنحمزة بأن "وزراء الحزب الذين حضروا الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية، أخبروا شباط أنه لا علم لهم بكيفية اتخاذ القرار، مؤكدين أن قرار إصدار بيان لم تتم مناقشته داخل اجتماع المجلس الحكومي، وهو ما اعتبرته قيادة "الاستقلال" قراراً انفرادياً "تم طبخه بين وزراء العدالة والتنمية ووزراء التقدم والاشتراكية"، وهو ما جعل أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، يُعبّرون عن استغرابهم الشديد من مجلس الحكومة من مؤسسة دستورية ذات مهام واضحة على رأسها خدمة الشعب، إلى جلسات لصياغة البيانات التضامنية مع أعضائها، في حين كان على الحكومة أن تتضامن مع الشعب المغربي في هذه الظرفية الاقتصادية الصعبة".
وأكد عادل بنحمزة أن "حكومة عبد الإله بنكيران تجاهلت المذكرة التي تقدم بها حزب الاستقلال، وهو ما سيكون مطروحاً بشدة على أمام المجلس الوطني لاتخاذ القرار المناسب"، مضيفاً أن قيادة الحزب سبق وأن منحت المهلة الكافية لرئيس الحكومة للتعامل مع هذه المذكرة"، مشيراً أن "هذه المهلة انتهت والمجلس الوطني للحزب سيد نفسه، والاستقلاليون لمهم الصلاحيات كلفة لاتخاذ القرار الأنسب".
أرسل تعليقك